دعت فدرالية رابطة حقوق النساء إلى ضرورة تعديل مضامين مدونة الأسرة، مشيرة إلى أنه "بعد كل التغييرات السياسية والاجتماعية والتشريعية التي عرفها المغرب، وبعد مرور 14 سنة على دخولها حيز التطبيق، أصبح من اللازم القيام بمراجعة شاملة لهذا القانون، بالنظر إلى اعتبارات كثيرة". وضمن تقرير يحمل عنوان "14 سنة من تطبيق قانون الأسرة: استعجالية الملاءمة والمراجعة الشاملة"، قالت الفدرالية إن "حصيلة التقييم لتطبيق مدونة الأسرة أبانت عن معيقات وثغرات في التطبيق، وفراغات قانونية، واستمرار لاجترارها وتكريسها مظاهر التمييز الجنسي والديني والتشييء، مما يفرض التطلع نحو تجاوزها". ورصد التقرير عددا من الاختلالات التي تطال النص القانوني، مفيدا بأنه لم يؤد الدور المنوط به، خاصة في ما يتعلق بالقضاء على زواج القاصرات، والحد من التمييز بين الجنسين، والتحايل على القانون من أجل القيام بتعدد الزوجات، وغيرها. وأبرز التقرير أن "الغاية من مدونة الأسرة لم تتحقق، بحيث إن زواج القاصر أصبح هو القاعدة، وبالتالي فالقضاء لم يقم بدوره إزاء طلبات تزويج القاصر وفق فلسفة وروح هذا القانون في مجال حماية الأطفال"، متابعا بأن: "تطبيق مدونة الأسرة لم تواكبه الجهات المختصة، وبالشكل المطلوب، بتوعية المجتمع وبالمساهمة في تغيير العقلية الذكورية الموروثة". وأكد المصدر نفسه أن زواج القاصرات شكل سنة 2011 نسبة 11.99 بالمائة، وهي أعلى نسبة لتزويج القاصرات طيلة فترة تطبيق مدونة الأسرة، أما أدنى نسبة فقد سجلت خلال السنة الأولى من دخول المدونة حيز التنفيذ، أي سنة 2004، ب 7,75 بالمائة. وأبرز التقرير أن الطلبات المسجلة لتزويج القاصرات في تزايد مستمر، ونسبة قبول الطلبات من قبل القضاة كذلك في تزايد؛ إذ تراوحت ما بين 85 و92 بالمائة، "مما يبرز دور ارتفاع عدد الأحكام المستجيبة للطلب في المساهمة في تحفيز الأشخاص على الإقبال على تقديمها بكثرة"، يقول التقرير. على صعيد آخر، أوصى التقرير بوجوب حصر ثبوت الزوجية على الراشدين فقط (18 سنة وما فوق) بالنسبة للحالات التي تمت قبل التعديل المرتقب، مع توسيع نطاق توثيق عقد الزواج وتمديد الاختصاص لضباط الحالة المدنية وللسلطة الإدارية في حال عدم توافر العدول، وأيضا فرض عقوبات زجرية على كل المتآمرين والمتحايلين باستعمال مقتضيات هذه المادة لأجل زواج القاصرات وتعدد الزوجات، وتفعيل مبدأ منع التعدد وحذف الاستثناء بالإذن به. ودعت الفدرالية إلى ضرورة تفعيل المساواة بين المرأة والرجل في الحق في الزواج من غير المسلمين، مبرزة أن معدلات الزواج المختلط في ارتفاع بالنسبة للنساء المغربيات المقيمات بالخارج، مما يتسبب في عدة مشاكل قانونية واجتماعية. وشدد المصدر نفسه على ضرورة إلغاء جميع المقتضيات التي تحرم المرأة من حقها في الولاية القانونية على أبنائها القاصرين، مع مراجعة جميع المقتضيات التي تجعلها في مرتبة ثانوية أو تحت وصاية طرف آخر، "والتنصيص على حقها بشكل متوازٍ مع الزوج تجسيدا لتعريف الزواج باعتباره إنشاء أسرة تحت رعاية ومسؤولية الزوجين معا، ولما تطرحه بعض المقتضيات من إشكالات تمس حقوق الأبناء وتعطل مصالحهم، خصوصا خلال انفصال الطرفين وطلاقهما". ونادى التقرير بضرورة "التنصيص دائما على حق الطفل في النسب من أبويه البيولوجيين، مع ضرورة اعتماد الخبرة الجينية في جميع قضايا النسب"، وأكد على "وجود نصوص ضمن المدونة تنطوي على التمييز واللامساواة وغموض وعمومية ونصوص أخرى وفراغات مهولة بشأن مسائل شتى"، وطالب بضرورة مراجعة مقتضياتها "بما يضمن إلغاء جميع الأحكام المتعارضة مع مبدئي المساواة والعدل، ويقطع مع كل مظاهر التمييز والدونية والنمطية، ويقتضي بُعد استحضار كل تلك التعارضات".