هكذا إذن "بَرَدَ الطَْرح" في السوق السياسية الصاخبة، الهائجة المائجة، التي افتتح مزادها العلني، كاتب الدولة في الداخلية، القوي سابقا، ومُؤسس حزب "الأصالة والمعاصرة" في "ستة أيام" ونقصد كما عرفتم "فؤاد عالي الهمة".. فما الذي حدث حتى بدأ "الرفاق" اليساريون القدامى، والنواب البرلمانيون، الذين حجوا بكثافة إلى "الكعبة" السياسية ل "صديق الملك" ناهيك عن رؤساء أحزاب صغيرة، اختارت الذوبان في "عسل" حزب وشيك التأسيس، يعتمر قبعة ملكية.. يُهرولون فارين من "الجنة" الحزبية ل "صديق الملك"؟ ما الذي دفع "لحبيب بلكوش" اليساري "العتيد" السابق، ومرشح "الأصالة والمعاصرة" بمدينة مراكش، في الانتخابات الجزئية الأخيرة، إلى الهبوط من "تراكتور صاحب الملك"؟ وكيف تجرأ قبله قيدوم السياسة الحزبية المخزنية "عبد الله القادري" أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي المُنحل، على النكوص، بعدما اختار من قبل، "الغرق" في نفس النهر، الذي أراده "الهمة" أن يكون بحرا لجيا، لن يُبقي ولن يذر، في يابسة المشهد السياسي الحزبي، إلى غيرها من الوعود والتوعدات.. فماذا حدث لثعلب السياسة الحزبية العجوز "القادري" فقرر التراجع ل"يسكن" في المحكمة، بحثا عن دكانه الحزبي، الذي ضاع ذات حلم ليلة صيف؟.. وماذا طرأ حتى اقتفى أثره برلمانيون، من شتى الأصقاع الحزبية المغربية، المترامية الأطراف، والأذرع والرؤوس، مثل حيوان خرافي مُشوه، وبرحوا أماكنهم في "التراكتور" الملكي، والعودة إلى قواعدهم الحزبية القديمة، أو بحثا عن أخرى جديدة؟ وكيف عمد "فقيه" فريق برلمانيي الأصالة والمُعاصرة، ونعني به الدكتور جراح العظام "نجيب الوزاني" الذي "دخل للجامع ببلغته" ف"ترجل" هو الآخر من أداة فلاحة (أصبحت بدورها، رمزا سياسيا، كما باقي رموز الأدوات، والحيوانات، والنباتات، التي استولت عليها عشرات الأحزاب المغربية، وحولتها إلى شعارات سخرية للساخرين وتهكم المتهكمين)؟.. ماذا دها الدكتور الوزاني ليقول أن "حزب الأصالة والمعاصرة تجمع مُغلق لأشخاص بعينهم، وأنه لا وجود للتدبير الديموقراطي فيه.. "؟ أما شخص يُدعى"الكوهن" صاحب "حزيب" اسمه "حزب البيئة والتنمية" فقال أنه يُجمد اندماجه في "تجمع" الهمة الذي يشبه حديقة حيوانات سياسية فريدة. فربما ما زال ذلك "الكوهن" يُمني النفس بمكسب ما قد يُلَوِْح به، أو بالأحرى "يَلُوحُهُ" له "مول الحديقة السياسية" التي اسمها "الأصالة والمعاصرة". فمن يدري؟ "" ما الذي حدث، حتى أصيبت السوق السياسية، لحزب "الأصالة والمعاصرة" بكل هذا الكساد المتتالي؟ تتذكرون بلا شك، والذكرى تنفع المؤمنين، أن كاتب الدولة في الداخلية سابقا - فؤاد الهمة، كان قد "خرج" من دائرة الحكم المُغلقة، في ظروف غامضة، لم يتسن بعد مرور زهاء سنتين، توضيحها. فهل "استقال" الرجل أم اُقيل"؟ وما السبب في ذلك؟ الجواب المتوفر لحد الآن، من مصادر مأذونة من القصر الملكي، أن "الهمة" أراد التفرغ للعمل السياسي، وبالفعل كان ذلك جزءا يسيرا من "الحقيقة" تأكد حين قدم الرجل ترشيحه للانتخابات التشريعية الماضية، وفاز بمقعده البرلماني، غير أن الجزء الأخير من نفس "الحقيقة" وهو الأهم، ما زال طي قلوب في صدور قليلة. لقد أثار "الهمة" نقعا كثيرا، في الحياة السياسية المغربية، منذ امتطى "تراكتوره" وبمعيته كوكبة بشرية، لا تتعدى برلمانيين اثنين، تعززا، للتو بأربعين آخرين، من هنا وهناك، وهم شلة من مُهتبلي الفرص السانحة، في "حجر" المخزن ضمنهم "رفاق" السابقون، ورؤساء أحزاب صغيرة مثل "العهد" و "الوطني الديمقراطي" و "البيئة والتنمية".. والكثير من القيل والقال، عن المعركة الشرسة، التي سيقودها "صديق الملك" ضد مُحتلي المشهد السياسي، دون وجه استحقاق، سيما أن الرجل - أي الهمة دائما - ذهب فور ظفره بمقعد الرحامنة، إلى استوديو القناة الثانية، ليُكيل لخصومه اللدودين، في حزب العدالة والتنمية، الكثير من الوعيد. لتدور عجلة اللغط الحزبي، الأقرب إلى الهمس، توجسا من "الوافد الجديد" كما لقب قياديون اتحاديون، حزب "الهمة" الموعود، غير أنه بينما كان ينتظر الكثيرون، أن يكون الرجل "قد فمو قد ذراعو" في الانتخابات الجزئية البرلمانية، تمخض الجبل فولد فأرا، كما يُقال. ويبدو أن سلسلة التعثرات الجديدة، ستمنح مزيدا من الانحدار، في الانتخابات الجماعية، الموعودة في يونيو القادم. فهل كانت كل تلك "الحيحة"، التي جعلت البعض يُطلق على الهمة، هذا اللقب الرفيع: "مالىء الدنيا وشاغل الناس" هي مجرد عملية حرث في الماء؟ إذا ما واصل "الهمة" تقهقره الحثيث، و هذا هو المُرجح، فسيكون قد منح، رغما عنه، واحدا من أبلغ "دروس" السياسة المخزنية في المغرب، ومؤداها أنه يستحيل"السباحة في نفس النهر مرتين". وأن لقب "صديق الملك" ليس سوى مُزحة عابرة، فالملوك أنى وُجِدوا، عبر ردهات التاريخ، لا أصدقاء لهم، وأن السياسة، سيما المخزنية، تُهتبل فرصها، بملء الفراغات السانحة، لا توسيعها، بواسطة "تراكتور" وهمي، وفي ذلك بعض توضيح، للجزء الأهم من حقيقة "استقالة" أو "إقالة" واحد من خُدام دار المخزن، والعاقبة "للفاهمين".