تحولت الندوة التي نظمتها مساء الثلاثاء الماضي وكالة بيت مال القدس الشريف بتعاون مع سفارة فلسطين بالرباط حول موضوع "المغاربة وحائط البراق، حقائق وأباطيل" إلى فضاء لتبادل الاتهامات، حول مصيرا للتبرعات المهمة التي ذهبت خاصة إلى صندوق القدس. "" وأجمع المتدخلون الفلسطينيون على أن العديد من الدول العربية تبرعت بمبالغ مهمة للصندوق على غرار ماقام به الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، الذي تبرع باسم بلده العراق بمليوني دولار. وأضاف المتدخلون أن الزمن ليس لرفع الشعارات والتغني بها، وإنما حان الوقت للعمل الفعال والمسؤول خاصة وأن الآلة القمعية الإسرائيلية لا تنتظر أحدا، فهي تدمر كل شيء الإنسان والحيوان والجماد وأكثر من ذلك أنها تغير معالم كل شيء . وقالوا إن الزمن ليس للمحاسبة وتوجيه الإتهامات لكون المخطط الإسرائيلي الذي اتضحت معالمه منذ اللحظة الأولى من هجومه على غزة لا ينتظر أحدا، موضحين أن آلة القمع الإسرائيلية التي تقوم توجيه أنظار الرأي العام العالمي إلى غزة حتى تستكمل مخطط تهويدها للقدس، سواء بمصادرة المزيد من الأراضي وبناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم وإزالة المعالم والآثار التاريخية العربية والإسلامية،مشيرين إلى أن إسرائيل تستهدف الأحياء والضواحي العربية في المدينة والعمل على التخلص من أكبر قدر من المواطنين المقدسيين وتغيير طابع المدينة العربي بواسطة العديد من المباني والرموز اليهودية المستحدثة في مختلف أرجائها وفي البلدة القديمة على وجه الخصوص فضلا على اعتمادها على التطهير العرقي على غرار ما قامت به بحي المغاربة وذلك بتهجير سكانه الأصليين والعمل على تغيير معالمه الأصلية، منبهين إلى خطورة المشروع الإسرائيلي المتمثل في استغلال الأنفاق كوجهة سياحية عبر الأماكن المقدسة للمدينة، ناهيك عن المشاريع ذات الطابع العسكري التي تفكك مفاصل المدينة. وقالوا إن سيناريو الفصل الأخير من المخطط الإسرائيلي واضح سواء قبل بدء اجتياح إسرائيل لقطاع غزة أومع دخان النار المشتعلة الذي ساد سماء غزة مدة ثلاثة أسابيع. كما ذكر المتدخلون بالدور الحيوي الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف، ميدانيا وفي مختلف الواجهات، دعما لصمود المقدسيين على الأرض وصيانة للهوية العربية الفلسطينية للمدينة، مستعرضين الجهود اليومية الميدانية للوكالة، كترميم البيوت، وتشييد المدارس، ودعم المستشفيات، مقرونة بالعمل الدؤوب بعيدا عن أضواء الإعلام،الذي يشكل سر النجاح الذي حققته الوكالة حتى الآن والصدى الطيب الذي تحظى به لدى مختلف شرائح الفلسطينيين، مشيرين إلى وكالة بيت مال القدس الشريف وكالة مستقلة عن صندوق القدس. ومن جهته، حيى ناصر الرفاعي، رئيس دائرة الدراسات والبحوث بالأرشيف الوطني الفلسطيني، المغاربة، أحفاد المجاهدين الذين انضموا إلى جيوش صلاح الدين الأيوبي في مواجهة الهجمة الصليبية على القدس، بعد أن لبى السلطان يعقوب المنصور الموحدي نداء نصرة فلسطين، وأوفد 180 أسطولا إلى أرض المعركة، فكان أن فضل كثير منهم البقاء في جوار المسجد الأقصى، ليحتفظ أحفادهم بأسماء تدل على موطنهم الأصلي، كالفاسي، والدكالي، والمكناسي،و التازي، والعلمي...إلخ. وقال الباحث الفلسطيني إن تدمير حي المغاربة بالقدسالمحتلة كان بمثابة انتقام إسرائيلي من صمود العائلات المقدسية المغربية الأصل في وجه محاولات التهويد. كما توقف المحاضر عند أهم محطات مأساة حي المغاربة، الذي دمره الضابط الإسرائيلي أبراهام شتيرن سنة 1967، وحوله إلى ساحة خالية لليهود أمام حائط البراق، فضلا عن العمليات الواسعة لمصادرة واستملاك أراضي حافظ عليها المغاربة طويلا ضمن الرصيد الوقفي الذي يعود إلى عهد صلاح الدين ، مستعرضا الجوانب المضيئة من المواقف القومية الثابتة للمغاربة المقدسيين، والتي تمتد إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل، وفي نفس السياق، استعادت فاطمة المغربي، رئيسة جمعية السيدات المغاربة، مشاهد من معاناة المغاربة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي دمر حارتهم سنة 1967، بعد أن أمهل السكان 15 دقيقة لمغادرة بيوتهم، وكان أن داست جرا فات الاحتلال أجساد وجثامين العديد من الأبرياء. وأبرزت، في شهادة حية من مقدسية مغربية الأصل، جانبا من ملحمة صمود المغاربة ومحافظتهم قرونا على زواياهم ومساجدهم وأوقافهم ، وحرصهم على التواصل بين أفراد الجالية المغربية بالرغم من ظروف الاحتلال الذي قطع أوصال فلسطين، موضحة أن الجالية المغربية التي باتت تتوزع على مختلف أنحاء فلسطين، من القدس إلى غزة مرورا بالضفة الغربية، تسعى إلى صيانة أواصر التكافل والتضامن بين أفرادها من خلال فعاليات وأنشطة متنوعة، من قبيل المخيمات الصيفية، والفعاليات الرمضانية، والملتقيات ذات الطابع الاجتماعي. يشار إلى أن هذه التظاهرة التي تعد امتدادا لمعرض الصور الذي نظمته وكالة بيت مال القدس الشريف الأسبوع الماضي بدار الفنون بالرباط حول "تاريخ مدينة القدس" على خلفية إعلان هذه المدينة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2009.حضرها سفير المغرب بفلسطين فضلا عن العديد من الفعاليات بسفارة فلسطين بالمغرب.