جريدة " الصباحية " تكشف القصة الكاملة للمتهم في تفجيرات مدريد قرر المعتقل حسن الحسكي، المحكوم من طرف القضاء الإسباني ب14 سنة سجنا للاشتباه في علاقته بتفجيرات مدريد، الكشف عن مسار محاكماته واستنطاقاته من اعتقاله سنة 2004 إلى حدود إدانته، وترحيله في ما بعد إلى المغرب ليُبرئه القضاء المغربي، قبل حوالي أسبوعين. وكتب الحسكي القصة الكاملة المتضمنة لتفاصيل أربع سنوات من الاعتقال والتنقيل من سجن إلى آخر، وتعاقب قضاة التحقيق في استنطاقه، وحين أحيل على المحاكمة لم توجه إليه تهمة واضحة، ولم تُثر النيابة العامة في لائحة اتهاماتها أي علاقة للحسكي بتفجيرات مدريد، وكانت هذه الاتهامات بمثابة سرد لنهج سيرة حسن الحسكي. وفي السياق ذاته أثير اسم هذا الأخير كأحد المخططين لتفجيرات 16 ماي 2003، التي استهدفت الدارالبيضاء، واتضحت في نهاية المطاف براءته من هذه التهمة. ولا يزال الحسكي معتقلا في السجن المحلي بسلا، ينتظر التطورات المتعلقة بإعادته إلى السلطات الإسبانية بما أن قضاء هذه الأخيرة كان أدانه ب14 سنة سجنا رفقة أعضاء الخلية المتهمة بالمشاركة في التخطيط للتفجيرات التي استهدفت السكك الحديدية بالعاصمة الإسبانية في 2004، التي خلفت أزيد من 170 قتيلا ومئات الجرحى. "" إلى ذلك عنون حسن الحسكي قصته ب"محاكم التفتيش لم تندثر بعد من إسبانيا (الديمقراطية)". واستهل المعتقل نفسه هذه حكايته بالقول إن: "اسمه حسن الحسكي، الذي طفا على سطح الأحداث منذ أحداث 11 مارس بمدريد، وتحول إلى مادة دسمة، وملأت صوره الجرائد والصحف والقنوات رغم أنف صاحبه. وأضاف الحسكي أنه اختار بعد تردد طويل "الإطلالة من خلال هذا المنبر الإعلامي لأول مرة منذ اعتقاله سنة 2004 لعدة أسباب. وكتب الحسكي أن أول هذه الأسباب "أمانة المسؤولية والرسالة التي حملني إياها المعتقلون المغاربة على خلفية أحداث 11 مارس بمدريد، وكلفوني بإلحاح، قبيل ترحيلي إلى المغرب، بتبليغها إلى الرأي العام وإلى الحقوقيين المغاربة والدوليين خاصة، وإلى المسؤولين المغاربة، في رغبتهم بالترحيل نحو بلادهم، ومأساتهم التي ساهمت في صنعها عدة أطراف منها داخلية للأسف". محاكم التفتيش لم تندثر بعد من إسبانيا (الديمقراطية) "اسمي حسن الحسكي، لا شك أن القارئ الكريم والمتتبع للأحداث يتذكر هذا الاسم الذي صار منذ أحداث 11 مارس بمدريد مادة دسمة، وملأت صوره الجرائد والصحف والقنوات، رغم أنف صاحبه، الذي ألبس قميص عثمان كغيره من أبناء هذه الأمة الإسلامية عامة والمغربية، خاصة ممن ابتلعتهم أخاديد الحرب المسعورة على الإرهاب التي حفرتها أمريكا بمساعدة حلفائها ممن لا يقلون عنها همجية وظلم وجبروتا وحقدا، أنساهم ما رفعوه من شعارات براقة تغنوا بها لعقود من الديمقراطية وحقوق الإنسان وعدالة ونزاهة القضاء.... الخ. وقد اخترت بعد تردد طويل الإطلالة من خلال هذا المنبر الإعلامي لأول مرة منذ اعتقالي سنة 2004 لعدة أسباب. أولها، أمانة المسؤولية والرسالة التي حملني إياها المعتقلون المغاربة على خلفية أحداث 11 مارس بمدريد وكلفوني بإلحاح قبيل ترحيلي إلى المغرب بتبليغها إلى الرأي العام عامة وإلى الحقوقيين المغاربة والدوليين خاصة، وإلى المسؤولين المغاربة في رغبتهم بالترحيل نحو بلادهم ومأساتهم التي ساهمت في صنعها عدة أطراف منها داخلية للأسف. ثانيا ما دفعني للكتابة هو بيان حقيقة ما جرى ويجري من ظلم فظيع لا يمكن تصوره أو السكوت عنه، كان أول ضحاياه شباب مغاربة اضطرتهم الفاقة إلى الهجرة نحو الضفة الأخرى والاستقرار بإسبانيا ليجدوا أنفسهم بقدرة قادر في قعر جب عميق مظلم لا ناصر لهم ولا مدافع عنهم سوى الله تعالى، بعد أن تخلت عنهم بلادهم وصمت آذانها، وأغمضت أعينها عن معاناتهم منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الوطنية