توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد المغربي انكماشا طويل الأمد، فخلال السنوات القادمة سيعرف النشاط الاقتصادي تباطؤا واسعا فاقت حدته التوقعات، مع تجاوز معدلات التضخم مستوياتها المسجلة خلال عدة عقود سابقة. وجاء في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" أن معدل النمو في المغرب لن يتجاوز 0.8 في المائة عند متم العام الحالي، بينما في عام 2023 يسشهد نموا في اقتصاده ب 3.1 في المائة، وفقا للتوقعات التي تقدر معدل النمو في أفق عام 2027 بأنها لن تتجاوز 3.4 في المائة. وأفاد التقرير أن متوسط معدل النمو خلال العشرية السابقة الممتدة من 2004 إلى 2013 استقرت عند 4.6 في المائة، وهو رقم لا يرقى إلى التطلعات كي يلحق المغرب بركب الاقتصادات الناشئة، أي عليه أن يحقق نسبة نمو بين 7 و8 في المائة خلال 15 إلى 20 سنة. أفضل رقم حققه المغرب خلال العشرية الأخيرة، كان هو 7.9 في المائة كمعدل نمو سنوي خلال عام 2021، ومع استثناء عام 2020 التي عرف فيها النشاط الاقتصادي ركودا وتدهورا بنسبة 7.2 في المائة. غلاء وبطالة وعجز بخصوص أزمة غلاء المعيشة، أفاد التقرير أنها سوف تشتد ب 7 في المائة عند متم 2022، وستعرف أسعار الاستهلاك زيادة ب 7.8 في المائة خلال العام القادم، ثم سيستمر هذا الارتفاع ب 5.7 في المائة في أفق عام 2027، وفقا لتوقعات البنك الدولي. وأوضح التقرير أن أسعار الاستهلاك شهدت ارتفاعا بلغ متوسطه 1.8 في المائة على امتداد عقد 2004 و2013، وارتفعت الأسعار في اقصى الحالات ب 1.6 في المائة خلال عام 2018، بينما في العام الذي يليه لم ترتفع الأسعار سوى ب 0.2 في المائة. وسجل نفس التقرير أن معدل البطالة وصل خلال العام الماضي 11.9 في المائة، ويتوقع أن يشهد انخفاضا طفيفا إلى 11.1 عند متم 2022، وسيعاود الانخفاض إلى 10.7 في المائة خلال العام المقبل. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يعرف المغرب عجزا في ميزانه التجاري بنسبة 4.3 في المائة هذا العام، و4.1 في عام 2023، وسيتراجع هذا العجز إلى 3.1 في المائة خلال 2027، كما تشير التوقعات. حالة الاقتصاد العالمي على الصعيد العالمي تنوء الآفاق بأعباء ثقيلة من جراء أزمة تكلفة المعيشة، وتشديد الأوضاع المالية في معظم المناطق، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار جائحة كوفيد-19. وتشير التنبؤات إلى تباطؤ النمو العالمي من 6 في المائة في عام 2021 إلى 3.2 في المائة في عام 2022 ثم 2.7 في المائة في عام 2023، فيما يمثل أضعف أنماط النمو على الإطلاق منذ عام 2001 باستثناء فترة الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحرجة خلال جائحة كوفيد-19. وحسب التنبؤات، سيرتفع التضخم العالمي من 4.7 في المائة في 2021 إلى 8.8 في المائة في 2022 ليتراجع لاحقا إلى 6.5 في المائة في 2023 و4.1 في المائة في 2024. ويوصي خبراء صندوق النقد الدولي السلطات المالية بمواصلة العمل على استعادة استقرار الأسعار، مع توجيه سياسة المالية العامة نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة، على أن يظل موقفها متشددا بدرجة كافية اتساقا مع السياسة النقدية. كما يمكن أن يكون للإصلاحات الهيكلية دور إضافي في دعم الكفاح ضد التضخم من خلال تحسين الإنتاجية والحد من نقص الإمدادات، ووفقا للتوصيات، فإن التعاون متعدد الأطراف يمثل أداة ضرورية لتسريع مسار التحول إلى الطاقة الخضراء والحيلولة دون التشرذم.