سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قصص وطرائف المونديال (الحلقة 12): الأسطورة بيلي يظهر في بلاد الفايكنغ، لكن هداف نسخة 1958 ولد مراكش تسلف "كَوداس" من لعَّاب كان كَيَلْبَس نفس القياس، أو بعد 20 عام فرضوا الحسن الثاني مدربا لأسود الأطلس
لم تكن نسخة 1958 من مونديال السويد، أشبه بسابقتها التي انتهت بصور للذكرى فقط، وبتسجيلات للإذاعة محفوظة في أرشيفات خاصة. فقد ساعد النقل التلفزيوني المباشر على التعريف ببطولة كأس العالم، كما تعرف من كانوا يملكون "صندوق العجب"، حينئذ، على نجم لم يبلغ، بعد، 18 سنة، لكنه صنع العجب العجاب في الكرة والخصوم. كان الفتى البرازيلي إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، الذي سيعرف طيلة حياته بلقب بيلي، أصغر لاعب يصل إلى المونديال، وكانت شهرته قد وصلت إلى الآفاق، قبل أن يصل إلى بلاد الفايكنغ. لكن بيلي، الذي دشن الحقبة الذهبية لمنتخب السيليساو، لم يلعب المبارتين الأولتين في دور المجموعات أمام كل من النمسا وإنجلترا، وانتظر حتى المباراة الثالثة ضد الاتحاد السوفياتي ليلعب رسميا. لم يسجل أي هدف، لكنه أبهر الجميع بتحركاته ومداعبته للكرة. ثم بصم على اسمه في ربع النهائي ضد بلاد الغال "ويلز"، حينما أحرز هدف البرازيل الوحيد، ليوقع اسمه في سجلات كرة القدم العالمية كأصغر لاعب يسجل في تاريخ المونديال. لم يقف بيلي عند هذا الحد، إذ لفت الأنظار في نصف النهائي ضد المنتخب الفرنسي، وسجل ثلاثة أهداف من أصل خمسة، ليقود السيليساو إلى النهائي، بعدما سرق الشهرة من المهاجم الفرنسي جيست فونطين الذي كان قد سجل ثمانية أهداف في دور المجموعات. تواصل تألق بيلي في المباراة النهائية أمام المنتخب المضيف، إذ سجل هدفين من أصل خمسة، لينسي جماهير بلاده مأساة 1950 أمام "غول الأورغواي"، ولِيَف بوعده الذي أعطاه لوالده، حين وجده يبكي بعد خسارة البرازيل كأس العالم على أرضها. تقول الرواية إن بيلي، الذي كان يبلغ آنذاك 10 سنوات، دخل بيتهم، ووجد والده يبكي، وحين سأله عن السبب، رد الأب: "لقد خسرنا الكأس"، فقال له بيلي: "لا عليك، حين أكبر سآتيك بالكأس". تذكر بيلي هذا الحوار الصغير مع والده بعد إعلان الحكم عن نهاية المباراة أمام السويد، فأغمي عليه للحظات، قبل أن يستعيد وعيه، ويتحقق أنه فاز بالكأس فعلا، وليبدأ صناعة تاريخ الكرة البرازيلية التي ارتبطت، منذئذ، برقصة السامبا. ارتبطت نسخة 1958، أيضا، بمهاجم المنتخب الفرنسي، جيست فونطين، الذي أنهى البطولة بتسجيل 13 هدفا، وهو رقم ما يزال صامدا إلى اليوم، إذ لم يستطع أحد من الهدافين اللاحقين تحقيق رقم مماثل في دورة واحدة من ست مباريات فقط. ولد فونتين في مراكش، يوم 18 غشت 1933، وبدأ مداعبة الكرة في المدينة الحمراء. وابتداء من عام 1950، التحق بفريق الاتحاد الرياضي المغربي في الدارالبيضاء، ولعب في صفوفه ثلاث سنوات، قبل أن ينتقل إلى نيس الفرنسي (1953-1956)، ثم ستاد ريمس (1956-1962). شكلت قصة فونطين مع النجاح التي أبهرت الكثيرين. إذ لم يكن أساسيا في المنتخب الفرنسي، واضطر المدرب إلى الاعتماد عليه، بعد تأكد استحالة تعافي المهاجم الأساسي ريني بليار. ثم وجد المدرب أمام نازلة أخرى، بعدما أدرك أن فونطين يملك فردة حذاء واحدة سليمة، فيما الثانية ممزقة، فبحث وسط باقي اللاعبين الاحتياطيين عن من يملك نفس القياس، ليجدوه عن اللاعب ستيفان بروي. "خلال تلك الفترة لم نكن نملك سوى حذاءين، ولم تكن هناك شركات راعية، فجأة وجدت نفسي من دون حذاء، لكن لحسن حظي بأن ستيفان بروي أحد زملائي الاحتياطيين كان يرتدي القياس نفسه، وقد أعارني حذاءه... أشعر بالسعادة لأن أهدافي (13) جاءت ثمرة تفكيرين في حذاء واحد"، يقول فونتين ضاحكا. بعد حوالي 20 سنة، عاد فونطين إلى المغرب كمدرب لأسود الأطلس، الذين تجرعوا هزيمة نكراء أمام الجزائر يوم 11 دجنبر 1979. فكر الاستقلالي عبد اللطيف القادري، وزير الشبيبة والرياضة حينئذ، الاعتماد على مدرب مغربي، غير أن الحسن الثاني كان له رأي آخر. فقد حضر إلى اجتماع مجلس للوزراء ومعه السيرة الذاتية لفونطين، ثم توجه مباشرة إلى القادري قائلا: "حتى هذا مغربي أو مولود في مراكش". استمرت مغامرة فونطين في المملكة سنتين، من 1979 إلى 1981، وانتهت بعد إقصاء الأسود من مونديال إسبانيا 1982 على يد الكامرون.