والتي للأسف كانت عليهم اشد في كثير من الأحيان من نظيراتها الإسبانية دون تثبت أو تبين، فحاكمتهم قبل المحاكمة واتهمتهم قبل أن يصدر القضاء الإسباني ضدهم أحكامه الأسطورية التي كشف من خلالها عن عقدة (المورو) وحقد دفين أججته موجة ( الاسلاموفوبيا) التي وجدت وللأسف من أبناء جلدتنا من يزيد نيرانها توقدا بوضع مزيد من الحطب والبنزين إرضاء للعم سام ( وحلفائه الكبار). فهذا الذي حدث باختصار شديد: كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة السادسة مساء من يوم الجمعة 17/12/2004 وكنت حينها في طريقي إلى العمل، إذ اعترضت طريقي شرطة مدريد في جزيرة ( لانزورطي)، اقتادوني إلى مركز شرطة الجزيرة الذي مكثت فيه يومين نقلت يعدها إلى العاصمة مدريد على متن طائرة مكبل اليدين مقنع الرأس بكيس خانق ملقى على أرضية الطائرة بنفس الطريقة التي شاهدها العالم أجمع والتي كان معتقلو غواتنامو يرحلون بها صوب كوبا على متن طائرات كانت تحط بإسبانيا قبل استئناف رحلاتها، بقيت في أحد مراكز التحقيق لمدة ثلاثة أيام خضعت خلالها للتحقيق وكان مرفوقا بالسب والشتم والإهانة والتهديد بالقتل والسجن الطويل والتعذيب والتسليم لأمريكا.... ولم يوجه إلي خلال الأيام الثلاثة أي سؤال يتعلق بالأحداث التي أذيع أنني قد اعتقلت من أجلها، فقد كانت جل الأسئلة تنصب حول تحركاتي ببلجيكا التي كنت اعمل بها كتاجر منذ سنوات، أعول بها أسرتي مع العلم أن كل هذه المدة بين وقوع الأحداث إلى يوم اعتقالي كنت أتحرك بشكل جد عادي دون أية مضايقات مع أنني دخلت إلى إسبانيا بعد وقوع الأحداث، وهنا افتح قوسا لأطرح السؤال: كيف يجرؤ متورط في عمل كالذي حدث أن يعيش بشكل عادي وينتقل داخل التراب الإسباني وان لا يفكر في الهرب خارج البلاد....؟ ! بعد انتهاء مدة التحقيق التي استمرت ثلاثة أيام كما أسلفت أحلت على قاضي التحقيق ( بولمو) المكلف بأحداث 11 مارس بمدريد الذي لم يوجه لي أي سؤال يتعلق بالأحداث، سوى عن مدى علاقتي ب –جمال زوكام- اكبر اكباش الفداء في هذه القضية، وبعض الأشخاص خارج إسبانيا، وذلك اعتمادا على أقوال منسوبة إلى أحد الأتراك الموقوفين في فرنسا الذي جمعتني به علاقة سطحية في فترة سابقة والذي أنكر جميع الأقوال المنسوبة إليه مرتين، الأولى عند ذهاب قاضي التحقيق الإسباني لاستجوابه في فرنسا والثانية عند شهادته أمام محكمة مدريد يوم 15/02/2007 . بعد ذلك نقلوني إلى سجن ( سطوريال) تم بعد ذلك نقلت إلى سجن ( بالدومورو) وهذه التسمية تحمل حمولة عنصرية صرفة، نسبة إلى ( مورو) وهي كلمة تطلق على المغاربة إهانة وتنقيصا وازدراء، مكثت فيه ثلاثة أيام ثم نقلت بعدها إلى سجن سرقسطة zaragoza يوم 8/3/2005 فوضعت في زنزانة انفرادية، بقيت لوحدي وسط نوعية خاصة من سجناء الحق العام الذين لم يتحملهم أي سجن آخر لبشاعتهم وسوء أخلاقهم، ولم يكن معي بهذا السجن أي عربي أتجاذب معه أطراف الحديث وأستأنس به، فبقيت مرميا في هذا السجن الرهيب وسط عتاة المجرمين والأشرار. لا ادري من اجل ماذا اعتقلوني، ولا لأجل أي شيء احتجزوني، وفي أية قضية حبست، لا سيما أن كل الأسئلة التي وجهت إلي كما ذكرت سابقا ليس لها أية علاقة بأي حدث ولا بأي أمر يتعلق بالديار الإسبانية، سوى عن علاقتي بأسماء ذكرت لي وصور اروني إياها لا اعرف أصحابها لا من قريب ولا من بعيد، ولما طلبت منهم حضور مترجم كي يوضح لي ويفسر لي قضية اعتقالي وأسبابه، رفضوا طلبي وأبوا ذلك، وهكذا بقيت في ذلك السجن محروما من ابسط الأمور، بدون مصحف .. ولا حصة أوقات الصلاة... ولا أي كتاب عربي... وكذلك حرمت من الجرائد، فأصبحت اجهل كل خبر يتعلق بالعالم الخارجي، حتى صرت على حافة الجنون، ظللت اكرر طلبي كي احصل على هذه الأشياء دون جدوى، حتى أنني قمت