بعثت جمعيات نسائية مذكرات إلى وزارة العدل حول رؤيتها الإصلاحية لمدونة الأسرة، يتم نقاشها على مستوى وزارة العدل، بحسب الوزير عبد اللطيف وهبي. وتضمنت المذكرات المطروحة على الوزارة المطالبة بتغيير شامل لمدونة الأسرة، اعتمادا على تطبيق مبدأ المساواة وأخذا بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وإدخال تعديلات على جميع الجوانب، سواء تعلق الأمر بالزواج أو الطلاق وحتى الإرث والنسب. وقالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، إن المذكرة التي تم توجيهها إلى الوزارة تطالب بتغيير جذري للمدونة، مشددة على ضرورة "الأخذ بعين الاعتبار قيمة المساواة في أي تعديل سيتم إدخاله، وملاءمتها مع مقتضيات دستور 2011". وأضافت موحيا، ضمن تصريح لهسبريس، أن "هناك فرصة وإرادة ملكية لتغيير هذه المدونة التي طال العمل بها إلى 18 سنة، وبالتالي لا بد من استغلال هذه الفرصة لتنزيل إصلاح شامل لأنه لا يمكن أن ننتظر 20 سنة أخرى لتحقيق التغيير". وتابعت قائلة: "بنات هذا الجيل والطفلات الصغيرات اليوم متشبعات بمبادئ المساواة وحقوق الإنسان. العقليات تغيرت، وبالتالي لا بد من قوانين تساير هذا التغيير". من جانبها، قالت عائشة لخماس، عضو اتحاد العمل النسائي، إنه لا بد من "إصلاح شامل وعميق لمدونة الأسرة بما يتلاءم مع الدستور والاتفاقيات الدولية"، مؤكدة أن المقترحات التي تقدم بها الاتحاد إلى الوزارة الوصية على القطاع تطالب ب"تغيير يشمل لغة المدونة وفلسفتها وجميع مضامينها، مع تعريف الزواج وشروطه وأيضا الطلاق وشروطه". وأضافت الخماس، في تصريح لهسبريس، أن "الزواج كمؤسسة مبني على أسس المحبة والمودة وأيضا على أسس اقتصادية، وبالتالي لا بد من البناء الاقتصادي للأسرة، وتنظيم العلاقات المالية للأسرة حتى قبل الزواج". وتابعت المتحدثة ذاتها بأنه "يجب التنصيص على المطالبة بتقديم وثائق عن الوضعية المالية قبل الزواج، وكيفية تنظيم الأموال أثناء الزواج أو حتى حين انتهائه سواء بالطلاق أو الوفاة"، مبرزة أن "القضايا التي تملأ المحاكم مرتبطة أساسا بالمال". وشددت عضو اتحاد العمل النسائي على وجوب التأكيد على "مبدأ المساواة في التكفل بالأطفال والولاية عليهم، وأيضا العمل المنزلي وحل إشكالات الحضانة، وتنظيم الطلاق كما يتم تنظيم الزواج، وتنظيم العلاقة فيما بعد الطلاق، خاصة في المسائل المالية لتفادي كثرة النزاعات". وأبرزت لخماس ضرورة "الاهتمام بحل النزاعات أثناء قيام العلاقات الزوجية"، موردة أن "الشقاق يرفع للمحكمة لوجود نزاع حول الأطفال بخصوص النفقة أو غيرها، وهو ما يتطلب قضاء متخصصا، وبالتالي لا بد أن تكون محاكم الأسرة والنيابة مستقلة وتتوفر على بعض الأقسام الضرورية مثل المساعدة النفسية والاجتماعية". وطالبت لخماس ب"إدخال مجموعة الآليات الجديدة، مثلا استدعاء الزوج أو الزوجة عبر الهاتف"، وطالبت بإلغاء تعدد الزوجات، معلقة: "كما ألغاه المغاربة في الواقع المعيش، لكنه قائم يقلق راحة الزوجات بالتنصيص عليه". وتوصلت هسبريس بنسخة من مذكرة الفيدرالية الموجهة إلى وزير العدل، تطالب من خلالها ب"إعادة صياغة مدونة الأسرة صياغة قانونية واضحة تحترم كرامة المرأة وتضمن انسجام بنودها، وحذف كل الصيغ والمواد والأفعال المبنية على التشييء والدونية والتمييز بسبب الجنس والدين والماسة بالكرامة الإنسانية للنساء". وتطالب الفيدرالية من خلال مذكرتها أيضا ب"جعل قانون الأسرة قانونا متناسقا منسجما يضمن الاستقرار الأسري والمساواة بين الزوجين في الحقوق وفي الرعاية والمسؤوليات"، مشددة على ضرورة "توحيد القوانين المطبقة وطنيا بشأن قضايا الأسرة، وإغلاق الباب أمام الأعراف التي تكرس الدونية وتشرعن الحيف في حق المرأة والقاصرات (وخاصة أن المغرب أصبح يستقبل المهاجرات)، وعدم التنصيص على أي استثناء بصفة قانونية حتى يكون القانون الناظم الوحيد وحتى تحقق الدولة هيبتها ووحدة قانونها وسواسية المواطنين أمامه".