رغم أن التلمود يحل لليهود، بل يحرضهم علىقتل غير اليهودي، كيفما كانت ديانته، مع انتظار الجزاء الأقصى تجاه هذا العمل، فإنهؤلاء حرصوا دائما، وعبر التاريخ، على الظهور بمظهر الإنسان الوديع المسالم المظلوم المذبوح ببشاعة( أعجوبة 6 ملايين قتيل خلال الحرب العالمية والتي لم يستطع اليهود علميا وتاريخياإثباتأكثر من500000 من ضحايا الهولوكست) لكنهم في السر ودون ضجيج كانوا يهيئون أنفسهم لقيادة العالم بالعقل والمال والحيلة، أما باقي الحكاية فتعرفونها ابتداء من مؤتمر بال بسويسرا في نهاية القرن التاسع عشر. "" استطاع اليهود إذنأن يؤسسوا دولتهم بفضل خداع مدروس، أقنع العالم سنة 1948 بحيثرفضتدول الأممالمتحدة أن تعترف بشيء اسمه ضياع فلسطين آنذاك، كل ذلك بسبب إحساس العالم بالذنب تجاه المذابح التي تعرض لها اليهود. وفي كل الحروب التي خاضوها كان ينظر إليهم بنفس النظرة، قلة مستضعفة يريد الهمجيون العرب إفناءها، بينما الحقيقة أن هذه الفئة هي التي تتحكم في السياسة الأمريكية والبريطانية وفي الاقتصادوالإعلام العالميين، إضافةإلى كونها دولة مصنعة للأسلحة والتكنلوجيات الجديدة وتمتلك أحد أقوى الأجهزة المخابراتية في العالم فضلا عن كونها دولة ديموقراطية. المجتمع اليهودي متقدم في علاقات أفراده، شعب منظم، يحترم القانون(لا نقصد القانون الدولي) ويتصرف وفق المعايير الحضارية العالمية، داخليا طبعا،وفي أسوأ الأحوال هو شعب يحترم الطابور وإشارات المرور وغير ذلك، كما أنه شعب لايهتف بحياة القائد المبجل ولا يصوغ الخطب العصماء والمرثيات المبكيةولا يرقص حماسا على وقع الأغاني الوطنية. أما المجتمع العربي المسلم فقد كان دائما سيئ السمعة، بالحق والباطل، وإذا كان المسلمون يعتبرون القرصنة مثلا، جهادا بحريا فإن التاريخ اعتبر ذلك أسوأ فترات التجارة البحرية في العالم. وإذا كان المسلمون يعتبرون الفتوحات أزهى فترات عزة الإسلام ونصرته فإن التاريخ اعتبر ذلك من أسوأ المذابح التي ارتكبت فيحق الإنسانية. سنة 2001، مع تحطيم برجي نيويوركوما تلاها من أحداث فيأفغانستان والعراق، اشتدكره العالم لكل ما هو عربي أو مسلم،خاصة مذابح من الوريد إلى الوريدالتي أذيعت في الأنترنيت أو تلفزات العالم، والتي ذهب ضحيتها عشرات المدنيين، كان لكل ذلك أثر سيئ على صورة المسلم العربي، الذي أصبح مثلا يضرب في القتل والسفك بلا رحمة، فمن سيتعاطف مع العرب المسلمين في غزة أو العراق أو غيرها؟ماذا أعد الفلسطينيون لمجابهة إسرائيل. صواريخ القسام ؟ هيصواريخ صغيرةتسقط في إسرائيل ثم ترجع إلى غزة صواريخ كبيرة رهيبة، العمليات الانتحارية؟ يقوم اليهود بعملية حسابية فيزهقون أرواح المئات من الفلسطينيين مقابل كل روح يهودية. ألا يمكن أن نواجه إسرائيل بالعقل، لا بالاندفاع العاطفي؟ ماذا؟ بعد أن يفنى مليون ونصف من سكان غزة؟. قوموا بعملية حسابية ستجدون أن الجنرالات اليابانيينقتلوا الملايين من العساكر والمدنيين هباء منثورا، انتحر أزيد من مليون عسكري ومدني لتستسلم اليابان في النهاية. كل مقاومة لها حسابات الربح والخسارة، وإذا كنا نريد أن ننتصر على إسرائيل فيجب أن نكف أولا عن الحماس الزائد، وأن نتعلم من التاريخ الأساليب التي جعلت الشعوب تنتصر على أعدائها، وأول هذه الدروس التعليم والتكوين وتعويد المواطن على السلوك الحضاري، في البيت، في العمل، في الشارع، في البرلمان، في المستشفى، في كل مكان. مراجعة العقل العربي، الذي لا زالت الأناشيد الحماسية وحدها تحركه، لا زال جسد الأنثى الحقيقي والافتراضي يصنع فيه الأعاجيب، ولا يزال همجيا من الصنف القديم. ليس هناك دولة عربية واحدة تتمتع بمؤسسات منتخبة نقية، بقضاء عادل، بمحاسبة صارمة لصرف المال العام، ليس هناك دولة عربية واحدة يقف فيها الناس سواسية أمام القانون، كيف لهذه الأمة أن تنتصر على اليهود؟ وإذا كان الفلسطينيون قد أرسوا الديموقراطية كما هي متعارف عليها عالميا فإنهم لم يجيدوا إخفاء المظهر الديني المتشدد لديموقراطيتهم، والنتيجة هي حكم الدول الكبرى على حماس بكونها جماعة إرهابية، مع مايستتبع ذلك من غض للبصر والسمع عن كل ما يجري في القطاع. ماذا ننتظر من العرب والمسلمين إذن؟ مزيدا من الاستشهاد؟ نعم موافق، شرط أنيقتل من اليهود المسلحينأكثر مما يقتل منا. وشرط ان تكون هناك نتائج إيجابية لهذا الاستشهاد، لا أن نضيع الدماء وراء العواطف الهوجاء التي لا تعيد حقا ولا ترجع كرامة ولا عزة. ولنبدأ بالمواطن العربي المسلم، نخرجه من همجيته وكسله وعنجهيته وننقص قليلا من لسانه ونطيل دراعه، ونملأ عقله علما ومعرفة ونقنعه بالقيم الإنسانية الراقية، حتى يكون مضرب الأمثال في التسامح والحب والعمل والجد واحترام الوقت والقوانين والعقود والاعتراف بحق المرأة والطفل وحتى الحيوان، ومحاربة الخرافة والإشاعة والظن وغير ذلكمما يغير الإنسان ماديا ومعنويا، آنذاك نستطيع أن ننتصر على إسرائيل، ونجعل العالم يتعاطف مع دمائنا المسفوحة باطلا، في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها من المناطق التي لا تزال إلى حدود الآن(زمن بداية الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة) أوكارا للإرهاب الدولي دون استثناء. لقد ندرت انتصاراتنا بل انعدمت، حتى أننا حولنا رمي صحفي لحدائهصوب رئيس أمريكي إلى نصر ماحق، وتحول الحذاء إلى أسطورة عظيمة، كم هو حالنا مثير للشفقة والرحمة والعالم يسخر ويضحك منا،أنحن خير أمةأخرجت للناس؟ نحن خير مسرحية تراجيكوميدية أخرجت للناس... كتابات بدون سياج