باستدعاء أحد القساوسة كي يوفر لي مصحفا، وبدوره لم يلب طلبي، أما الدفاع الذي يعتبر حقا من الحقوق المكفولة لكل متهم فلم توفره لي المحكمة كي أساله عن قضيتي وبم أنا متابع، وحرمت كذلك من حقي في الزيارة حيث تم منع خالتي من زيارتي رغم مجيئها من بعيد وتكبدها عناء السفر ومشقته، (قدمت من بلجيكا)، هذا ناهيك عن جو الإرهاب والعنف والمضايقات والتحرشات التي كنت أتعرض لها من طرف عتاة المجرمين وبإيعاز أحيانا من الحراس الحاقدين. في يوم 26/12/2005 نقلت إلى مدريد، إلى سجن ( بالدومورو) لمقابلة قاضي التحقيق المغربي المسمى ( عبد القادر الشنتوف) الذي سألني عن بعض الأشخاص فقط ولم يوجه لي أي سؤال يتعلق بأحداث 16 ماي، في حين أن الجرائد ومختلف وسائل الإعلام الإسبانية، وعلمت فيما بعد أن الجرائد ومختلف الوسائل الإعلامية المغربية أيضا سلكت نفس المنحى، وأقامت الدنيا و أقعدتها واتهمتني كأحد المتورطين في تلك الأحداث، وهنا تجدر الإشارة وكما سأذكر لا حقا إلى أن محققي الضابطة القضائية في المغرب لما سلمت إليها قالوا لي نحن نعرف بان ليس لك أية علاقة بأحداث 16 ماي ؟؟؟!! ولما أنهى قاضي التحقيق المغربي استجوابي أعادوني إلى سجن ( سرقسطا) السيء الذكر، فمكث فيه إلى يوم 19/4/2006 اليوم الذي أخذوني فيه إلى مدريد تم إلى المحكمة لتسلم ملف قضيتي الذي يتكون من 1700 ورقة باللغة الإسبانية!!! ولما طلبت منهم ترجمة الملف إلى العربية قوبلت بالرفض والسخرية، ورغم مراسلة القاضي كذلك بخصوص الترجمة كان الرفض واللامبالاة هما الجواب، فهذه هي الديمقراطية وهذه هي حقوق الإنسان والقضاء العادل وهذه هي القيم التي يغزون العالم من اجلها ولتسويقها وفرضها بالحديد والنار، في نفس السنة 2006 اقتادوني إلى المحكمة وأثناء خروجي من السجن بدا عناصر الشرطة ينهالون علي بالشتم والسب البذيء والإهانة ووصفوني بالخنزير والكلب في محاولة منهم لاستفزازي ودفعي للرد على فعلهم ليكون سببا وفرصة لينهالوا علي بالضرب، وهذا الأسلوب استعملوه مع جل المعتقلين منهم -جمال زوكام- الذي قدم شكاية في شهادته أمام المحكمة بخصوص الاعتداء والظلم لكن دون جدوى، كانوا يعاملوننا معاملة حيوانات وليس معاملة بشر، وعند رجوعي من المحكمة تكرر نفس الأسلوب، فانهالوا علي بالضرب واللكم رغم أنني لم أرد عليهم، وعند وصولي السجن بعث مرة أخرى برسالة إلى القاضي بخصوص ما تعرضت له من ضرب واعتداء دون جدوى مرة أخرى، إلا أنهم رحلوني إلى سجن آخر يوم 15/7/2006 وحتى هذا التاريخ كنت ولا أزال في عزلة انفرادية لا ادري في أي مكان أنا ولا لماذا أنا هنا؟!!. وفي صيف 2006 بدأت مسرحية من نوع آخر وهي تتبنى حملة إعلامية جديدة تتهمني بالعثور في بيتي على مادة خطيرة ادعوا أنها هي نفسها التي تستعملها منظمة (إيتا الباسكية) في تفجيراتها في محاولة منهم هذه المرة لربطي بهذه المنظمة، عن شيوع هذا الخبر قضيت الليلة كلها دون نوم اضحك من كثرة الهم واسخر من هذه المهزلة، لان المادة التي عثر عليها في بيتي لم تكن سوى عبارة عن مبيد الحشرات والصراصير المعروفة والمتوفرة في جميع البيوت والأمكنة فصرت انعت بهذا الاسم في وسائل الإعلام الإسبانية التي استبدلت اسمي ب ( صاحب الصراصير) والحقيقة في هذه المهزلة السمجة هي أن الشرطة قامت بتزوير بعض الوثائق المتعلقة بالمحجوزات وبهذه المادة في محاولة منهم للانتقام مني وربما لتصفية حسابات سياسية داخلية أو لأسباب أخرى لا اعلمها، وقد توبع فيما بعد بعض عناصر الشرطة الذين ثبت تورطهم في تزوير هذه المادة فطلبت النيابة العامة بسجنهم ست سنوات إلا أن المحكمة برأتهم وطويت هذه الفضيحة المجلجلة في دولة ( الديمقراطية)، وهذه الواقعة لا تحتاج إلى تعليق وتعطي فكرة عن حقيقة المحاكمات والافتراءات في قضية ما يعرف ب 11مارس