أفادت دراسة، أنجزتها جمعية "مبادرات للنهوض بحقوق النساء مكناس"، حول مدى تطبيق الفصل 16 من مدونة الأسرة المتعلق بثبوت الزوجية وذلك انطلاقا من أحكام ثبوت الزوجية بمحاكم الأسرة بمكناسفاسوخنيفرة، أنه غالبا ما يقع استغلال مقتضيات ثبوت الزوجية لأغراض تعدد الزوجات من قبل العديد من الأزواج، الذين يواجهون الأحكام الجديدة لقانون الأسرة في هذا الشأن. كما أثبتت الدراسة خضوع مسطرة ثبوت الزوجية للتحايل من أجل تزويج القاصرات. وسجلت الدراسة، التي أجريت على عينة تهم 183 حالة، اختيرت بشكل عشوائي من حالات طلب الاعتراف بالزواج وتلقت حكما قضائيا إيجابيا في سنوات 2010 و2011 و2012، أن 46 في المائة من الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية تهم فتيات قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية، وتضاعف هذه النسبة أربع مرات ونصف المرة تلك المسجلة وطنيا لتزويج القاصرات، التي تناهز 10 في المائة من مجموع الزيجات حسب إحصائيات وزارة العدل. وأثبتت الدراسة الإحصائية، التي قدم، في ندوة صحفية أمس الثلاثاء بالرباط، أن 25 في المائة من الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية تهم فتيات قاصرات عند بداية العلاقة الزوجية، لا يتجاوز سنهن 15 سنة، وأن 54 في المائة من الأحكام الايجابية لدعاوى ثبوت الزوجية تهم فتيات قاصرات عند تاريخ بداية العلاقة الزوجية، الذي يقع سنتين على الأقل بعد صدور قانون الأسرة. وهذا الرقم، حسب الدراسة، يبين كيف تضع المقتضيات الحالية للمادة 16 تحديد سن الأهلية القانونية للزواج، الذي هو 18 سنة، في مهب الريح. وبينت الدراسة أن 61 في المائة من الأحكام الايجابية لدعاوى ثبوت الزوجية لصالح الأزواج، الذين لا يتوفرون على أطفال، تهم فتيات قاصرات عند تاريخ بداية العلاقة الزوجية، ويصل هذا الرقم إلى 86 في المائة في محكمة مكناس. وقال نور الدين البحري، الذي قدم الدراسة، إن هذه النسبة تدحض حجة بعض رجال القانون، الذين يتذرعون بمراعاة مصلحة الأطفال عند تعاطيهم مع ملفات ثبوت الزوجية التي تتعلق بقاصرات. وانطلاقا من نتائج هذه الدراسة الإحصائية، أبرز البحري أن المادة 16 من قانون الأسرة، كما هو معمول بها، تعتبر "وسيلة ومسلكا احتيالين لخرق مقتضيات قانون الأسرة، الذي يحدد سن الأهلية القانونية للزواج في 18 عاما". وأضاف أن هناك دليلا آخر على ذلك، هو نصوص بعض الأحكام الإيجابية لدعاوى ثبوت الزوجية نفسها، التي اطلعت عليها الدراسة، والتي توثق السبب القاهر الذي منع من توثيق الزواج في إبانه، وهو أن الزوجة كانت قاصرا. وأظهرت إحصائيات الدراسة أن النساء اللواتي حصلن على حكم إيجابي لطلب ثبوت الزوجية، مع عدم وجود أطفال، يشكلن نسبة كبيرة من عينة الدراسة (25 في المائة من نساء العينة)، 61 في المائة منهن قاصرات. وأفاد البحري أن إحصائيات وزارة العدل المتعلقة بأحكام ثبوت الزوجية الصادرة عن مختلف محاكم المملكة لم تكن تتعدى في سنة 2004 بضعة آلاف، لكنها ارتفعت بسرعة مضطردة في السنوات الموالية، لتلبية الطلبات المتزايدة في هذا المجال لتصل إلى أرقام قياسية في عام 2011، إذ بلغت 45 ألفا و122 حكما. وعلى المستوى الجهوي، أشار البحري إلى أن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية لمدينة فاس سجل أرقاما مهمة للأحكام الخاصة بثبوت الزوجية، إذ تحقق هذه المحكمة متوسطا سنويا يقدر بحوالي 1312 حكما، بعدد أقصى هو 1836 حكما مسجلت سنة 2011، التي شهدت تنظيم 12 جلسة للمحاكم المتنقلة في أرياف المدينة. وتأتي محكمة الأسرة لمدينة مكناس في الرتبة الثانية، بمتوسط سنوي يصل إلى 507 حكما لثبوت الزوجية، وكذلك محكمة مدينة خنيفرة، حيث المعدل السنوي لهذه الأحكام هو 255 حكما.