تكريما لروح المناضل الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، عرضت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان (ARMCDH)، أول أمس الخميس 30 يناير، بقاعة الفن السابع بمدينة الرباط، فيلمين سينمائيين حول الميز العنصري بإفريقيا. فيلم أزور وأسمر يتعلق الأمر بالفيلم الروائي المغربي الطويل "أموك" للمخرج سهيل بن بركة، وفيلم الرسوم المتحركة الطويل ''أزور وأسمر'' للمخرج الفرنسي المتخصص في الرسوم المتحركة ميشال أوسلو. وصاحب عرض "أموك"، الذي سيعاد عرضه يوم الأحد 2 فبراير في إطار خميس السينما وحقوق الإنسان، نقاش نشطه خالد الشكراوي مدير معهد الدراسات الإفريقية. ويعد فيلم "آموك"، الفائز بالجائزة الأولى من مهرجان موسكو سنة 1983، أول عمل درامي طموح ضد العنصرية من إنتاج مغربي سنيغالي غيني، أخرجه المغربي سهيل بن بركة عام 1982، بعدما استفزته سلوكات سلطات الميز العنصري بجنوب إفريقيا أثناء رحلته إلى مدغشقر رفقة صديقيه المخرج الإيطالي الشهير باوزليني والإفريقي عثمان سمبين. وحسب بن بركة، فإن الاستفزاز "حدث أثناء سفرنا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الجنوب إفريقية، من روما إلى تاناربي بمدغشقر سنة 1973. مع مجموعة من السينمائيين، كان من بينهم المخرجان الإيطالي الشهير باوزليني والإفريقي عثمان سمبين، فلما صعد رجال الأمن العنصريون إلى الطائرة لمراقبة الجوازات، قسموا الركاب إلى ثلاثة أجناس الأوروبيون البيض في المقدمة، ثم العرب ومن بينهم سهيل بن بركة، وأخيرا الأفارقة السود ومن ضمنهم المخرج سمبين". وثم تكرار الفعل نفسه، حسب بن بركة، "في مطار جوهانسبورغ، حيث اضطر الركاب إلى الإقامة مدة غير يسيرة قبل تغيير الطائرة، فأنزل الأوروبيون مرة أخرى في غرفة فخمة، ثم العرب في أخرى متوسطة، بينما حشر السود في مرآب أشبه بالإسطبل". فهذه الحادثة يقول ابن بركة "استفزتني، ففكرت في إخراج فيلم يتحدث عن الميز العنصري الإفريقي". ومن بين المشاركات في الفيلم المغنية والحقوقية الجنوب إفريقية مريم ماكيبا، التي صاحب صوتها الفريد من نوعه فيلم سهيل بن بركةAmock ، من خلال أغان خصت بها نيلسون مانديلا عندما كان سجينا في جزيرة روبن إيسلند، ولباتريس لومومبا المناضل الكونغولي الشهير، كما غنت لإفريقيا والبؤس والسلام و الحرية. ويعد سهيل بنبركة من المخرجين المغاربة الأوائل، الذين رسموا مسار السينما المغربية ومنحوها خبرتهم وتجاربهم، سواء من خلال أعمالهم الفنية المميزة، أو من خلال عملهم الإداري في المؤسسات العمومية الوصية على هذا المجال. فأعمال بن بركة، حسب مجموعة من النقاد، تدفع دائما إلى اختراق الزوايا المظلمة لنقط معينة، تهتم بحلقات جوهرية داخل المجتمع وخارجه، عبر توظيف المواضيع المستفزة والقادرة على جلب الجمهور والتفاعل معها. وسينما سهيل بن بركة سلسة في أسلوبها وواضحة في أفكارها، تنقل الواقع بشفافيته وآلامه، هذه السينما تنفي عن نفسها الترميز والتعقيد، اللذين قد يؤثران على تجاوب المتلقي ويشوشان على رؤيته للقضايا المعروضة أمامه، وقد اتبعت في أسلوبها طريقة توفيقية في تحريك الصورة ومنحها جمالية ولغة فنية، تتماشى ومتطلبات المشاهد العربي والغربي على حد سواء. سهيل بن بركة ولد سنة 1942 بمالي من عائلة تتحدر من مدينة كلميم، درس علم الاجتماع والصحافة بإيطاليا، كما حصل على شهادة التخرج من المركز التجريبي للسينما بروما، في ستينيات القرن الماضي أخرج بن بركة للتلفزة الايطالية la RAI العديد من الأفلام الوثائقية ذات الصبغة السوسيولوجية، وبرجوعه إلى المغرب سنة 1972 عمل بن بركة بصفته مخرجا ومنتجا وموزعا للأفلام، وعين من سنة 1986 إلى سنة 2003 مديرا للمركز السينمائي المغربي. تتضمن فيلموغرافية بن بركة العديد من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية، ويعتبر بذلك من أغرز المخرجين المغاربة إنتاجا، ومن هذه الأفلام ("الماء" 1970- "مليكة، بنت الصباغ" 1973، و"أهل الموسم" 1975، والمسيرة الخضراء" 1975، وإشبيلية 1992، و"مسجد الحسن الثاني" 1993، وألف يد ويد" 1972، و"حرب البترول لن تحدث" 1974، و"عرس الدم" 1977، و"أموك" 1982، و"طبول النار أو فرسان المجد" 1991، و"ظل فرعون" 1996، و"عشاق موكادور" 2002). أما ''أزور وأسمر'' لميشيل أوسلو فمن إنتاج فرنسي بلجيكي إسباني إيطالي مشترك، وتم عرضه في مهرجان كان 2006، ضمن برنامج أسبوع المخرجين، كما عرض في مهرجان أفلام الأطفال السينمائي في لندن، ويبدو الفيلم بمثابة قصة من قصص "ألف ليلة وليلة"، لكنه ليس موجها للأطفال فقط، بل للكبار أيضا، حيث يحاول أن يبلغ رسالة نبيلة وسامية مفادها ''تحابوا ولا تباغضوا''. وتجدر الإشارة إلى أن خميس السينما وحقوق الإنسان لقاء تنظمه جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان ARMCDH آخر خميس من كل شهر بالرباط بقاعة الفن السابع، بشراكة مع المركز السينمائي المغربي (CCM) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (CNDH).