التي كان ولا يزال شباب مغاربة هم أول ضحاياها. وعلى خلفية هذه القضية ( الصراصير) أخذوني إلى المحكمة عند القاضي ( غارسون) فقلت أن ما فعلته الشرطة الأسبانية تستحيي أنظمة العالم الثالث التي تصفونها بالدكتاتورية أن تقوم بمثله، فاعترف لي أنهم يعلمون أن لا علاقة لي بمنظمة الباسك ولا ب 11 مارس بمدريد؟؟!! في بداية شهر أكتوبر من نفس السنة 2006 أشعرتهم بأنني سأخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام ابتداء من 20 أكتوبر احتجاجا على السجن الانفرادي من الدرجة الأولى( 21 ساعة داخل الزنزانة الانفرادية وعزلة تامة) وفي يوم 10 من نفس الشهر جعلوني في الدرجة الثانية وهي أخف شدة من الأولى بساعة واحدة فقط لكن دائما في الحبس الانفرادي، وبقيت على هذا الحال لا أعرف التهم الموجهة إلي، خاصة بعد شهادة القاضي غارسون بأنني لا علاقة لي بمنظمة "ايتا" الباسكية ولا بأحداث 11 مارس بمدريد. في شهر دجنبر 2006 زارني المحامي مع مترجمة جزائرية للتعرف علي فقط وذلك بعد مرور سنتين على لقائنا في المحكمة سنة 2004، ثم بعدها زارني مرتين بدون مترجم فجلس ينظر إلي وانظر إليه دون أن يخبرني بشيء أو جواب عن سؤالي المحير، ما سبب اعتقالي وما تهمتي؟! ثم انصرف إلى أن حل يوم 15 فبراير 2007، وهو أول يوم أيام المحاكمة التي استمرت 4 أشهر ونصف ( خمسة أيام في الأسبوع). مهزلة المحاكمة: أيقضونا على السادسة صباحا وجمعونا في قاعة الانتظار، حيث تناولنا الفطور، وكانت هذه هي أول مرة أرى فيها الكثير من المتهمين الذين أحاكم معهم ضمن خلية واحدة، والذين كانوا معي في السجن نسفه، وفي زنازين انفرادية بدورهم، أخذونا إلى المحكمة مكبلي الأيدي إلى الخلف على متن سيارة مصفحة، كان المنظر مروعا، ونحن في طريقنا إلى المحكمة رأينا عددا هائلا من سيارات الشرطة المصفحة، وبعض المروحيات التي كانت ترافقنا، و أمام المحكمة كانت هناك بعض الدبابات والمدرعات وحشود هائلة من الصحفيين، وكأننا نصور فيلما هوليوديا، بعد وصولنا المحكمة أدخلونا قاعة زجاجية، والتي شاهدها العالم على شاشة التلفاز، وهناك رأيت لأول مرة بعض المتهمين الآخرين الذين لم يسبق لي معرفة أحد منهم، ولم يعرفني أحد، فكيف حشرت معهم؟ الجواب عند اسبانيا الديمقراطية! وفي اليوم الموالى دعيت للوقوف أمام القاضي للإجابة على أسئلته لم تتجاوز الاستفسار عن حياتي الشخصية، فقط دون توجيه أي سؤال عن أحداث 11 مارس ولا أي شيء آخر! وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي دعيت فيها للوقوف أمام القاضي في هذه المدة الطويلة من سلسلة المحاكمة الماراثونية التي امتدت، كما أسلفت 4 أشهر ونصف، فلم أتكلم إلا في اليوم الثاني كما أسلفت، وعند الإدلاء بالكلمة الأخيرة، في اليوم الأخير، احتججت فيها على إقحامي في هذا الملف دون أن توجه إلي أية تهمة ولا طلب مني أي استفسار أو سؤال يتعلق بالأحداث، بعد هذا الاحتجاج قام ممثل النيابة العامة بسرد التهم المنسوبة إلي، والأدلة والتي لم تكن في الحقيقة تهما، ولكن نبذة عن حياتي الشخصية وليس فيها أي تهمة أو حتى إشارة إلى أحداث 11 مارس أو غيرها، وأثناء المحاكمة مثل الشرطي المكلف بملفي، فسألته النيابة العامة ماذا تعرف عن حسن الحسكي؟ أجاب لا شيء. فكررت (أي النيابة العامة) السؤال 3 مرات وكانت الإجابة لا شيء، حتى يأتي الشهود من فرنسا، فطلب القاضي من النيابة العامة التوقف عن السؤال لأن الشرطي لا يريد الإجابة، فاستمرت المحاكمات دون أن يرد ذكر اسمي ولو مرة واحدة لا من طرف المتهمين ولا من طرف النيابة العامة نفسها ولا من طرف الشهود الذين بلغ عددهم 650 شاهدا. وفي أواخر شه ماي، بثوا في قاعة المحكمة اتصالا مباشرا علنيا من فرنسا مع الشهود الذين كانوا ثلاثة أشخاص عرفتهم كما قلت معرفة سطحية والذين أنكروا كلما نسب إليهم من أقوال بخصوصي، وكانت أسئلة النيابة العامة لهم غريبة ومضحكة، هل يصلي حسن الحسكي في المسجد؟ هل عنده هاتف ؟ هل يصافح النساء؟ هل كان يجلس مع أمك حين زارك؟ هل يدخل مواقع الانترنيت؟ هل كان يشاهد قناة الجزيرة؟ تكرر هذا السؤال ثلاث مرات لا ادري لماذا؟ وهذه الأسئلة كانت هي السند الذي اعتمدته النيابة العامة لإقحامي في هذا الملف الكبير؟ وقد استغرب الحضور وكل المتبعون للمحاكمة هذا الأسلوب والأسئلة وأدلة الإدانة المعتمدة، حتى أنه في اليوم الموالى انقلبت الصحافة 180 درجة، وكتبت أن حسن الحسكي لا علاقة له بالأحداث وأنه سوف يغادر السجن. واستمرت المحاكمة، وكانت الأسئلة نفسها توجه إلى كل الشهود والمتهمين دون أدنى دليل مادي ملموس ومحسوس، وقد ثارت ضجة في القاعة، حيث اعترض الكثير من المحامين على المحكمة، لكونها تحاكم الناس فقط لأنهم مسلمون، وخصوصا المغاربة منهم، إذ كانت النيابة العامة لا تستطيع إخفاء حقدها الدفين في مرافعاتها، ولا تتحرج من نعتنا ب"المورو" أكثر من مرة، وكذلك بعض كبار المسؤولين ممن كانوا شهودا، كما وصفنا أحد المحامين بالوحوش، ولم تنكر المحكمة على أي أحد منهم، رغم أن القاعدة المعلومة عندنا (المتهم بريء حتى تثبت إدانته). ولما رأينا طبيعة سير المحاكمات، التي لم تقدم أية أدلة سوى بعض الأسئلة التافهة المتعلقة بحياة المتهمين الشخصية، وكذلك المضايقات والمعاملة التي كنا نعانيها من طرف الشرطة وبعض الشهود، خضنا إضرابا مفتوحا عن الطعام، فتدخل قاضي المحكمة في اليوم الثاني عشر من الإضراب، ووعدنا بتصحيح هذه الخروقات، وأكد على أن المحاكمة ستكون عادلة. أوقفنا الإضراب ولم يتحقق أي شيء من تلك الوعود. ومن بين أغرب ما حدث كذلك، خلال أطوار المحاكمة، هو أقوال الشهود المتناقضة والغريبة، إذ أن أحدهم، واسمه "زهير"، كشف أنه كان عميلا للاستخبارات، وأنه حمل عينة من المتفجرات التي تم استعمالها في تفجير القطارات قبل 6 أشهر من وقوعها، إلا أنه لم ينج بدوره، وحوكم ب10 سنوات. وكذلك اعترف الإسباني الذي باع المتفجرات أنه عميل للشرطة، وأن هذه الأخيرة كانت تعلم بهذا الأمر، لكنه لم ينج من الحكم ب 40 سنة. والشاهد الثالث، وهو الإمام المغربي الملقب (كارطاخينا)، واسمه عبد القادر، والذي عمل لصالح المخابرات الإسبانية بدوره، وقد صرح أمام المحكمة أن لديه معلومات مهمة عن الأحداث، وأنهم أرادوا التخلص منه، حيث جاؤوه في أحد الأيام بعد الأحداث بجواز سفر مزور، وطلبوا منه السفر إلى سوريا فرفض، كما أنهم طلبوا منه الذهاب إلى البيت الذي وقع فيه الانفجار بحي (ليغانيس) فرفض كذلك. وقال أمام المحكمة: "لو دخلت البيت لكنت القتيل الثامن"، وهذا الكلام ينفي ويفند ما ادعته الشرطة بأنها لم تعلم مكان البيت إلا ساعة فقط، مما يطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام....؟! أما الشاهد الرابع، وهو مغربي، فقد أخبر المحكمة أن الشرطة أتته تسأله عن "محمد أفلاح"، (متهم رئيسي)، مباشرة بعد الأحداث، مما يدل على أنها كانت لديها معلومات عن المسؤولين الحقيقيين عن الأحداث. الشاهد الخامس، صرح بأن بعض عناصر المخابرات طلبوا منه الذهاب إلى بلجيكا للقيام فقط بإجراء مكالمة هاتفية لأحد الأفراد، وهو المغربي المسمى "يوسف بلحاج"، المحكوم ب12 سنة مقابل مبلغ مالي. الشاهد السادس، واسمه "كمال أحبار"، اعترف أنه كان مع "محمد أفلاح" في سوريا وتركيا والعراق، وهو الذي اتصل بوالديه يخبرهم عن تنفيذه عملية استشهادية ضد الجيش الأمريكي بالعراق، وقد صرح أمام قاضي التحقيق قبل أن تبدأ المحكمة. وفي المحكمة صرح بكل تفاصيل الأحداث، ابتداء من التخطيط وحتى التنفيذ، وأعلن أن كل المتهمين الذين يحاكمون في هذه القضية أبرياء ولا علاقة لهم