أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، أن المغرب وجه دعوة لإيران من أجل حضور اجتماع لجنة القدس القادم، الذي ستحتضن دورته ال20 مراكش يومي 17 و18 يناير الجاري، مشيرا إلى أن الدعوة جاءت عن طريق منظمة التعاون الإسلامي، المؤسِّسة للّجنة، "ولم نتوصل بعد بمستوى التمثيل الإيراني في هذه الدورة". مزوار أوضح، في حوار صحفي مع جريدة الشرق الأوسط اللندنية، أن إيران تحضر اجتماعات لجنة القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس، بصفتها عضواً "شأنها في ذلك شأن باقي الأعضاء"، وهم يمثلون 16 بلدا من بين بلدان الدول الأعضاء، مضيفا أن أشغال الدورة الحالية سيحضرها وزراء خارجية 10 دولة أعضاء، بما يعني أن اسم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يدخل ضمن قائمة المدعوين والمطلوب حضورهم في هذا الاجتماع. وفي حالة حضور ظريف للمغرب خلال اجتماع لجنة القدس، سيكون أول مسؤول إيراني رفيع المستوى يزور المغرب، منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرباطوطهران عام 2009، خصوصا وأن إيران، قبل ذلك التاريخ، كانت ضمن الأعضاء الحاضرين في آخر اجتماع للجنة القدس، والتي أقيمت بمراكش في 25 يناير 2002؛ فيما كسّر يوسف العمراني، الوزير الأسبق المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، جمود تلك العلاقات بمشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز، في 28 غشت 2011، بطهران.. دعوة إيران للحضور إلى اجتماع القدس بالمغرب، تأتي في وقت لا تزال فيه العلاقات بين البلدين مُعلّقة، خاصة بعد أن قرّرت الرباط قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، في مارس 2009، على خلفية تداعيات الأزمة البحرينية - الإيرانية وتضامن المغرب القوي مع البحرين، إضافة إلى ما رآه المغرب وقتها تهديدا إيرانيا لوحدة المذهب المالكي، عبر تشجيع التشيع بين أهل المغرب. إلا أن دعوات أكاديمية وسياسية مغربية أخيرة رأت في استئناف الرباط لعلاقتها مع طهران سيجلب منافع دبلوماسية أكثر منها مفاسد على البلدين، خاصة بعد أن لاحت في الأفق بوادر تَشكّل حلف دولي مشترك جديد يجمع "أمريكا أوباما" و"إيران روحاني"، في أعقاب انفتاح غربي على طهران، أفضى إلى توقيع اتفاق تاريخيّ، السنة الماضية، يقضي بتسوية الملف النووي الإيراني مع الغرب؛ وهو ما من شأنه أن يأذن بميلاد نظام عالمي جديد يغيّر من قواعد ومعادلات العلاقات الدولية الحالية. لكريني: لا قطيعة بين البلدين والعلاقات ستعود لطبيعتها ادريس لكريني، أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر ألّا قطيعة تطبع في الأصل العلاقات الإيرانية-المغربية، "لأن أساس أي علاقات دولية هو المصلحة وتغيُّر الظروف الدولية والاقليمية تستدعي اتخاذ مبادرات ثنائية لعودة الدفء بين الرباطوطهران"، تنضاف إلى ذلك الأصوات السياسية والأكاديمية المغربية التي دعت مؤخرا إلى تجاوز تلك الخلافات ورأب الصدع، يقول الكريني، "خاصة وأن إيران حققت العديد من المكتسبات الدولية في الآونة الأخيرة". وأشار الكريني، في تصريح لهسبريس، إلى غياب تصريحات عدائية من الطرف الإيراني صوب قضايا الوحدة الترابية والمذهبية للمغرب منذ أزمة تداعيات التضامن المغربي مع البحرين، "القطيعة التي حصلت منذ 2009 لم تتطور إلى صدامات أو تصريحات عدائية تؤدي إلى تأزيم الوضع بين الجانبين"، موضحا أن الأمر كان يتعلق ببعث رسائل مغربية تطالب باحترام سيادته الترابية والمذهبية. مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، قال إن إيران أصبحت تشكل في الوقت الراهن قوة دولية واقليمية معتبرة، بعد تقارب وجهات النظر مع القوى الغربية، خاصة أمريكا، في ملف تطوير الترسانة النووية الإيرانية، مضيفا إلى الخطاب الجديد الذي بات يقرب طهران من خصمها التاريخي المتمثل في الرياض، فضلا عن التغيرات السياسية الداخلية التي صاحبت صعود أحد أقطاب التيار الإصلاحي، على حد تعبير لكريني. ويرى المحلل السياسي أن تلك المؤشرات جميعها "تسمح بإعطاء إشارات إيجابية لأطراف دولية أخرى بما فيها المغرب"، ما قد يفضي مستقبلا، حسب لكريني، إلى عودة الدفء في علاقات الطرفين ورجوع كل سفير دولة إلى منصبه الأصلي في البلد الأخرى. حضور إيران للقاء لجنة القدس سيكون عاديا، حسب الأستاذ الجامعي، لكن حضور تمثيلية وازنة من وزارة خارجيتها سيكون مؤشرا يؤكد التوجه السابق لرأب صدع العلاقات الثنائية، معتبرا أن القضية الفلسطينية، في سياق انعقاد لجنة القدس الأسبوع القادم بمراكش، بحاجة إلى أن تكون الدول الإسلامية، بما فيها المغرب وإيران، في مستوى مخاطبة القوى الدولية الكبرى "للمرافعة على القضية والتكتل من أجل فرض احترام دولي".