يشهد قطاع النسيج والملابس الجاهزة في المغرب الذي يعمل به أكثر من 40 في المئة من قوة العمل الصناعية في البلاد أسوأ أزمة في تاريخه. "" فقد خفضت اسبانيا وفرنسا وانجلترا التي تشتري أكثر من 70 في المئة من منتجات قطاع النسيج المغربي طلبيات الشراء بدرجة كبيرة. وبسبب انخفاض الطلبيات شهد القطاع استغناء جماعيا عن العمالة خاصة عن العمال المؤقتين. وسرح ما لا يقل عن 300 عامل مؤقت خاصة من النساء والفتيات في مصنع بمدينة سلا القريبة من العاصمة الرباط. وذكرت عاملة تدعى نزهة الحلو انها محظوظة لبقائها في عملها. وقالت "نقص عدد العمال هنا راجع للأزمة ونحن محظوظون لأننا لا زلنا نشتغل ولو بساعات أقل. من الأفضل اننا نشتغل ساعات أقل على أن نذهب إلى الشارع. أتأسف على زملائي الدين فقدوا شغلهم ويوجدون الآن في الشارع." وتأثرت الصناعة ككل بنقص نسبته ستة بالمئة في مبيعات الملابس الجاهزة في نهاية ديسمبر كانون الاول فيما يمثل خسارة قدرها 1.2 مليار درهم مغربي "137 مليون دولار". وتنتظر مراقبة الجودة ستيلا ادواردز التي تعمل في مصنع سلا منذ خمسة اعوام ونصف العام الاستغناء عنها في ابريل المقبل. وتقول ان هبوط معنويات العاملين في المصنع يبدو واضحا. واضافت قائلة "لاحظت خلال الشهور القليلة الماضية أن معنويات العاملين هبطت بالفعل ومن المؤكد ان العاملين يستطيعون ان يروا بأنفسهم ان مستوى العمل انخفض. لكنهم لا يزالون يجاهدون لإرضاء العميل كيفا وكما وبقدرتهم على تسليم المنتج في الوقت المحدد حتى خلال الاوقات العصيبة." واضطر قطاع النسيج المغربي بالفعل لإلغاء ما بين 20 الفا و 25 الف وظيفة مما دفع نقابات العمال الى الاتجاه إلى الحكومة للمساعدة في الحليلولة دون مزيد من الاستغناءات. وذكر وزير الاقتصاد والمالية المغربي صلاح الدين مزوار ان الحكومة اتخذت سلسلة من الاجراءات من بينها ضمان التدفقات المالية. وقال مزوار "يحتاج قطاع النسيج والألبسة إلى ثلاثة أشياء أساسية. أولا يجب أن تتراجع الموارد الأولية على مستوى القروض والتسهيلات البنكية ولهدا توجهت الحكومة إلى تفعيل الضمان للمحافظة على السيولة المالية بالنسبة لمقاولات القطاع. ثانيا يجب على هذا القطاع أن يحافظ على مؤهلاته البشرية بحكم عدم استقرار الطلب ولهدا فإن الحكومة تساعد المقاولات التي تريد المحافظة على مكوناتها ومؤهلاتها البشرية بتوفير مساعدة مباشرة تقريبا 20 في المئة من تكلفة الموارد البشرية. الجانب الثالث هو جانب أساسي ويتعلق بدعم كل المبادرات على مستوى التسويق والترويج." وتعبر المستودعات الخاوية بوضوح عن الوضع الصعب الذي يمر به مصنع سلا. فالصناديق التي كانت مليئة بالملابس الجاهزة المخصصة للتصدير باتت الان خاوية ولا يستطيع احد في المصنع أن يلتمس بارقة أمل في نهاية النفق المظلم. وذكر صاحب المصنع عبد الحي بسة انه لم يشهد ازمة من هذا القبيل خلال 25 عاما من العمل وان مشكلاته فاقمها انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني. وقال بسة "الأزمة التي نعيشها حاليا متفاقمة أكثر لأننا نعمل أساسا مع السوق البريطانية والجنيه الإسترليني فقد 30 بالمئة من قيمته مقابل العملة المغربية الشيء الذي جعل أن الطلبيات أقل بكثير مقارنة مع السابق. كما أن أسعار الطلبيات المقدمة لنا أصبحت بخسة بكثير." ويعتقد البعض ان مبادرة الحكومة جاءت متأخرة وغير مجدية لشدة الازمة ولان قطاع النسيج يحتاج الى اصلاح شامل ليظل في موقع المنافسة. ولا يبعث مشهد العاملين المفصولين الباحثين عن عمل أمام بوابات المصانع التي ما زالت تعمل بطاقة مخفضة على الاطمئنان.