استعرضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قوتها العسكرية، في توقيت متزامن مع تنظيم إسرائيل مراسم دفن رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، في مزرعة أسرته، على بعد نحو 6 أميال من حدود غزة. ورغم تأكيد حماس، على عدم وجود علاقة بين العروض العسكرية التي نظمتها وزارة الداخلية في الحكومة التي تديرها، وموعد جنازة شارون، إلا أن مراقبين للشأن الفلسطيني رأووا في العروض رسالة لإسرائيل مفادها بأن حماس باتت "أكثر قوة" عما كان عليه الحال في عهد شارون الذي حاول القضاء عليها باغتيال معظم قياداتها التاريخية السياسية والعسكرية. وكان واضحا خلال العرض الذي نظمته حماس في ذكرى حرب غزة (2008-2009) رغبتها في التأكيد على أنها باتت اليوم أكثر قوة وبأسا، مما كان عليه الحال في عهد شارون، حيث قال وزير الداخلية في حكومة حماس، فتحي حماد، في كلمة ألقاها:" هناك تجري مراسم دفن أعتى مجرمي إسرائيل (شارون)، وهنا تجري مراسم بناء قوة الأمة"، مضيفا أن الأجهزة الأمنية في غزة لن تتخلى عن مسؤوليتها في حماية المقاومة، وتحصين الجبهة الداخلية". أما إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة فقال في كلمة له خلال العرض: "هذه العروض هي رسالة موجهة لعدو واحد وهو إسرائيل، فنحن ليس لدينا معركة مع أحد من ابناء شعبنا أو مع أحد في منطقة غير الاحتلال الإسرائيلي"، مردفا أن "قوتنا الأمنية في قطاع غزة هي النواة لبناء أمني يمتد لكل أنحاء فلسطين التاريخية". وخلال العروض العسكرية التي انطلقت، ظهر اليوم في أنحاء مدينة غزة، قال أحد الضباط المنظمين للعرض، عبر مكبر الصوت موجها حديثه لعناصر الأجهزة الأمنية والفلسطينيين الذين احتشدوا لمشاهدة العرض: "نحن هنا اليوم أصبحنا أكثر قوة ..وشارون الذي حاربنا واغتال قيادتنا تشيّع جنازته على بعد كيلو مترات قليلة". وفي السياق، قال الدكتور هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة: "تزامن العرض العسكري للأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس مع تشيع جنازة شارون جاء مصادفة ..لكنه يدلل على أن كل المحاولات التي قامت بها إسرائيل وخاصة شارون، للقضاء على حماس كان مصيرها الفشل التام فالحركة لا زالت موجودة وأكثر قوة مما كانت عليه من قبل". وأضاف البسوس في حديث لمراسل وكالة الأناضول:"شارون أمضى معظم حياته في صفوف الجيش الإسرائيلي، وحاول القضاء على المقاومة الفلسطينية وكانت فترة رئاسته للحكومة الإسرائيلية حافلة باغتيال القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية"، موضحا أن حماس تحاول إيصال رسائل بشكل متواصل من خلال عروضها العسكرية بأن المقاومة موجودة وتزداد قوة. من جانبه، قال إبراهيم المدهون، رئيس مركز "أبحاث المستقبل"، بغزة: "شارون نفذ العديد من المذابح بحق الفلسطينيين وتبنى سياسة الاغتيالات والقتل المباشر في محاولة للقضاء على كل سبل المقاومة، ولكن سياسته الآن أثبتت فشلها فها هو اليوم يتم تشيع جثمانه والأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس تنظم عروضاً عسكرية في غزة". وأضاف المدهون لوكالة الأناضول :"رغم كل ما فعله شارون للقضاء على حماس، إلا أنها دخلت الحياة السياسية، وشكلت حكومة، وعززت من قوة جناحها العسكري كتائب القسام، وتعرضت لحربين في عامي 2009 و2012، وبقيت صامدة، واستطاعت أن تؤذي إسرائيل وهذه الرسالة التي تحاول حماس إيصالها إلى إسرائيل دائماً". وخلال فترة رئاسة أريئيل شارون للحكومة الإسرائيلية التي امتدت بين عامي 2001 و2006 اغتال أهم قيادات حركة "حماس" السياسية والعسكرية ومنهم زعيم ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وقائد الحركة بعده عبد العزيز الرنتيسي، بالإضافة إلى مؤسس كتائب القسام صلاح شحادة، والقادة المؤسسين: إبراهيم المقادمة، واسماعيل أبو شنب، وجمال منصور، وجمال سليم، وصلاح دروزة. وتوفى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، عصر السبت الماضي، عن عمر يناهز 85 عاما، بعد صراع موت تجاوز 7 أعوام، وفق مدير مستشفى "تل هاشومير" الإسرائيلي البروفسور زئيف روتشتاين. وعلى الجانب الآخر، وفي ذات التوقيت الذي نظمت فيه حماس عروضها العسكرية، ووري جثمان شارون، مساء الإثنين، في مزرعته العائلية المواجهة لتلة "شقائق النعمان"، في منطقة النقب الملاصق لقطاع غزة، جنوبي إسرائيل، لتنتهي بذلك مراسم تشييع الجثمان التي بدأت منذ ساعات الصباح. وعبر شاشات التلفزة الإسرائيلية التي كانت تبث جنازة شارون على الهواء مباشرة، شوهد عدد من المسؤولين الإسرائليين يستقبلون جثمان شارون عند وصوله منطقة النقب، وعلى رأسهم رئيس الدولة شمعون بيرس، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش بيني غانتس، ووزير الدفاع السابق ايهود باراك، وعشرات من أعضاء الكنيست (البرلمان)، إلى جانب مسؤولين غربيين بينهم نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن. وقد أظهرت القنوات التلفزيونية، إلى جانب المسؤولين الإسرائيليين والأجانب، أفراد العائلة يراقبون وضع الجثمان تحت الأرض قبل إغلاق حفرة القبر بعشرات أكياس التراب. وجرت مراسم دفن جثمان شارون، وسط استنفار أمني إسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة، وذلك خشية قيام فصائل فلسطينية باستهداف الجنازة، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة.