أكد عبد الكبير العلوي المدغري، المدير العام لوكالة بيت مال القدس، أن المغرب يساهم بما نسبته 55 في المائة من الموارد المالية الرسمية للوكالة. القدس سنة 1948 وقال العلوي، في حديث نشرته مجلة "نصف الدنيا" المصرية، في عددها الأخير، إن الموارد الرسمية للوكالة التي تتمثل في تبرعات الدول والمؤسسات الرسمية التابعة لها "تكاد تقتصر على المغرب بنسبة 55 في المائة، والسعودية ب 26 في المائة، ومصر ب13 في المائة، وإيران ب4 في المائة، بينما لا تتعدى تبرعات الدول الأخرى 2 في المائة". أما بخصوص الدعم المالي الشعبي لوكالة بيت المال القدس، الذي يشمل تبرعات الأفراد والجمعيات، والبنوك، ومؤسسات القطاع الخاص، والغرف التجارية والصناعية، وجميع المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي، وفي البلدان الصديقة، فإن مردوده يبقى، حسب العلوي، "ضعيف جدا لحد الآن". وأوضح العلوي أن الأمر يتطلب "جهدا كبيرا وخطة جديدة لتحريك سائر الدول الإسلامية من أجل القيام بواجبها نحو تمويل مشاريع دعم القدس الشريف"، مبرزا الدور الفعال، الذي يمكن أن تقوم به أيضا جمعيات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص في دعم بيت مال القدس الشريف. وأشار، في هذا الصدد، إلى وجود خطة عمل للتوجه إلى هذه الجمعيات والمؤسسات لتعبئتها في إطار عمل تطوعي مستمر، يحقق الدعم والمتابعة، مضيفا أن هناك خطة وآليات أخرى للاتصال بالجالية العربية والإسلامية في أوروبا وأمريكا "خاصة أنها تتميز بحماسها الكبير وغيرتها الشديدة على القضية الفلسطينية". وأوضح أن وكالة بيت مال القدس تمثل "الذراع الميدانية للجنة القدس وأداة اشتغالها في خدمة المدينة المقدسة وسكانها، وهي حلقة وصل بين المانحين والمستفيدين من التبرعات، التي تخصصها المؤسسات الرسمية والهيئات الأهلية والأفراد، لفائدة القدس والمقدسيين، وتعمل على ترجمتها إلى مشاريع ملموسة في كل المجالات الحيوية". وبخصوص معايير الحصول على مساعدة من وكالة بيت مال القدس، قال العلوي إنه يحق طلب المساعدة لأي منظمة أو جمعية أو شركة مقدسية، أو الأفراد ذوي الهوية الفلسطينية المقدسية، الذين يمارسون نشاطا يواجه مصاعب بسبب الوضع الحالي للقدس، سواء كان سبب هذه المصاعب، بكيفية مباشرة أو غير مباشرة، ناتجا عن الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد القدس. ويحتل دور المرأة والطفل، يضيف العلوي، مكانا مميزا في اختيار المشاريع، لأن الوكالة تعتبر أن مستقبل مدينة القدس العربية المسلمة يرتبط مباشرة بتثبيت السكان على أرضهم وفي بيوتهم، خصوصا الفئات الفقيرة والمهمشة. وأضاف أن المرأة والطفل من هذه الفئات، وتحظى باهتمام خاص من طرف الوكالة، التي تراعي أولوية مشاريع التربية والتعليم والصحة العامة والبنية التحتية واستصلاح السكن وتحسين المستوى المعيشي لصالح العائلات ذات الدخل الضعيف، وكذلك المشاريع التنموية والإنسانية. وذكر المدير العام لوكالة بيت مال القدس، في هذا الصدد، بأنه جرى إنجاز مشاريع في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان، من بناء مدارس وترميمها وتوفير تجهيزات طبية، وتحديث وحدات علاجية، وشراء معدات وأدوية، وبناء وحدات سكنية ومجمع سكني في بيت حيفا، وتأهيل مساكن الفقراء والمهمشين، إضافة إلى مشاريع أخرى توجد قيد الإنجاز. وأشار إلى أن المؤسسة تتوفر على خطة لتنظيم نشاط ثقافي متنوع في مختلف البلدان الشقيقة والصديقة "دون تمييز قائم على الدين أو الجنس أو اللون، باعتبار أن العمل، الذي تشرف عليه الوكالة، هو عمل إنساني، ومن حق الجميع أن يشارك فيه". ومن بين هذه الأنشطة الثقافية، حسب المصدر نفسه، التعاون مع الأندية الفكرية والأدبية، كرابطة