في ثاني أيام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، الملتئمة بعاصمة النخيل مراكش، قدّم خبراء صندوق النقد الدولي، صباح اليوم الثلاثاء، تقريرهم السنوي المحيَّن عن "آفاق الاقتصاد العالمي"، موسوماً بعنوان "اجتياز المسارات العالمية المتباعدة". وتوقع "تقرير آفاق الاقتصاد العالمي – أكتوبر 2023" أن تحقق منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى نموا ب3,4 في المائة العام القادم، على أن يصل عند متم العام الجاري إلى 2 في المائة. وضربت المؤسسة الدولية المالية، في تقريرها الصادر من مراكش بمناسبة الاجتماعات السنوية التي عادت إلى الأرض الإفريقية بعد 50 سنة، المثال بأحد أكبر اقتصاديْن صاعدين في منطقة "مينا"، هما المملكتان المغربية والسعودية، ضمن آفاق النمو الاقتصادي المتوقعة. ورغم تباطؤ مرتقب لدينامية الاقتصاد العالمي، لا سيما في الاقتصادات المتقدمة، إلا أن نمو الاقتصاد المغربي "سيرتفع من 1,3 في المائة سنة 2022 إلى 2,4 في المائة سنة 2023، قبل انتعاشة طال انتظارها ليقارب نسبة 3,6 في المائة سنة 2024′′، في سياق "مدعوم بتراجع وانخفاض وانحسار موجة الصدمة التضخمية"، و"انخفاض معدل البطالة بالمغرب إلى 11,7 في المائة سنة 2024". تقرير "الآفاق" حمل بين ثناياه ومضامينه "بشارة" لاقتصاد المغرب لكنها مازالت تعتمد على توقعات فقط، إذ "من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم من 6,6 في المائة سنة 2022 إلى 6,3 في المائة سنة 2023 ثم إلى 3,5 في المائة سنة 2024". "تباطؤ" نمو الناتج العالمي "ملخص الفصول التحليلية" الذي اطلعت عليه جريدة هسبريس الإلكترونية، أكد بوضوح أن "تنبؤات السيناريو الأساسي" تشير وترجّح "تباطؤ نمو الناتج العالمي" من 3,5 في المائة في عام 2022 إلى 3,0 في المائة في عام 2023، قبل أن يكون مستقرا في 2,9 في المائة بحلول نهاية عام 2024. وقال خبراء صندوق النقد، ضمن جلسة تقديم التقرير، معلّقين على مضامينه، إنهم "سجلوا عموما تراجعا ملحوظا عن المتوسط التاريخي طيلة العقدين الأوليَيْن من العام الجاري (2019-2020) البالغ 3,8 في المائة"، مشددين على أنه "لا يزال التعافي العالمي بطيئاً بسبب استمرار تداعيات الحرب في أوكرانيا، مع تزايد التباعد بين المسارات الإقليمية وضآلة هامش الخطأ في السياسات". ومن المتوقع تباطؤ النمو في الاقتصادات المتقدمة من 2,6% في عام 2022 إلى 1,5% في عام 2023 ثم 1,4% في عام 2024 مع بدء ظهور بوادر التأثير الموجع لتشديد السياسات. ويُتوقع أن تسجل اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية انخفاضا محدودا في معدلات النمو من 4,1% في عام 2022 إلى 4,0% في عامي 2023 و2024 نتيجة استفحال أزمة القطاع العقاري في الصين. التنبؤات ذاتها لفتت إلى "تراجع مُطّرد في التضخم العالمي" من 8,7% في عام 2022 إلى 6,9% في عام 2023 و5,8% في عام 2024 بفضل السياسات النقدية المشدَّدة، مدعومة بتراجع الأسعار الدولية للسلع الأولية مقارنة بالعام الماضي. وتابع ملخص التقرير: "قد ثبت أن التضخم الأساسي أكثر جموداً عمومًا مقارنة بالتضخم الكلّي، ويُتوقع انخفاضه بوتيرة أكثر تدرجاً". تمفصُلات التقرير الفصل الأول ركز على دراسة "الآفاق والسياسات العالمية"، مؤكدا "وجوب التزام الدول بالسياسة النقدية بمسارها الحالي للوصول إلى مستويات التضخم المستهدَفة، بينما يتعين ضبط أوضاع المالية العامة لمعالجة الارتفاع الحاد في مستويات الدين". وتعد الإصلاحات الهيكلية، حسب تقرير صندوق النقد، "عنصرا حيويا لانتعاش آفاق النمو على المدى المتوسط في ظل ضيق حيز السياسات المتاح"، موصيا ب"تعزيز الأطر متعددة الأطراف ومساندة محافل التعاون الدولي القائمة على القواعد من أجل التعجيل بالتحول الأخضر، وزيادة الصلابة في مواجهة الصدمات المناخية، وتعزيز الأمن الغذائي لملايين البشر". أما الفصل الثاني فسلط الضوء على "تدبير التوقعات: التضخم والسياسة النقدية"، فيما جاء الفصل الثالث تحت عنوان بارز هو "التشرذم وأسواق السلع الأولية: مواطن الضعف والمخاطر". وخلال المنعطف الراهن، يضيف التقرير سالف الذكر، فإن "إجراءات وأطر السياسة النقدية يشكّلان عاملاً بالغ الأهمية في سبيل الحفاظ على ركيزة التوقعات التضخمية". ويوثق الفصل الثاني أحدث اتجاهات التوقعات التضخمية على المديين القريب والمتوسط وعبر مختلف الوحدات الاقتصادية. ويؤكد أهمية الدور التكميلي لأطر السياسات النقدية، بما في ذلك استراتيجيات التواصل، في المساعدة في خفض معدل التضخم بتكلفة أقل على الناتج من خلال إدارة التوقعات التضخمية للوحدات الاقتصادية. ومع تزايد المخاوف بشأن التشرذم الجغرافي/الاقتصادي، يتضمن الفصل الثالث تقييما لتأثير اضطرابات التجارة العالمية في السلع الأولية على أسعار السلع الأولية، والنشاط الاقتصادي، والتحول إلى الطاقة الخضراء. ومن أبرز الخلاصات التي اطلعت عليها هسبريس أن "ثمة حاجة للتنسيق بمزيد من السرعة والكفاءة بين الأطراف المعنية بتسوية الدين لتجنب الوصول إلى حالة المديونية الحرجة"، و"حاجة أيضا للتعاون بهدف التخفيف من آثار تغير المناخ وتسريع عملية التحول الأخضر، بما في ذلك (كما يوضح الفصل الثالث) عن طريق ضمان تدفقات الموارد المعدنية الضرورية بانتظام عبر الحدود".