كان حسن نجمي لطيفا. كان لا يظهر في الصورة. كان لا يهتم إلا بالشأن الجمالي. كان لا ينبس ببنت شفة. كان يشتغل مع الحبيب المالكي. ولا يبدي رأيا في ما يحدث في المغرب. كان في راحة تامة. كان كأنه لم يكن. كان مختبئا في الاتحاد الاشتراكي. كان موجودا وغير موجود في الآن نفسه. كان متكتما. كان مع الكاتب الأول في السر. وكان يخجل ربما من أن يعلن عن ذلك أمام الملأ. كي لا يعيره أحد بإدريس لشكر. وكي لا يحسب عليه ذلك. ويبدو أنه كان ينتظر من إدريس لشكر شيئا ما. ويبدو أن الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وعد حسن نجمي ولم يف بوعده. ويبدو واضحا أنه خذله. وفوت عليه فرصة العمر. ووتره. وجعله يشعر بالضيم. وبالخديعة. ويبدو أنه ضحية من ضحايا التعديل الحكومي. ولما لم يجد اسمه في اللائحة تطرف حسن نجمي. وصار يتحدث إلى الصحافة عن الكفاءات الاتحادية وعن الإهانة التي تعرض لها الحزب. وقرر دون سابق إنذار أن يعود معارضا. وأن يربط الصلة من جديد بالأيام الخوالي. وفجأة اكتشف أن هناك ردة حقوقية في المغرب. وأن تراجعا هناك. وفجأة قرر الدفاع عن أحمد ويحمان. مطالبا بإعادة الاعتبار إلى”المناضل الشهم”. بعد اللكمة القوية التي وجهها إلى رجل السلطة في معرض التمور. وهذا كله بسبب إدريس لشكر. وهذا ما جناه الكاتب الأول على حسن نجمي. فاضطره إلى أن يترك كل القضايا. وكل ما يمكن اعتباره فعلا تراجعا حقوقيا في المغرب. ليدافع عن ممارسة العنف. وعن ضرب رجال السلطة. وإسقاطهم أرضا بالضربة القاضية. وليصف من لا يدافع عن العنف. ولا يبرر ممارسته. ومن نشر الفيديو. بالإعلام الصهيوني. وليختار أسوأ مثال. وبعد كل هذا العمر. وبعد كل هذه التجربة السياسية. وفي الوقت بدل الضائع. يخرج حسن نجمي. ويرى في لكمة قوية وموثقة سددها صديقه لقائد ردة حقوقية. وهي فعلا كذلك. لكن بالمقلوب. وبعد أن صار “المناضل الشهم” هو الذي يمارس القمع في حق السلطة. في اتجاه دولة الفوضى. واللا قانون. والقصاص. وانصر أخاك ظلما أو مظلوما. وبعد أن صمت حسن نجمي كل هذا الوقت. وبعد أن اختبأ كل هذه السنوات في الاتحاد الاشتراكي. خرج يطالب السلطة بالاعتذار إلى أحمد ويحمان. وكي لا تكون هناك ردة حقوقية. فإن رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة سيقفون في طابور طويل معتذرين للبطل المناهض للتطبيع. وستصدر بلاغات ودعوات ليأتي ويحمان ويلكم أي شخص يشاء. ومن أجله وتقديرا له وللدور الذي يقوم به في الكشف عن المطبعين وعن الصهاينة فإننا جميعا نقدم له وجوهنا ليلكمها. وعلى كل باشا وكل قائد أن يفتح الطريق لأحمد ويحمان. ونحن جميعا سلطة وإعلاما صهيونيا عميلا أكياس رمل ليتدرب فينا وليحارب العدو في وجوهنا. أما إذا لم تعتذر السلطة لأحمد ويحمان. فهذا يعني أن حسن نجمي سيزداد تطرفا. وغضبا. وسيصعد إلى الجبل. وقد يعود إلى الفقيه البصري. وقد يأتي بالأموي. وبالإضرابات. وبثمانيميات القرن الماضي. وإلى حمل السلاح. وإلى ليبيا. فحذار أيها المخزن الرجعي وحذار أيتها السلطات وإما أن تمنحوا حسن نجمي ما كان يطمح إليه. وأن تهتموا به وتقدروا كفاءته وإما سيعود معارضا يتحدث عن الردة الحقوقية مدافعا عن لكمة ويحمان القوية لكن السبب في كل هذا ومن جعل حسن نجمي يخرج عن صمته. وعن اعتداله. وعن ابتسامته. هو إدرس لشكر وهو المسؤول عن كل حالات الغضب التي تنتابه هذه الأيام وتجعله معارضا ومحتجا وما على الدوله إلا أن تنتبه إليه وتمنحه ما يشاء قبل فوات الأوان. وقبل أن يتطرف أكثر. بعد أن كان هادئا. ومطمئنا. وصابرا. فلماذا يا إدريس لشكر. لماذا جعلت شخصا مثل حسن نجمي يكفر بالوضع في المغرب. ويحتج عليه. لماذا. لماذا.