الخميس الأول من سينما "اللقاءات المتوسطية لسينما حقوق الإنسان" لسنة 2014 اختار الاحتفاء بالزعيم الإفريقي "نيلسون مانديلا" كوجه من وجوه النضال العالمي من أجل حقوق الإنسان وتكريما لمساره الشاق والطويل في فضح فضاعات نظام الميز العنصري الذي أرسته الأقلية البيضاء ضد أغلبية المواطنين السود في جنوب إفريقيا. الاحتفاء ب"ماديبا"، وهو اللقب الذي يطلق على مانديلا تحببا، جاء من خلال الاحتفاء بإحدى التحف السينمائية المغربية والمتمثلة في فيلم "أموك" للمخرج سهيل بنبركة والذي تم إنتاجه سنة 1982 للتعريف بنضال السود وإظهار الوجه القبيح لسياسات "الابارتايد". فيلم "أموك" يظهر المعاناة في ظل نظام قاس ولا إنساني عبر قصة المعلم "ماثيو سامبالا" الذي يغادر قريته الصغيرة نحو مدينة جوهانسبورغ ليجد أن الفقر دفع أخته "جوزيفين" لإمتهان الدعارة وأن ابنه تحول الى قاتل يعمل تحت الطلب بينما أخوه الأصغر يرافق الموت وإمكانية الاعتقال بشكل يومي بسبب اختياره للعمل السري من داخل تنظيم نقابي يتأرجح ما بين النضال السلمي وضرورة الكفاح المسلح في لحظات اليأس التي تأتي من مشاهد العنصرية والاحتقار والتعذيب الذي يتجاوز كل وصف. فيلم "أموك" يظهر جانبا خفيا من السينما المغربية وهو المتمثل في محاولات سهيل بنبركة إنتاج فيلم ضخم على مستوى كلفة الإنتاج رغبة من المخرج، على ما يبدو، في إعطاء بعد دولي للإنتاج السينمائي المغربي وذلك باختيار مواضيع كونية وقضايا حركت الوجدان العالمي كقضية الأفارقة السود أيام نظام "الابارتايد". الفيلم اختار ممثلين دوليين لأداء الأدوار وصُوِر بدولة غينيا-كوناكري كما حاز على رضا الجمهور، وقت عرضه، خاصة أن عمل سهيل بنبركة كان من الأفلام الأولى التي تناولت نظام الفصل العنصري، زمن الصمت والتواطؤ، وهو ما جعل الإنتاج المغربي يحظى بتقدير كبير وجوائز من بينها الجائزة الذهبية لمهرجان موسكو سنة 1983. على هامش إطلاق جمعية "اللقاءات المتوسطية لسينما حقوق الإنسان" برنامجها الشهري "خميس السينما" قالت فدوى مروب إن ميدان النضال من أجل حقوق الإنسان سيكون ثقافيا بامتياز، وأردفت رئيسة الجمعية، في تصريحها لهسبريس، أن فريق "خميس السينما" المنظم مساء آخر خميس من كل شهر اختار الشاشة الكبرى كوسيلة بيداغوجية ورافعة لدعم ثقافة حقوق الإنسان لأن المنظمات الحقوقية أهملت هذا المجال ولأن القوى المحافظة والمعادية لقيم الحرية والمساواة والبعد الكوني لحقوق الإنسان تعمل جاهدة للقضاء على السينما وتحجيم دورها. فدوى مروب صرحت أيضا أن النقاش الذي يلي عرض الأفلام يعد فضاء للقاء وتطارح الأفكار المختلفة والمتناقضة أحيانا مما يجعل المناسبة تمرينا على احترام الآخر والإقرار بوجود الاختلاف ونسبية الأفكار وهي عوامل تساعد على خلق فضاءات الديمقراطية و إشاعة فضائلها. يشار أن "خميس السينما" المنظم من طرف جمعية "اللقاءات المتوسطية لسينما حقوق الانسان" ينظم بدعم The European Endowment for Democracy' والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمركز السينمائي المغربي وبشراكة مع هسبريس.