عندما تذكر اسم عبد الكريم الحضريوي، لاعب فريق الجيش الملكي السابق وعدة أندية أوربية والمنتخب الوطني، تعود بك المخيلة إلى سنوات أرعب فيها "الأسود" كل خصومهم، وتحيي ذكريات لن تتكرر لعدم توفر أسماء مثل الحضريوي ورفاقه في تلك الحقبة، والتي نقشت اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الرياضة الوطنية، وفرضت على الجماهير أن تتذكرها في كل نقاش له علاقة بالكرة المغربية. الحضريوي ابن مدينة تازة، قصير القامة وصاحب الرجل اليسرى التي حيّرت الجميع، سرق الأضواء من زملائه في المنتخب في العديد من المناسبات، كيف لا وهو الذي أهدى المغرب التأهل إلى مونديالي سنة 1994 في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفرسنا سنة 1998، إذ أنه ساهم بشكل واضح في تحقيق هذه الإنجازات عبر تمريرتين حاسمتين، الأولى أمام منتخب "زامبيا" بعد تمريرة لعبد السلام الغريسي، هداف الجيش الملكي والمنتخب المغربي سابقا، والثانية لما أرسل كرة ميليمترية لرأس رغيب في مواجهة منتخب "غانا"، ليتأهل المنتخب المغربي لآخر مرة له إلى مونديال فرنسا 1998. كان ذكيا في لعبه، وخلق العجب العجاب في مركزه، وهو ما سهل انتقاله من الفريق العسكري نحو فريق "بنفيكا" البرتغالي بعدما قضى ثماني سنوات في الدوري المغربي، لكن هذه التجربة دامت لسنة واحدة فقط، وأظهرت فرق أوربية أخرى اهتمامها به، لكن "إي زد ألكمار" كان الأوفر حظا وظفر بخدماته ليؤكد طيلة مدة وجوده في هولندا أنه لاعب غير عاد ويستحق المبلغ الذي دفع فيه آنذاك. مسيرة الحضريوي في المنتخب الوطني لم تعرف منافسا له، وسيطر على الرسمية لقرابة عشر سنوات منذ سنة 1992، ليحقق بذلك إنجازا شخصيا باعتبار لعبه لست مباريات في كأسي العالم لنسختين متتاليتين، وشارك في كأس الأمم الإفريقية مرتين سنتي 1998/2000 ومثل "الأسود" في 74 مقابلة دولية سجل خلالها 4 أهداف، قبل أن يعلن اعتزاله اللعب دوليا سنة 2001، ويخرج مرفوع الرأس بعد مسار متيمز يشهد له الصغير فيه قبل الكبير بدماثة خلقه وحسن سلوكه وتواضعه. وعلى الرغم من كبر سنه إلا أن الحضريوي واصل التألق في بلجيكا من بوابة "شارلوروا" لمدة سنتين، ليكون قميص هذا الفريق البلجيكي آخر قميص يرتديه بعد مسيرة احترافية طويلة ابتدأت من البرتغال لتنتهي في بلجيكا ولتكون مسك الختام استطاع خلالها كسب احترام المشجعين والمدربين الذين تعاقبوا على تدريبه.