الأدب الإسلامي، واتحاد الكتاب، والأدباء العرب، واتحاد كتاب المغرب، والمراكز والأندية المشابهة، لتنظيم مهرجان شعر القدس الشريف مع مؤسسة البابطين. كما تشمل هذه الأنشطة تنظيم معرض دولي للوحات الفنية والمجسمات حول القدس الشريف، ويوما لأطفال القدس في جميع العواصم، والتعاون مع المؤسسات الدينية الكبرى، مثل الأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي، واتحاد علماء المسلمين، ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتنظيم ندوات ومؤتمرات عن القدس الشريف، وإحداث جائزة القدس الشريف للعلوم والفنون والآداب، وتنظيم حفلات وعشاءات ضخمة، يشارك فيها كبار رجال المال والأعمال والاقتصاد والأغنياء ورؤساء المؤسسات المالية، وتترأسها شخصية بارزة في كل عاصمة، يخصص ريعها لبيت مال القدس. وعن أبعاد العلاقة بين المغرب والقدس، أكد العلوي أن قضية المدينة المقدسة استأثرت باهتمام المملكة المغربية، مذكرا بأن المغفور له الملك محمد الخامس زار القدس في أواخر الخمسينات، فيما عمل المغفور له الملك الحسن الثاني ووريث عرشه صاحب الجلالة الملك محمد السادس على دعم كل الجهود الرامية للمحافظة على معالمها الحضارية والدينية والتاريخية والثقافية، والوقوف في وجه كل محاولات التهويد وتغيير بنياتها الأساسية، من خلال "لجنة القدس"، التي عهد العالم الإسلامي برئاستها للمغفور له الحسن الثاني، ومن بعده لجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يسعى للمحافظة على هوية هذه المدينة المقدسة وصفتها كصمام أمان يهدف إلى تثبيت السلام والتعايش بين جميع الديانات. وذكر، في هذا الصدد، أيضا، بتأكيد جلالة الملك محمد السادس في خطابه في القمة العربية العشرين في دمشق (مارس 2008)، دعوته لكل القوى الدولية الفاعلة لبذل ما يلزم من الحزم تجاه إسرائيل، للحفاظ على الوضع القانوني لهذه المدينة المقدسة. كما تطرق العلوي في حديثه لوجود المغاربة بالقدس من خلال "حارة المغاربة"، مشيرا إلى أن أوقاف المغاربة في المدينة المقدسة ظلت مصانة ومحفوظة عبر السنين، خاصة في ظل الحكم العثماني، وإلى مابعد فرض الانتداب البريطاني على فلسطين. وأضاف أن الاعتداء الفعلي على جانب مهم من أوقاف المغاربة ومواقع خارج البلدة القديمة من القدس، وتحديدا في قرية عين كارم، بدأ عام 1948، حين سقطت في أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، لتستمر الأمور على ماهي عليه إلى سنة 1967، عندما دخل الإسرائيليون القدس بعد أن دكوا أسوارها وبيوتها العتيقة وأبنيتها الأثرية والدينية بشتى صنوف الأسلحة المدمرة. وسجل في هذا الصدد أن سلطات الاحتلال استولت عنوة منذ اللحظة الأولى لاحتلالها القدس، على مفاتيح باب المغاربة، إذ شرعت في هدم الحي وأزالت في غضون يومين 138 بناية (منها مسجدان)، كانت تؤوي أزيد من 650 فردا. وأضاف العلوي أن هناك محاولات لإعادة تأهيل "باب المغاربة"، وهو مشروع مدعوم عربيا ودوليا "لكن إسرائيل تعرقل وصول المهندسين إلى طريق باب المغاربة وتمنع تسهيل مهمتهم من أجل أخذ قياسات للمشروع حتى يكتمل مخطط إعادة بنائه". وذكر في السياق نفسه بأن هناك تنسيقا مع منظمة اليونسكو، التي سبق أن رفضت اقتراحا إسرائيليا ببناء جسر حديدي عند باب المغاربة بدلا من الطريق الأثري، بحيث يصل بين المنطقة أسفل باب المغاربة وحتى حائط البراق لأنه يشوه الطريق ولا يعيده كما كان. وحذر العلوي من المخطط، الذي طرحته أخيرا الحكومة الإسرائيلية حول تصور القدس 2020، الذي رصدت له ما يقرب من 15 مليار دولار باعتباره يهدف إلى جعل العرب أقلية "لا تذكر" في المدينة المقدسة، وسيسفر في حال إنجازه عن تفريغ القدسالشرقية بالكامل من سكانها الأصليين.