انتعشت سوق العمل في المغرب للعام الثاني، مسجلة تحسناً قياسياً في تأمين فرص عمل جديدة بلغت 100 ألف في القطاعين العام والخاص، مستفيدة من زيادة النمو الاقتصادي البالغ 5 في المئة نهاية عام 2009، على رغم تراجع إيراداتها من التحويلات والاستثمارات والتدفقات المالية الخارجية وارتفاع عجز الميزان التجاري. وأفادت إحصاءات المندوبية السامية في التخطيط، بأن معدلات البطالة تراجعت نصف نقطة مئوية وانخفض المعدل العام لطالبي العمل من 9,6 إلى 9,1 في المئة، منها 13,8 في المئة في المدن و4 في الأرياف. إذ تجاوز مجموع العاطلين من العمل في شكل طفيف مليون شخص، وكان يُقدّر عددهم ب1078000 نهاية عام 2008، بانخفاض 49 ألف شخص انتقلوا إلى العمل. واستفاد الشباب بين سن ال 25 و34، من فرص العمل الجديدة التي أوجدها الاقتصاد المغربي خصوصاً في قطاعات الخدمات والبناء والأشغال العامة والمرافق العامة. بينما خسر قطاع الصناعة نحو عشرة آلاف وظيفة، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، تحديداً في قطاع صادرات النسيج والملابس الجاهزة والصناعات الاستخراجية التي عوضتها قطاعات أخرى مثل الزراعة والغابات والصيد البحري، بفضل تحسن الإنتاج الزراعي ووفرة مياه الأمطار. وكان من نتائج الأزمة الاقتصادية العالمية وتباطؤ النمو في أسواق الاتحاد الأوروبي، تراجع الطلب الخارجي على السلع المغربية وتضرر نحو 34 ألف عامل في قطاعات التصدير مثل صناعة السيارات وقطع غيار الطائرات ومنتجات الجلد طيلة العام الماضي. ولم تتضرر قطاعات الخدمات والسياحة كثيراً، على رغم خسارتها بليون دولار خلال عامين . وتوقع تقرير المندوبية، أن «تنتعش القطاعات غير الزراعية أكثر من 4 في المئة هذه السنة، نتيجة تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي المرشح أن يفوق نموه 3 في المئة، ما يمكن من توفير فرص عمل جديدة ودفع المستثمرين إلى توسيع مشاريعهم، خصوصاً في قطاعات البناء التي منحتها الحكومة تسهيلات كبيرة وإعفاءات ضريبية لبناء 300 ألف مسكن للفئات الفقيرة والمتوسطة بحلول عام 2020. وتشمل الحوافز الاستثمارية قطاعات الصيد البحري (مخطط هاليوتيس) بنحو 2.7 بليون دولار، وبرنامج الطاقة الشمسية 9 بلايين دولار، والمخطط الزراعي – الأخضر بنحو 20 بليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. ولاحظ التقرير، أن «مزاج المستثمرين يميل إلى التفاؤل بعد صمود الاقتصاد في وجه العاصفة العالمية، واستمرار الطلب الداخلي كمؤشر على ثقة المستهلكين». ويستفيد المستثمرون في المغرب من برامج الاستثمار العامة المقدرة ب135 بليون درهم لهذه السنة، وتشمل أساساً البنية التحتية التي تراهن عليها الرباط بحلول عام 2012، تاريخ دخول المناطق التجارية الحرة حيز التنفيذ مع عدد من الأسواق الكبرى، في مقدمها الاتحاد الأوروبي الذي سبق ومنح المغرب وضعية النظام المتقدم. وكان حجم الاستثمارات العامة قُدّر بنحو 55 بليون دولار على مدى الأعوام الأخيرة لتأهيل البلاد للمنافسة وجذب الاستثمارات الخارجية. ورأى محللون أن استمرار النمو في الاقتصاد المغربي بوتيرة تقدر ب5 في المئة، سيمكن من تقليص معدلات البطالة إلى 7 في المئة منتصف هذا العقد، بما يضمن الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة، ويعزز فرص الرباط في جذب مزيد من الاستثمارات الدولية واستعمال قربه الجغرافي من اوروبا كعامل جذب إضافي. يُذكر أن معدلات البطالة تراجعت نقطين في المدن بين الأعوام 2006 و 2009، وانتقلت من 15,5 في المئة الى 13,8 في المئة، واستقرت عند 4 في المئة في الأرياف والقرى. وارتفع عدد العاملين في المجالات والنشاطات المتنوعة إلى عشرة ملايين شخص من مجموع السكان المقدر ب33 مليون نسمة. ( الحياة)