الساعة تشير إلى السابعة مساء من يوم السبت 9 شتنبر، المكان دوار أداسيل بجماعة أداسيل بإقليمشيشاوة... نساء يفترشن الأرض فوق هضبة. على بعد ثلاثة أمتار، كانت سيدة عجوز تجلس وحدها، ترفع بصرها إلى أعلى الجبل، مستنجدة بالله في قرارة نفسها، بينما سيدات أخريات لا يحركن ساكنا من هول الصدمة، والخوف من معاودة الأرض اهتزازها في أي لحظة. وصلنا عبر "بيكوب"، وفرتها سلطات عمالة شيشاوة، بعد قطعنا كيلومترات في طريق وعرة، كان الجميع نساء ورجالا ينتظرون المساعدات الغذائية، بعدما فقد كثيرون منهم منازلهم جراء الهزة الأرضية. سلطات مجندة كان عامل إقليمشيشاوة يقف بنسفه على كل الترتيبات، يوجه هذا ويعطي تعليماته لذاك؛ لم يتوقف هاتفه عن الرنين، تراه تارة يطلب جلب معدات، وتارة أخرى يطلب تحضير الخيام وتجهيزها للمبيت في هذا الدوار أو ذاك. ما إن وصلت شحنة مساعدات غذائية صوب مقر دار الطالبة بدوار أداسيل حتى أمر العامل بتنظيمها وتوزيعها على المتضررين الناجين من الموت، ممن لم يعودوا يملكون شيئا، وصار الخراب والدمار يعم منازلهم، والألم سيد المكان. انخرط الجميع من أبناء الدوار والسلطة المحلية والفعاليات المدنية والسياسية في إعداد حصص المأكولات التي ستوجه للدواوير المتضررة. الكل حريص على تقديم المساعدة لهذه الأسر التي فقدت كل شيء. الهاشمي أو الرايس، عضو خلية التتبع بعمالة إقليمشيشاوة، يؤكد أن هذه المساعدات تروم دعم المتضررين من هذه الهزة الأرضية وما خلفته من قتلى وجرحى وفقدان منازلهم وممتلكاتهم. ووفق عضو الخلية ذاته، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن السلطات تحت إشراف عامل الإقليم تجندت منذ الساعات الأولى، وهرعت إلى المكان. وكانت الغاية الأولى، بحسب المتحدث نفسه، فتح الممرات الطرقية التي كستها الحجارة المتساقطة من الجبال، وبعدها العمل على تمكين المتضررين من مساعدات غذائية وتوفير الأغطية والأفرشة لتجاوز الأزمة. ولفت أوالرايس إلى أن السلطات بإقليمشيشاوة جندت مختلف عناصرها وإمكانياتها، إلى جانب الدعم الكبير الذي تقدمه القوات المسلحة الملكية، لمساعدة هؤلاء المتضررين والوقوف بجانبهم إلى حين عودة الحياة إلى طبيعتها. وفي السياق نفسه، يؤكد محمد أبو الحسين، المندوب الإقليمي للتعاون الوطني بإقليمشيشاوة، انخراط المؤسسة في هذا العمل، من خلال تجنيد الإمكانيات المتوفرة والموارد البشرية ووضعها رهن إشارة الساكنة المتضررة. وسجل أبو الحسين أن مؤسسة التعاون الوطني تعمل جاهدة من خلال توفير فضاءاتها، وعلى رأسها مؤسسة دار الطالبة بدوار إداسيل، لوضع مختلف المساعدات التي تجلبها السلطات من أجل توزيعها على المواطنين. انخراط عفوي خلال الأزمات يظهر معدن الناس. هذا ما أبانته هذه الكارثة الطبيعية التي هزت أقاليم الحوزوشيشاوة بجهة مراكشآسفي. انخراط عفوي للمواطنين الذين بقوا على قيد الحياة بعد الفاجعة، وفعاليات مدنية من مناطق أخرى هرعت لتقديم يد المساعدة. هشام أيت الحرش، عضو منتدى تغسريت للثقافة والرياضة والتنمية بجماعة سيدي المختار، التي تبعد بحوالي 40 كيلومترا عن مركز شيشاوة، يؤكد أن القدوم إلى هذه المداشر في أعالي الجبال يأتي بغاية الوقوف بجانب هؤلاء الضحايا، والتأكيد على أن الجميع يقف بجانبهم. وشدد آيت لحرش، الناشط الجمعوي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن المغاربة عرفوا على مر التاريخ بدعم بعضهم البعض في الأزمات والمحن، وبالتالي، يضيف، "لا يمكننا كفعاليات إقليمشيشاوة أن نتأخر عن مساندة إخواننا الذين فقدوا كل شيء". وسجل المتحدث نفسه أن الروح التضامن تبقى حاضرة، وأن الجميع يشارك ويساند المتضررين، في نكران للذات، مشيرا إلى أن مختلف المصالح والفعاليات مجندة وراء السلطات من أجل مؤازرة الساكنة المتضررة والتخفيف من معاناتها ومن هذا الألم.