عندما يلتقي بوروسيا دورتموند وبايرن ميونخ اليوم السبت في الدوري الألماني لكرة القدم ، لن تكون المباراة بينهما مجرد نسخة جديدة من مواجهات القمة المعتادة بينهما في البوندسليغا، ولكنها ستكون أيضا صداما بين نموذجي عمل مختلفين. ويشهد الموسم الحالي محاولة جديدة من فريق دورتموند المفعم بالشباب لإنهاء الهيمنة التامة لمنافسه بايرن ميونخ على البوندسليغا في السنوات الماضية. كما تمثل المباراة مواجهة بين فلسفتين مختلفتين للناديين الكبيرين. وبالنظر إلى أبرز مهاجمين بالفريقين وهما إيرلنغ هالاند في دورتموند وروبرت ليفاندوفسكي في بايرن، يتضح توجه كل من الناديين قبل هذه المباراة التي تعتبر الكلاسيكو الألماني المثير. وتوج بايرن بلقب الدوري الألماني على مدار المواسم الثمانية الماضية على التوالي بداية من 2013 حتى 2020 ، وتوج جهوده مرتين بالثلاثية التاريخية (دوري وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا)، وذلك في 2013 و2020 . واعتمد الفريق بشكل كبير في هذه الفترة على مجموعة متميزة من اللاعبين من بينهما المهاجم البولندي الدولي ليفاندوفسكي /31 عاما/، كما بدأ النادي في تعديلاته على صفوف الفريق بشكل حذر بعد انتهاء مسيرة النجمين الكبيرين الهولندي آريين روبن والفرنسي فرانك ريبيري مع الفريق. والآن، ينصب كل الحديث في النادي البافاري على اللاعبين الذين ولدوا في 1995 أو قبلها أو بعدها مباشرة مثل سيرج نابري وجوشوا كيميتش وليروى ساني وبنيامين بافارد وليون جوريتسكا وكينغسلي كومان ونيكلاس سوله، الذين حققوا النجاح مع الفريق بالفعل في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي وانضموا إلى زملائهم من العناصر التي حققت النجاح مع الفريق عبر سنوات طويلة مثل ليفاندوفسكي وتوماس مولر وحارس المرمى مانويل نوير. وفي دورتموند، يتركز معظم الاهتمام حاليا على مجموعة من اللاعبين الشبان مثل النرويجي هالاند والإنجليزيين جادون سانشو وجودي بيلينغهام والأمريكي جيوفاني ريينا إضافة للاعب الناشئ يوسوفا موكوكا الذي يحتفل بعيد ميلاده السادس عشر بعد أسبوعين فقط. وقال سيباستيان كيهل رئيس قسم تراخيص اللاعبين ببوروسيا دورتموند: "هذه هي فلسفتنا، وعلامتنا". ورغم هذا، أوضح أولي هونيس الرئيس السابق لنادي بايرن ميونخ أن دورتموند فشل في إحراز لقب أي بطولة كبيرة بسبب هذا النموذج الذي يطبقه. وأوضح هونيس في تصريحات إلى صحيفة "فرانكفورتر ألجمينه تسايتونج" الألمانية مطلع غشت الماضي: "إذا تعاقد دورتموند مع لاعب موهوب بارز ولعب جيدا، ستسمعون بعدها بشهور قليلة سواء من داخل النادي أو من خارجه ، بأنه سيبيع هذا اللاعب قريبا". وأضاف: "كيف يمكن للاعب أن يمتص (الحمض النووي) لناد بنسبة 100 بالمئة إذا شعر بأنه سيباع ؟ ليست لدينا هذه الفلسفة على الاطلاق. نجلب اللاعبين لصالح بايرن ميونخ. ولا نسعى أبدا لاستخدامهم تجاريا". وفيما يسعى بايرن لتنمية سياسته وصورته (نحن كما نحن)، تبنى دورتموند نموذج الشباب منذ أكثر من عقد كامل بعدما كان النادي على وشك إعلان إفلاسه بسبب الإنفاق ببذخ على تدعيم صفوفه في منتصف التسعينيات من القرن الماضي عندما توج الفريق بلقب البوندسليغا مرتين وبلقب دوري أبطال أوروبا في 1997. ومع عدم سماح قوانين كرة القدم الألمانية ببيع الأندية بالكامل إلى المستثمرين، لجأ دورتموند لسياسة التعاقد مع لاعبين شبان ما ساهم في تخفيض النفقات إضافة لإمكانية منح هؤلاء اللاعبين فرصة للمشاركة لأوقات طويلة في المباريات والاستفادة منهم لسنوات ثم بيعهم بأسعار كبيرة. وكان اللاعبات بيير إيمريك أوباميانغ وكريستيان بوليسيتش من الأمثلة على هذا، وينتظر أن تكون هناك المزيد من هذه الأمثلة خلال السنوات المقبلة. وساهم هذا التوجه الجديد لدورتموند في فوز الفريق بلقب البوندسليغا في 2011 ثم في حسم الفريق لأول ثنائية (دوري وكأس ألمانيا) في تاريخه عام 2012 بعد الفوز الكبير 5 / 2 على بايرن نفسه في المباراة النهائية للكأس معتمدا على لاعبين مثل ماريو غوتزه وماركو ريوس وروبرت ليفاندوفسكي والياباني شنجي كاغاوا الذين كانوا وقتها في مرحلة الشباب. ولكن هذا كان تهديدا عابرا لهيمنة بايرن حيث استعاد الفريق البافاري سطوته على البطولات المحلية واحتكر لقب البوندسليغا في المواسم الثمانية التالية كما توج بالثلاثية التاريخية في 2013 بعد الفوز على دورتموند نفسه في نهائي دوري الأبطال موسم 2013 وكرر الثلاثية في الموسم الماضي بالفوز على باريس سان جيرمان الفرنسي في نهائي دوري الأبطال. وجاء هدف الفوز في نهائي دوري الأبطال عام 2013 على استاد ويمبلي العريق في لندن بتوقع الهولندي روبن، أحد النجوم الذين دعم بهم بايرن صفوفه عبر السنوات الماضية بعدما انتقل إليه قادما من ريال مدريد الإسباني. وبعد معاناته المالية الكبيرة في أواخر السبعينيات، بنى بايرن ميونخ ثروته على مدار العقود التالية، ويدين النادي بفضل كبير في هذا للسياسات التي اتبعها أولي هونيس الذي كان مديرا عام للنادي ثم رئيسا له على مدار عقود. ومنذ عام 1992، طبق بايرن السياسة المالية التي عملت علة تنويع مصادر الدخل. ومنذ ذلك الحين، شارك الفريق في دوري الأبطال الأوروبي في كل الأعوام تقريبا. واحتل بايرن المركز الرابع في قائمة أغنى أندية العالم، والتي أصدرتها شركة "ديلويت" الشهيرة لتدقيق الحسابات في وقت سابق من العام الحالي، حيث حل بايرن خلف برشلونة وريال مدريد الإسبانيين ومانشستر يونايتد الإنجليزي. وأشارت القائمة إلى أن عائدات بايرن بلغت 660 مليون يورو (778 مليون دولار) بفارق كبير للغاية عن دورتموند الذي احتل المركز الثاني عشر بعائدات بلغت 377 مليون يورو. وكان دورتموند، وهو النادي الوحيد في البوندسليغا المدرج في البورصة، على وشك الفوز بلقب البوندسليغا في موسم 2018 / 2019 ولكنه أهدر الفرصة وفرط في تقدمه على بايرن بفارق تسع نقاط قبل عطلة الشتاء ليتوج بايرن في نهاية الموسم بلقب البطولة كما حقق الفوز الكبير على دورتموند 5 / صفر في أبريل 2019 بنفس الموسم. ويعود آخر فوز لدورتموند على بايرن إلى نحو عامين سابقين، وبالتحديد عندما فاز عليه 3 / 2 في العاشر من نونبر 2018 ضمن فعاليات البوندسليغا.