كان غياب نادي الوداد الرياضي عن منصات التتويج خلال الأربع سنوات الأخيرة مهلة كافية للقائمين على أحد أعرق الأندية الكروية في المغرب، لرصد مكامن الخليل، وأسباب تراجع الفريق الذي أمتع الجماهير، وأبدع في توقيع الأهداف، وكتابة اسمه في سجل الألقاب والبطولات. وغاب نادي الوداد الرياضي المغربي عن التتويج منذ سنة 2010 التي كانت آخر سنة فاز فيها بلقب البطولة المغربية، كما لم يتمكن النادي الأحمر من الفوز بلقب كأس العرش وهو ثاني أغلى لقب وطني بعد البطولة منذ 2002، كما لم يتمكن من تجاوز عتبات الأدوار الأولى في المسابقات الإفريقية ليبقى آخر إنجاز قاري حققه النادي هو فوزه بلقب كأس الكؤوس الإفريقية سنة 2002. غير أن الموسم الرياضي 2014-2015 كان فاتحة خير على النادي البيضاوي الذي يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة، حيث تمكن من إعادة كاتبة اسمه على درع البطولة المغربية التي دخلت مرحلة الاحتراف، بعد موسم حافل بالمقابلات المثيرة، والتي حقق فيها النادي الأحمر نتائج مميزة. وينفرد الفريق المغربي الأحمر بتوفره على أكبر قاعدة جماهيرية في المغرب حيث يقدر عدد الجماهير التي حضرت لمباريات الفريق خلال الموسم الماضي أزيد من 482 ألف مشجع وفق إحصائيات رسمية، متجاوزا بذلك خصمه اللدود نادي الرجاء الرياضي الذي لم يزد عدد مناصريه في الملاعب العام الماضي على337 ألف مشجع. وما يسجل للجمهور الودادي عامة، وهو الذي يمتد من المغرب إلى الخليج، وفي كل بقاع العالم، أنه ساند الفريق في نجاحاته وكبواته، ليعطي بذلك مثالا حيا على الوفاء للنادي الذي طالما أفرح البيضاويين ورفع رأسهم عاليا داخل المغرب وخارجه. تنقسم جماهير الوداد الرياضي المغربي بين جمعيات المحبين و"الألتراسات"، وإذا كانت الأولى عبارة عن مؤسسات رسمية تضم في صفوفها قدماء المشجعين وأبناءهم، فإن الثانية التي يطلق عليها اسم " ألتراس"، وأبرزها "ألتراس وينرز" التي تعد الأكبر انتشارا وتنظيما، ويظهر ذلك خلال مواجهات النادي الأحمر في المنافسات المحلية، حيث تبرع في تزيين مدرجات الملاعب باللوحات الفنية المعبرة، أو ما يعرف رياضيا ب"التيفوات"، فضلا عن الأغاني الحماسية التي تلهب المدرجات، كما تتميز هذه الفئة بالتماسك خاصة خلال الأزمات والهزائم التي يتكبدها الفريق. تميز جمهور الوداد الرياضي خاصة خلال الموسم الرياضي الأخير الذي أحرز فيه النادي لقب الدوري الاحترافي المغربي ،جعله محط اهتمام الصحافة المحلية والعالمية، بل صنفته مواقع المشجعين العالمية ضمن أقوى الألتراسات في العالم، حيث حل في المرتبة الثالثة خلال تصنيف شهر مارس الماضي. كما اضطلع الجمهور الأحمر بدور هام في انجازات النادي، خاصة خلال الموسم الماضي الذي شهد تألق النادي الأحمر في الدوري المغربي، وما واكبه من متابعة جماهيرية غير مسبوقة، كما كان للألتراس الودادي دور هام في القرارات التي اتخذها المكتب المسير للنادي، وذلك من خلال ممارسته لضغوطات على الإدارة كإلغاء التعاقد مع نجم ودادي، أو رحيل آخرين، بل طالبت قبل سنتين برحيل رئيس النادي عبد الاله أكرم، وهو ما تأتى لها، حيث تم انتخاب الرئيس الجديد سعيد الناصري، بالرغم من معارضة الجمهور له كونه كان ضمن تشكيلة الرئيس السابق الذي أوصل النادي إلى مراتب متدنية على حد وصف الألتراس البيضاوي. ومكّن فوز نادي الوداد البيضاوي بلقب البطولة الاحترافية المغربية خلال الموسم الماضي، من تحسين تصنيفه في قائمة أقوى الأندية الإفريقية، حيث تقدم النادي الأحمر بخمس مراكز عن التصنيف السابق، ليحتل المرتبة الثامنة عشر على مستوى القارة الإفريقية، والمركز 324 عالميا، وفق أخر إحصاءات الموقع العالمي "فوتبال داتاباز" المتخصص في ترتيب الأندية العالمية. كما صنفت المجلة الرياضية الفرنسية" فرانس فوتبول"، نادي الوداد البيضاوي من بين أفضل 10 أندية في العالم العربي خلال الموسم المنصرم، حيث حل الوداد البيضاوي في المرتبة الخامسة، بالرغم من فوزه بلقب وحيد، وغيابه عن المسابقات الإفريقية. وممّا كان يعاب على النادي المغربي الأحمر هو تعليق مشاكله على ربان النادي، ليسارع إلى تغييره، واستقدام آخر، عوض رصد مكامن الخلل التي جعلته يتراجع سنة بعد أخرى، غير أن تغيير المكتب المسير للنادي والتعاقد مع المدري الويلزي جون توشاك، مكنا الفريق من استعادة المبادرة، ومن العودة بقوة إلى الواجهة للتنافس على لقب الدوري المغربي والألقاب الإفريقية.