للحد من التحايل على مقتضياتها لأغراض تزويج الطفلات القاصرات وتعدد الزوجات معطيات خطيرة وجد مقلقة وقفت عليها جمعية مبادرات للنهوض بحقوق النساء تهم الاستعمال التحايلي للمادة 16 من قانون الأسرة لأغراض تزويج الطفلات القاصرات وتعدد الزوجات، حيث سجلت وإلى حدود سنة 2012 نسب جد مرتفعة لزواج طفلات في عمر العشر سنوات، وفي أحسن الأحوال لم يتجاوز سنهن الخمسة عشرة عاما، حيث أن نسبة 25،5 في المائة من الأحكام الإيجابية لدعاوي ثبوت الزوجية والتي قضت بها محاكم الأسرة بكل من جهة فاس، خنيفرةومكناس هي لطفلات قاصرات تتراوح أعمارهن بين 10 و15 سنة عند بداية العلاقة الزوجية. نسبة مهمة من النساء قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية هذه المعطيات وأخرى تم الكشف عنها خلال اليوم الدراسي الذي نظمته هذه الجمعية لعرض نتائج الدراسة المتعلقة بالمادة 16 من مدونة الأسرة، والتي قامت بها بدعم من وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وسفارة فلندا، وهي الدراسة التي شملت ميدانيا محاكم الأسرة بفاس، مكناس، خنيفرة، كما شملت تحليل المعطيات المتوفرة لدى الشبكة الجهوية لأناروز والتي تضم مراكز استقبال النساء ضحايا العنف العاملة بالمنطقة . وأفادت الدراسة، أن النساء اللواتي حصلن على أحكام إيجابية بثبوت الزوجية، نسبة مهمة منهن كن قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية، حيث لم يتجاوز معدل أعمارهن عشر سنوات بفاس، و11عاما بخنيفرة، مشيرة أن الفصل 16 من مدونة الأسرة المتعلق بثبوت الزوجية والذي يتم العمل به في إطار فترة انتقالية ستنتهي في 14 فبراير الجاري، والذي جاء ليمكن الأزواج خاصة القرويين من توثيق علاقاتهم الزوجية، يتم استغلاله بشكل تعسفي وذلك منذ السنة الثانية لدخول مدونة الأسرة حيز التطبيق من أجل تزويج القاصرات أو اللجوء إلى التعدد الذي أحاطه المشرع بالعديد من القيود. وأشارت في هذا الإطار إلى الإحصائيات السنوية التي سجلتها وزارة العدل بشأن الأحكام الإيجابية بثبوت الزوجية الصادرة بمختلف محاكم المملكة، حيث أنه في سنة 2004 تاريخ صدور المدونة لم تكن الأرقام تعني إلا بضع آلاف من الأزواج، في حين ارتفعت النسبة بسرعة مضطردة في السنوات الموالية لتلبية الطلبات المتزايدة لتصل سنة2011 إلى أرقام قياسية تجاوزت أكثر من 45 ألف حكم. التحايل على قانون الأسرة لتزويج الفتاة القاصر واستدلت الجمعية لإظهار الاستغلال التحايلي لقانون الأسرة، الذي جاء بأحكام تحظر تزويج الفتاة التي لم يصل عمرها 18عاما ووضع شرط الإذن لغرض تعدد الزوجات، بنص بعض الأحكام الإيجابية الصادرة بثبوت الزوجية والتي اطلعت عليها الجمعية، حيث يشير القاضي في نص الحكم إلى السبب القاهر الذي منع توثيق الزواج ويذكر بأنه «كانت الزوجة قاصر». كما استدلت بالإحصائيات التي سجلتها الدراسة، حيث أن النساء اللواتي حصلن على حكم إيجابي بطلب ثبوت الزوجية مع عدم وجود أطفال يشكلن نسبة