نظمت في العاصمة المغربية الرباط يوم الأحد الماضي مظاهرة تضامنية مع غزة شارك بها عشرات الآلاف من الأطفال ،من شرائح عمرية مختلفة .تضامن البراعم البريئة المغربية مع ما يقع من تقتيل لأطفال غزة يعتبر شكل راقي ورسالة قوية للمنتظم الدولي الساكت إلى حدود الآن على ما يقع من جرائم حرب ضد المدنيين في غزة . لكن من خلال حضوري ومتابعتي لهذه المظاهرة لاحظت أن الشعارات المرفوعة هي شعارات كبيرة جدا عن الأطفال واغلبهم يرددها بدون حتى ان يعي ما تعني، شعارات الجهاد و الدعوات بالموت لإسرائيل والصراخ بقتال اليهود ، اقل ما يقال عنها انها شعارات ستنشأ لنا جيلا من الانتحاريين و ليس جيلا يحب الحياة ويسعى إلى الرقي ببلده إلى الأفضل . كما تجدر الإشارة ان الدولة في المغرب سمحت للإسلاميين باستغلال سيئ للغاية لبراءة الأطفال رغم ان المغرب موقع على اتفاقية حقوق الطفل،التي تنص على عدم استغلال الأطفال في حروب سياسية او غيرها ،لان الطفل أصلا ليس دوره هو الجهاد من اجل تحرير فلسطين. و كما جاء في حديث لي مع احد الأطفال المشاركين في المظاهرة ، الطفل احمد سنه لا يتجاوز سبعة سنوات تحمله امه على كتيفها ،سألته لما انت هنا يا احمد؟ اجابني :انا هنا لنصرة الإخوة في فلسطين . الى هنا كان كل شيئ جميل ، لكن الغريب هو عندما سألته بما تحلم عندما تكبر؟ اجابني احمد بصوت فيه نبرة عدائية: لما اكبر سأذهب الى مقاتلة اليهود،و ردد الله اكبر الله اكبر . ان هيمنة خطاب الكراهية ضد اليهود في اغلب القنوات التلفزية العربية الفضائية ، وفي مظاهرات الإسلاميين غير حلم الأطفال ، فبدل ان يحلم الطفل ان يصيح طبيبا او مهندسا أصبح يحلم بالقتال و الجهاد ، انه لمن المؤسف ان يتم الصمت على هذا التلاعب بالطفولة البريئة و توظيفها في معارك سياسية لا تعرف عنها شيء. في مساء يوم الأحد أي مساء مظاهرة الأطفال في الرباط، و انا أتابع قناة الجزيرة الفضائية، تمت استضافة طفلين من المغرب في النشرة المغاربية ،الاول هو ابن الحمداوي رئيس حركة التوحيد و الإصلاح الاصولية ، و طفلة بنت احد أعضاء المكتب السياسي لحزب العدالة و التنمية الاصولي، ففاجئني الصحافي بسؤال للطفلين حول مشاهدتهم لصور الحرب التي تبثها الجزيرة؟، فكان جواب الطفلين: بنعم للأسف،يتضح جليا ان هم هذا الصحافي ليس هو نفسية هؤلاء الأطفال عندما يشاهدون صور الجثث و القتلى لاطفال في سنهم،و بدل ان ينصحهم ان مشاهدة هذه الصور هي ممنوعة عن الأطفال،ابتسم الصحافي وكأنه حقق انجازا كبير،ان أي متتبع لمسار هذه القناة يمكن ان يلاحظ و ان المهم عند المشرفين على الجزيرة ،هو ان تحقق القناة نسبة مشاهدة كبيرة في المغرب ، و لا تكثرت طبعا لا بنفسية الاطفال ولا المراهقين . انه حقا لمن المؤسف للغاية اللعب بمشاعر الطفولة في معارك سياسية رسمها الكبار بخبث شديد. [email protected]