بالأحداث، وما هم إلا أكباش فداء، حتى أنهم سألوه عن اسمي شخصيا، فقال لا أعرفه ولا أعرف هذا الاسم. الشاهد السابع، وهو سوري، اعترف بأنه يشتغل لدى المخابرات الإسبانية، قال "أحبار كمال" إن المتفجرات صنعت في المدينة التي يسكن فيها. وهذا كله مجرد غيض من فيض من الأقوال والوقائع التي عرفتها أغرب محاكمات إسبانيا الحديثة، وهي موثقة ومسجلة على الانترنت في الموقع المخصص للأحداث لمن أراد الرجوع إليها. وفي الكلمة الأخيرة احتججت على سير المحاكمات كما أسلفت وصرحت خلالها أن هذه المحاكمة أكبر دليل على براءتي لأسباب عدة منها: أن كل المتهمين وكل الشهود نفوا جميع الأقوال المنسوبة إليهم، وطلبت خلال حضور الشرطة الفرنسية التي حققت معهم للإدلاء بشهاداتهم بخصوص هذه الأقوال كما فعلت مع بعض المتهمين، حيث أحضروا الشرطة التي حققت معهم في بلدان أخرى، وبعد هذه الكلمة تكلم دفاعي وأبطل جميع الافتراءات المنسوبة إلي، وأشكر له ذلك، فقد اجتهد من عنده، لأنني لا أفهم اللغة لكي أتفاهم معه، إلا أن النيابة العامة تدخلت وأعلنت في كلمتها الأخيرة بوجود دليل قاطع على تورط الحسكي في الأحداث، وهذا الدليل هو أنه ترك أولاده مشردين في سوريا وجاء إلى إسبانيا، وبناء على هذا الدليل القاطع أكدت طلبها القاضي بسجني 40000 سنة! وفي اليوم الموالي نشرت جريدة (الموندو) مقالا تسخر فيه من النيابة العامة، حيث كتبوا يحذرون كل من ترك أولاده في مكان ما فهو متورط في أحداث تفجير القطارات، فكانت نهاية مسرحية المحاكمة يوم 2/7/2007. وبعد يومين فقط 4 (/7/2007) أخذوني إلى القاضي (بولمو)، الذي أخبرني أنني مطلوب من المغرب، وأنني إن كنت بريئا من 11 مارس فسأبقى في السجن حتى يسلموني إلى المغرب، وهذا أكبر دليل على أن القاضي كان يعلم ببراءتي، وكانت هذه المرة الثالثة التي يخبرونني أنني مطلوب إلى المغرب، الأولى والثالثة مع نفس القاضي (بولمو)، والثانية مع قاضية أخرى، ولم أكن أتردد في توقيع ترحيلي إلى المغرب رغم أنهم كانوا يريدونني أن أرفض ذلك، حيث تحولوا إلى ناصح أمين وطلبوا مني مرارا التريث والتفكير الجيد وعدم التوقيع على طلب الترحيل، بدعوى مصلحتي والخوف علي مما قد أتعرض له هناك!!! إلا أنني أخبرتهم أنني بريء في كل من إسبانيا والمغرب، وأنني مستعد أن أدافع عن براءتي في كل مكان. وفي يوم 31/10/2007 فوجئت كغيري من الضحايا بالحكم علي بالسجن 15 سنة، وعندها خضنا إضرابا مفتوحا عن الطعام لمدة 23 يوما احتجاجا على تلك الأحكام الظالمة، وقد منعونا منعا تاما من الاتصال بوسائل الإعلام وبالمنظمات الحقوقية لتبيان مظلوميتنا ورفع صوتنا ولا زال هذا المنع مستمرا. وفي يوم 17/7/2008 صدرت أحكام الاستئناف فخفف الحكم علي إلى 14 سنة بدل 15 سنة!! وبعد ذلك طالبت مرة أخرى بترجمة ملف التهم التي حوكمت من أجلها، ولكن دون جدوى إلى يومنا هذا. فهذا مجرد نبذة مختصرة عن المحنة والظلم الذي مررت به منذ اعتقالي إلى إصدار الأحكام الجائرة، ونفس الشيء حصل مع باقي المجموعة المتهمة في 11 مارس، وخاصة المغاربة منهم كما قال لي المحامي نفسه بأن هذه المحاكمات سياسية وتستهدف المغرب والمغاربة. ومن بينهم المتهم الرئيسي "جمال زوكام"، الذي ظلوا يطاردونه لسنوات عدة ويلحون عليه كي يشتغل كعميل لهم نظرا لوجود محله التجاري في منطقة تعج بالمهاجرين ويتوافد عليه الناس من كل الجنسيات، وقد كان يتاجر في الهواتف المحمولة والبطاقات الهاتفية، فتم إقحام المسكين في هذا الملف على خلفية أن البطاقات التي استخدمت في تفجير القطارات عن بعد تم شراؤها من دكانه، رغم أن الذي يبيع البطاقات هو خادم يشتغل معه وليس هو بنفسه، وهذا الخادم لم تستدعه المحكمة لسماع شهادته، كما أن النيابة العامة اعتمدت في اتهامه على شهادة متناقضة لثلاث رومانيات