كبيرة، حيث تصل نسبتهن تحديدا إلى 23 في المائة، و 61 في المائة منهن كن عند بداية العلاقة الزوجية قاصرات، وأبرزت الجمعية في هذا الصدد أن 61 في المائة من الأحكام الإيجابية لدعاوي ثبوت الزوجية، لصالح الأزواج الذين لا يتوفرون على أبناء، تهم فتيات قاصرات عند تاريخ بداية العلاقة الزوجية، ويصل هذا الرقم بمجال محكمة مكناس إلى 86 بالمائة. واعتبرت أن ما تم تقديمه من أرقام بهذا الشأن، تظهر بشكل جلي التناقض الصارخ في تصريحات بعض رجال القانون وتدحض الحجة التي يتذرعون بها بقولهم بمراعاة مصلحة الأطفال عند تعاطيهم مع ملفات ثبوت الزوجية التي تتعلق بقاصرات. وكشف الخبير نور الدين بحري الذي أشرف على الدراسة وقدم معطياتها، أن أعمار الأزواج الذين تقدموا بطلبات ثبوت الزوجية، تتراوح بالنسبة للذكور بين 22 و90 عاما، فيما بالنسبة للإناث تراوحت بين 15 و79 سنة، مبرزا في هذا الصدد أن عملية إثبات الزوجية شملت الشيوخ كما شملت الشباب خاصة القاصرين منهم. الالتفاف على القانون من خلال عدم إلزام الزوج بتقديم شهادة العزوبية وسجل بموضوعية، أن الإذن الصادر عن القاضي في الحالات الخاصة بزواج القاصرات لا تتعدى نسبة 10 في المائة، في حين ترتفع الأحكام الايجابية الصادرة بثبوت الزواج، وذلك في إشارة إلى أن الأسر هي التي مازالت تعمل على تزويج طفلاتها القاصرات وتلجأ إلى التحايل على المقتضيات التي تتضمنها المدونة بحظر تزويج الفتيات مادون سن 18 سنة إلى المادة 16 القاضية بثبوت الزوجية. وهذا الاحتيال على القانون والخرق السافر، يطال أيضا مسألة تقييد تعدد الزوجات، حيث سجل المتحدث من خلال معطيات الدراسة، أن مقتضيات ثبوت الزوجية غالبا ما يتم أيضا استغلالها لغرض تعدد الزوجات من قبل عدد من الأزواج الذين يواجهون الأحكام الجديدة لقانون الأسرة، عبر منفذ إقامة علاقات زوجية خارج القانون أي دون توثيق العلاقة، مع زوجة أخرى، ثم لا يتقدمون بدعوى ثبوت الزوجية إلا بعد أن ينجبوا أطفالا من هذه العلاقة. وأوضح أن الالتفاف على القانون، يتم من خلال عدم تقييد الزوج بتقديم شهادة العزوبية، حيث صرح العديد من القضاة الذين التقت بهم الجمعية أن مقتضيات المادة 16 لا تحثه على سؤال طالب ثبوت الزوجية عن حالته العائلية أوعلى إجراء تحقيق حول الموضوع إن لزم الأمر، وأنه نادرا ما يتم اللجوء إلى هذا الإجراء الأخير. وأبرزت أن هذا الأمر يلعب فيه الزوج الراغب في التعدد دورا كبيرا حيث أكد عدد من قضاة ورؤساء أقسام قضاء الأسرة، أن الزوج المتزوج والراغب في التعدد يلجأ إلى تغليط المحكمة بتسليمها عنوانا خاطئا للزوجة الأولى بل ويحاول بعض عديمي الضمير إرساء العون المكلف بتسليم الاستدعاء. الترافع يندرج في إطار مطالب الحركة الحقوقية النسائية وأعلنت رئيسة جمعية مبادرات للنهوض بحقوق النساء مكناس، إلهام الشرقاوي جواد، في كلمة لها خلال هذه اللقاء، عن إطلاق الحركة النسائية ومراكز الاستماع واستقبال النساء وضحايا العنف التابعة