ما زالت مبادرة إنشاء "حركة لكل الديموقراطيين"، التي يوجد وراءها فؤاد عالي الهمة، كاتب الدولة سابقا في وزارة الداخلية، تثير الجدل وردود الفعل في الأوساط الإعلامية والسياسية ، مشكلة الحدث الأبرز على الساحة، في مطلع السنة الجديدة. ولعل إطلاق هذا الجدل واحدا من أهداف أصحاب المبادرة، كما يعبر عن ذلك محمد البشير الزناكي، المتحدث باسم "الحركة". وجاء أحدث ردود الفعل من طرف الهيئات السياسية على "حركة لكل الديموقراطيين"، من طرف الحزب الاشتراكي الموحد، الذي عقد مكتبه السياسي، يوم الثلاثاء 29 يناير، اجتماعا "خصص جزءا منه لمتابعة مستجدات الوضع السياسي" في المغرب، و"توقف المكتب عند التحضيرات الجارية لتأسيس حزب جديد، تدل كل المؤشرات والقرائن على أنه يجري بقرار من الدولة". واعتبر بيان للحزب الاشتراكي الموحد، توصلت "المغربية" بنسخة منه، أن "هذا المستجد، الذي يكرر نماذج سابقة أثبت الواقع فشلها، يأتي في سياق سياسي تراجعي، تتلخص ملامحه الأساسية في ما شاب الانتخابات التشريعية الأخيرة من اختلالات عميقة، أفرزت برلمانا ضعيفا، مشكلا بالأساس من أصحاب المال والأعيان". مشيرا إلى "ما عرفته مشاورات تشكيل الحكومة من تحكم سافر للدولة، وما أنتجه ذلك من حكومة محدودة الصلاحيات، نصفها من التقنوقراط، جزء منهم أعلن انتماءه للمولود الجديد"، في إشارة إلى مبادرة "حركة لكل الديموقراطيين"، التي أعلن عنها في منتصف يناير الماضي، ووقعها عدة فاعلين سياسيين وحقوقيين وجمعويين واقتصاديين، يعرف البعض منهم بانتمائهم إلى اليسار، وآخرون إلى اليمين. وبين أبرز الموقعين فؤاد عالي الهمة، برلماني دائرة الرحامنة، وصاحب فريق "الأصالة والمعاصرة" في مجلس النواب، المكون من مستقلين، ومن منتخبين ترشحوا بأسماء أحزاب سياسية. وفي تقييمه لملابسات إنشاء "حركة لكل الديموقراطيين"، اعتبر المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، في بيانه، مبادرة الهمة بمثابة "تعبير عن فشل مقولة الانتقال الديمقراطي، التي أسست على توافقات 1996، كما تدل في العمق على غياب الإرادة الرسمية لدى الدولة للتفاعل الإيجابي مع مطالب القوى الحية في البلاد، من أجل تدشين مرحلة الإصلاحات الدستورية والسياسية، الكفيلة ببناء الدولة الديمقراطية الحداثية، ومحاربة الفساد وإعمال الآليات للتوزيع العادل للثروة الوطنية". وخلص البيان إلى دعوة "كل القوى الديمقراطية واليسارية للتحلي بالوضوح الكافي على مستويات التحليل والرؤية والخطاب والبرنامج"، مطالبا "الجميع بتكثيف الجهود، وتوحيد المساعي وفتح حوار جدي بين كل مكونات الأسرة الديمقراطية واليسارية"، من أجل "الاتفاق على أرضية حد أدنى من المطالب الدستورية والسياسية والاجتماعية". واختلف تقييم مبادرة فؤاد عالي الهمة بين الترحيب والتزام الحذر والنقد الصريح، فقد انتقد المبادرة قياديون في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مثل إدريس لشكر، الذي سبق أن حذر، قبل الإعلان عن "الحركة"، من أن "يبتلع حزب الهمة الأعيان، ويصبح، بديموقراطية الصندوق، قادرا على هزمنا جميعا". بالمقابل، رحبت أطراف سياسية أخرى بالمبادرة، مثل حزب الاتحاد الدستوري، بينما اعتبر سعيد أمسكان، عن الحركة الشعبية، في تصريح سابق ل"المغربية"، أن "هذه الحركة الجديدة لن تنافس الأحزاب التقليدية، لأن هذه الأخيرة لها مكانتها ومناضلوها وجمهورها". أما الوزيرالأول، عباس الفاسي، فرحب بالمبادرة الجديدة، خلال لقائه الانتقائي، الأسبوع الماضي، مع الصحافة الوطنية، وشكر فؤاد عالي الهمة على دعم فريقه في مجلس النواب للأغلبية الحكومية. في جميع الحالات، يبدو أن "حركة" الهمة بدأت تحقق جانبا من أهدافها المعلنة، أي دفع المسؤولين والقادة الحزبيين إلى التفكير والاجتهاد، على خلفية المشاركة الهزيلة في انتخابات سابع شتنبر الماضي، كما عبر عن ذلك، محمد البشير الزناكي، المتحدث باسم "حركة لكل الديموقراطيين". ""