ادعين أنهن رأينه في القطار في يوم الأحداث، كل واحدة زعمت أنها رأته في قطار، وفي نفس التوقيت، فواحدة في القطار رقم 12 على الساعة الثامنة، والأخرى رأته في القطار رقم 18 على الساعة الثامنة، والأخرى رأته في القطار رقم 25 على الساعة الثامنة، وكان "جمال زوكام" ثلاث نسخ كل واحدة تتجول في جهة، وقد أسالت شهاداتهم تلك مدادا كثيرا في الصحافة دون جدوى، وطرحت علامات استفهام كثيرة لتناقضها الفاضح، كما أن اثنتين منهن كانتا تشيران إلى شخصين آخرين غير "جمال"، خلال عرضه للتعرف عليه قبل المحاكمة، لكن في شهادتهن أمام المحكمة أشرن كلهن إلى جمال بعد أن عدلت الأدوار المسرحية وأعيد ترميم السيناريو، وكأن القطار لم يكن فيه صبيحة 11 مارس سوى "جمال زوكام" والرومانيات الثلاث، أم أن القطار كان في رومانيا وليس في مدريد، ولم نستغرب حين علمنا أن الرومانيات فعلن كل هذا فقط للحصول على وثائق الإقامة الإسبانية بعد انتهاء المسرحية وإتمام دورهن بنجاح، فيما تم إهمال شهادة والدة "جمال" وأخوه وجيران بيتهم الذين شهدوا أن "جمال" كان صبيحة الأحداث نائما في بيته، والغريب أيضا أنهم قبضوا على "جمال زوكام"، المغربي المسلم بائع البطاقات، ولم يقبضوا على الهنود بائعي الهواتف التي استعملت في تفجير القطارات رغم اعترافهم أمام المحكمة بذلك، لسبب بسيط هو أن الهنود ليسوا مسلمين ولا مغاربة. أما المغربي المسكين الذي قدم كمتهم رئيسي ثاني بعد "جمال زوكام"، فهو "عثمان الكناوي"، هذا الشخص لم تكن له علاقة بالصلاة حتى فضلا عن التورط في مثل تلك الأحداث، بل إنه كان مدمن مخدرات، وكان جل وقته يقضيه في الحانات والمقاهي والملاهي الليلية غير أنه اشتغل يوما مع (التشينو)، أحد المتهمين الرئيسيين الذين كانوا في بيت (ليغانس) وقت انفجاره. وقد سبق له أن اتصل به مرتين للقيام ببعض الإصلاحات في منزله بحكم عمل عثمان الكناوي، مع العلم أن أشخاصا آخرين لديهم مكالمات مع (التشينو)، إلا أنهم ليسوا مغاربة، أما "فؤاد المرابط"، فقد ادعت النيابة العامة وجود جماعة إرهابية خطيرة في إحدى مناطق مدريد تتكون من مغربي وسوريين ومصري، أطلقوا سراح الكل إلا المغربي فؤاد، الذي حكم ب12سنة، مع أن السوري والمصري طلبت لهم النيابة العامة 40 ألف سنة، واتهمت المصري بكونه العقل المدبر لكل الأحداث، لكن المحكمة برأته!!! أما "يوسف بلحاج"، الذي جاؤوا به من بلجيكا، على أساس أنه الملقب ب"أبي دجانة" الملثم، الذي تكلم في الشريط وتبنى عملية مدريد، ورغم أن الشرطة صرحت أمام المحكمة أن يوسف ليس هو المدعو "أبو دجانة"، فقد تم اعتقال كل من أخته وزوجها واثنين من أبنائهما، وتركوا ثلاثة أطفال لوحدهم في البيت مدة 5 أيام، ثم طلبوا من أحد الأبناء أن يتحدث عن خاله بما لقنوه إياه، فبدأ يتهمه بالتشدد والإرهاب، إلا أنه اعترف أمام المحكمة بأن أقواله غير صحيحة، وأنها نتيجة ضغوطات، وأنه فعل ذلك من أجل إطلاق سراح أسرته الوالد والأم والإخوة!!!! وفي الأخير أقول إن هذا الذي ذكرته هو ما اعتمدته المحكمة كتهم رئيسية في إدانة من أدين وتوريطهم في الأحداث، فبعد انفجار بيت (ليغانش) ومقتل الرئيسيين في الأحداث، ووصول آخرين منهم إلى العراق، لم تجد المحكمة من مشجب تعلق عليه إخفاق شرطتها واستخباراتها سوى البحث عن أكباش فداء لإسكات الرأي العام الإسباني المشحون، فكنا نحن الضحية، وورقة يلعب بها الحزبان الرئيسيان في الانتخابات، هذا مجرد الشيء اليسير مما عشناه في المحكمة، أما من جانب السجون فكنا نعاني الإهمال واللامبالاة، ليس فقط من إدارة السجن، بل تم تجاهلنا حتى من المنظمات الحقوقية والصحافة الإسبانية والعالمية، وكنا نعيش ظروفا أشد من التي عاناها معتقلو غواتنامو، وقد صرح المحامون بذلك أمام المحكمة، وكنا نعاني من العنصرية