بات من الواضح أن مسلسل سحب الاعتراف ب "جمهورية البوليساريو" مُستمر وبشكل متواصل. فخلال العقد الأخير سحبت 32 دولة اعترافها تجاوُبا مع التحركات التي تقوم بها الدبلوماسية المغربية من خلال دعم مقترح الحكم الذاتي الذي اعتبره مجلس الأمن "جِدِّيا وذا مصداقية".. ورحلة "الجبهة" مع كابوس سحب الاعترافات عن "جمهوريتها" بدأت منذ زمن طويل، فحين كان عدد الدول المعترفة ب"الجمهورية العربية الصحراوية" يتعدى الثمانين سنة1981 أضحى اليوم لا يتجاوز بضعا وثلاثين. وبعد دول منطقة الكاريبي الثمانية ودولة بنما والبارغواي والعديد من الدول الأخرى سبقتها.. سَحبت جزر موريس مؤخرا اعترافها بالدولة الوهمية، في خِضمِّ حرب دبلوماسية بين المغرب وجبهة البوليساريو بعد توالي سحب اعترافات الدول من "الجمهورية العربية الصحراوية" التي أعلنتها الجبهة 1976 وحظيت باعتراف عشرات الدول لتتوقف الاعترافات ثم تبدأ عدد من الدّول بتجميد اعترافها أو سحبه، "نتيجة الدبلوماسية التي نهجتها حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمان اليوسفي 1998" وفق تعبير خالد شيات الخبير في ملف الصحراء. سحب "موريس" اعترافها بالجبهة.. إشارة إيجابية ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، في تصريحه لهسبريس، أن مسار القضية ينحو منحا مناسبا، بفضل الجهود المبذولة من طرف الدولة والدينامية التي باتت تعرفها، ليتقلص عدد الدول المُعترفة بالبوليساريو إلى حدود النصف، ناهيك عن النَّفَس الجديد الذي كانت تشتغل به الديبلوماسية في عهد سعد الدين العثماني واليوم يستمر نفس المسار مع وزير الخارجية الحالي. وأفاد شيات، أنه يجب تشجيع وتثمين هذه المواقف والديبلوماسية المنتهجة، مع عدم التغاضي عن كون التَّوجُّه الذي يساند البوليساريو في إفريقيا لا زال متجذرا ارتباطا بالتأثير الذي تمارسه الجزائر في ذات القارة، "سحب جزر الموريس اعترافها بالجمهورية الوهمية بعد إعلانها الأمر إشارة إيجابية، وعلى المغرب أن يعود لهذه القارة ديبلوماسيا أولا ثم في ما يتعلق بالاقتصاد" يورد شيات. ونبَّه الأستاذ الجامعي، إلى ضرورة ألا ينسينا الأمر الحرب الديبلوماسية التي تشن ضد المغرب، خصوصا وأن البوليساريو والجزائر يُعولان اليوم على قضية حقوق الإنسان في الأقاليم المغربية الجنوبية، لافتا إلى أهمية عمل المغرب إلى جانب المنظمات الدولية الذي سيكون إيجابيا إلى جانب الانفتاح على مجموعة من الفاعلين بالمجتمع المدني على الصعيد العالمي خصوصا على مستوى الدول العظمى من قبيل فرنسا واسبانيا. دول العالم تحديات ديبوماسية بعيدا عن مساحاتها وبخصوص استنقاص بعض المتتبعين لأهمية الدول التي تسحب اعترافها بالبوليساريو، أشار صاحب كتاب " الصحراء المغربية، مسارات الحل الشامل"، أن العالم هو مجموعة دول لا تُقاس بمساحاتها أو بعدد سكانها، وأن كل دولة تشكل تحديا ديبلوماسيا كيفما كان حالها، مؤكدا من جهة أخرى، أن الدول الأساسية الكبرى والفاعلة في العلاقات الدولية لا تقف في صف المغرب ولا في صف الجزائر باستثناء فرنسا التي عبَّرت صراحة عن دعمها للطرح المغربي. وزاد خالد شيات، أن المغرب في إطار عملية ديبلوماسية سابقة استطاع أن يُقنع دول كبيرة بسحب اعترافها في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي في إطار سحب جمهورية الهند اعترافها بالبوليساريو آنذاك، مشيرا إلى أن غالبية الدول العظمى تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها مع المغرب في إطار علاقات استراتيجية معينة ومع الجزائر باعتبارها إحدى الدول الطاقية حيث "يضيء بترولها مجموعة من المدن الأمريكية"، وبالتالي فلا يمكن لهذه الدول وبدون مقابل مصلحي واضح بالنسبة لها أن تقوم بتفضيل المغرب على الجزائر أو العكس، لأن الديبلوماسية تقوم على المصالح. وخلص المتحدث إلى ضرورة دفاع المغرب عن قضيته بسياسة قوية وديبلوماسية موازية تستطيع أن تحرك الجوانب العاطفية والمصلحية لعلاقتها بالاعتراف أو عدم الاعتراف بجبهة البوليساريو.