لشبكة أناروز، لحملة ترافعية لإصلاح الفصل 16 الذي أصبح ثغرة تسهل تزويج القاصر والتعدد في تناقض مع القوانين، بعد أن تحول عن الهدف الذي جاء من أجله ممثلا في تسهيل توثيق الزواج و تحديدا بالنسبة للأزواج المنحدرين من المناطق النائية والقروية الذين لم يتمكنوا من توثيق زواجهم، والذي كان قد وضع في إطار مرحلة انتقالية حيث من المقرر أن ينتهي العمل به في فبراير2014 . وأبرزت رئيسة الجمعية أن هذا الترافع يندرج في إطار مطالب الحركة الحقوقية النسائية، التي تروم التطبيق الإيجابي لبنود مدونة الأسرة بما ينسجم و روح الديمقراطية والمساواة التي تتضمنها. وأفادت بأن الجمعية في إطار عملها التنسيقي الجهوي للشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف «أناروز»، انخرطت منذ سنوات، في توعية الساكنة القروية باللجوء إلى إجراءات ثبوت الزوجية وذلك عبر حملات و قوافل تحسيسية، مؤكدة أنه خلال هذا المسار تأكد لها الاستعمال السيئ والمتعسف لهذه الإجراءات. وأوضحت أن الفصل16 من مدونة الأسرة، المعمول به خلال مرحلة انتقالية تمتد على عشر سنوات «2013-2004» لتسهيل توثيق الزواج وتحديدا بالنسبة للأزواج المنحدرين من المناطق النائية والقروية الذين لم يتمكنوا من توثيق زواجهم، أضحى أداة لتعدد الزوجات وتزويج القاصرات مما يعتبر خرقا سافرا لحقوق الإنسان ولمقتضيات قانون الأسرة المغربية. ضرورة القيام بتقييم تطبيق مدونة الأسرة وأبرزت إلهام الشرقاوي جواد، أن نتائج الدراسة التي قامت بها الجمعية بكل من فاس، مكناسوخنيفرة بينت أن إجراءات ثبوت الزوجبة تسمح بالاعتراف بعمليات تتم خارج القانون تتعلق بتزويج القاصرات وذلك بنسب مرتفعة، بل وأن هذه الإجراءات تشجع أيضا على تعدد الزوجات «خارج إطار القانون» لأن إيداع ملف طلب ثبوت الزوجية لا يلزم بالتوفر على شهادة العزوبة، والقضاة ليسوا مجبرين على فتح تحقيق في الموضوع. ومن جانبها، دعت منسقة شبكة أناروز،عاطفة تمجردين، إلى ضرورة القيام بتقييم تطبيق مدونة الأسرة في الجانب الخاص بعملية توثيق ثبوت الزوجية، وبحث المؤسسة التشريعية بتشارك مع مختلف الأطراف المعنية، خاصة مكونات الحركة النسائية للتفكير في كيفية وضع إجراءات دقيقة تكفل الحد من كل التحايلات التي قد تمس بعملية ثبوت الزوجية والذي تعد المقتضيات الخاصة به إستراتيجية بالنسبة لعشرات الآلاف من الأسر المغربية الذين لم يتمكنوا من توثيق علاقاتهم الزوجية في الوقت المناسب. واعتبرت الفاعلة الحقوقية أن الواقع الذي يطبعه وجود حالات عديدة للزواج غير الموثق بات يفرض تحديد الحالات الحقيقية التي لم تمكنها الظروف من توثيق الزواج، وضبط الذين يلجؤون لذلك في خرق للقانون، منوهة في هذا الصدد بالدور المحوري والهام الذي لعبته المحاكم التنقلية التي نظمتها وزارة العدل وساهمت في التحسيس والتعريف بها جمعيات المجتمع المدني والسلطات المحلية ،والتي استفادت من خدماتها عدد من الأسر بالمناطق النائية للتوثيق الزواج.