الشديدة والاعتداءات من طرف السجناء، حيث تعرض خمسة أشخاص ممن حوكموا في قضية الإرهاب بطعنات مختلفة بالسكاكين، ومنهم أبو الدحداح السوري، وآخرهم المغربي، الذي نجا من الموت بأعجوبة، ولقد توفي واحد في ظروف غامضة في بداية 2005، وطويت قضيته التي لم تتحدث عنها وسائل الإعلام ولا الجمعيات الحقوقية، وحكاية هذا المتوفى أو المقتول هي كالتالي: يذكر الرأي العام الخبر الذي اهتزت له إسبانيا، ومفاده بأنه قد تم توقيف مجموعة من (المورو)، يعني المغاربة، الذين كانوا يخططون لاستهداف المحكمة الوطنية وملعب نادي ريال مدريد، وقد أجرت جريدة "الموندو" حوارا مع المغربي عبد القادر، والملقب (كارطاخينا)، عميل الاستخبارات، وصرح بأنه هو من أدلى للشرطة بهذه المعلومة بوحي من الاستخبارات للإيقاع بمجموعة من الشباب المغاربة والجزائريين، الذين حوكموا بسنوات عدة ثم أطلق سراحهم في الاستئناف، وقد أدلى هذا العميل بنفس الاعترافات أمام المحكمة، وقد كان هذا المغربي المقتول بالسجن ضمن هذه المجموعة، ولم يفتح أي تحقيق في كل ما جرى من اعتداءات علينا، بل العكس هو الذي حصل، فقد كانوا يحرضون السجناء ضدنا، وذلك بإظهار صورنا على التلفاز ووصفنا بالإرهابيين والقتلة، وبعدها يضعوننا مع أخطر سجناء الحق العام المشحونين ضدنا للاعتداء علينا على مرأى ومسمع من حراس السجن، وبإيعاز وتشجيع منهم، وقمنا بمراسلة الجهات المعنية لطلب ترحيلنا إلى المغرب، أو على الأقل لقاء أحد المسؤولين من السفارة المغربية وبعد إلحاح شديد زارنا شخصان على أنهما من السفارة المغربية، فشرحنا لهما أوضاعنا ورغبتنا في الترحيل نحو بلادنا ووعدانا بالعودة إلينا بعد عرض الطلب على السفير المغربي، لكنهما لم يعودا، كما طالبت من إدارة السجن ومديرها المتعصب مرارا ربط اتصال بدفاعي، وهذا كما تعلمون من أبسط حقوق المتهم، فكانوا في كل مرة يرفضون بحجج واهية، فمرة يقول إنه لا يعرفه مع أن اسمه مدون في كل وثائقي وعند المحكمة وكل الجرائد، ومرة يقول لإجراء هذا الأمر فلابد أن أحضر وثائق اشتراك وأنا سجين فكيف لي بهذا الأمر وهكذا....! وفي 1/10/2008 سلموني ورقة باللغة الإسبانية، أخبرني من سلمني إياها أنني سأذهب إلى المغرب، وفي هذه الحالة لابد من عرضي على القاضي لأخذ موافقتي على هذا الترحيل، وهذا ما لم يحدث أبدا، وهو خرق واضح للقانون، فقد تم اقتيادي إلى مدريد، ومنها إلى المطار باتجاه المغرب، مع أنني في السابق طالبت مرارا بترحيلي دون جدوى، فتم ترحيلي دون سابق استشارتي، كما هو مصادق عليه قانونيا، وكأنني لست طرفا في الموضوع. هذا مجرد غيض من فيض كبير، ولمن أراد التأكد فالمحاكمات موثقة على موقع بشبكة الانترنت، والتي لا تقل ظلما عن الكثير من المحاكمات التي حوكم إثرها الآلاف من المسلمين، فقط لإسلامهم وتعاطفهم مع قضايا الأمة الإسلامية، وهو ما يؤكد الحقد الصليبي الذي يحرك الغرب، والذي نسف كل ما يرفعونه من الشعارات البراقة، كالحرية والتسامح وحقوق الإنسان والعدالة... تلك الشعارات الزائفة التي صدعوا بها الأسماع لسنوات واحتلوا من أجلها البلدان، بدعوى نشرها وفرضها بالقوة على الناس، فمحاكم التفتيش التي مر بها المسلمون في الأندلس لم تغلق أبوابها بعد، رغم دخول البشرية القرن الواحد والعشرين. ومن هذا المنبر أكرر وأرفع ندائي عاليا إلى كل من يهمهم الأمر، حقوقيين إعلاميين أحزاب سياسية ومسؤولين أن لكم أبناء من أبناء هذا الوطن يعيشون مأساة حقيقة ويكتوون بنار الظلم التي أوقدتها أمريكا في حربها على (الإرهاب المزعوم)، يستغيثون بكم للتدخل، فهل من مغيث؟ اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد. اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد". كتبها حسن الحسكي من سجنه في مدينة سلا (يناير 2009)