نشرت جريدة "لوموند" الفرنسية، يومه الأربعاء، مقالا تحليلا بعنوان "تحالف حكومي جديد تحت رعاية القصر الملكي بالمغرب"، وذكرت فيه بأن سعد الدين العثماني انتهى به المطاف إلى الخضوع، حيث قبل أن يكون الاتحاد الاشتراكي جزءا من التحالف الحكومي المقبل، وهو ما رفضه سلفه عبد الإله بنكيران. وتذكر صاحبة المقال شارلوت بوزوني أن العثماني فاجأ الجميع بسرعة حركته، وأعطى لنفسه ما بين أسبوع و10 أيام لإعلان تشكيلة فريقه الحكومي، لكن "يبدو أنه تم شيء مهم وهو إعلان تحالف ينهي 5 أشهر من الأزمة ويوقع على عودة وضع يد القصر على حلبة الصراع السياسي"، على حد تعبير كاتبة المقال. وذكّرت الصحيفة بتصدّر حزب العدالة والتنمية لانتخابات أكتوبر 2016، كما وقع في سنة 2011، ما جعل الملك محمد السادس يعيد تعيين عبد الإله بنكيران على رأس الحكومة. وأضافت أن أمين عام الحزب، ذا الكاريزما والمفوّه، الذي خرج قويا من الانتخابات، سرعان ما وجد نفسه في مواجهة الحواجز الأولى بالصعود السياسي لعزيز أخنوش، رجل الأعمال المقرّب من القصر، الذي سقط بالمظلة على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، واستطاع أن يحيط نفسه بمجموعة من الأحزاب ما مكّنه من لعب الدور المفتاح في المفاوضات… و"بغض النظر عن الخلافات الإيديولوجية والبرامجية التي تبقى هامشية في المغرب عند تشكيل أغلبية مادام القصر له اليد الطولى في التوجهات السياسية للمملكة"، تقول كاتبة المقال، فإن الأمر يتعلق بصراع على موازين القوى بين "البيجيدي" وأمينه العام من جهة، والتجمع الوطني للأحرار الذي أصبح وجها لمعارضة الحزب الإسلامي، من جهة أخرى". وبعد خمس أشهر من المفاوضات الصعبة، لم يستطع بنكيران، الخروج من المأزق، يضيف المقال، و"في 15 مارس أعلن بلاغ ملكي بأنه تم إعفاؤه من مهامه وأن شخصية أخرى من "البيجيدي" سيتم تعيينها على رأس الحكومة. وفي الوقت الذي كان الحزب الإسلامي يستعد للاجتماع بعد يومين لمناقشة الوضعية وتسمية خلف لبنكيران على رأس الحكومة، أو اتخاذ قرار الالتحاق بالمعارضة، استدعى الملك العثماني وعينه رئيسا للحكومة مذكّرا بدوره كحكم فوق الأحزاب". وبعد تعيين العثماني، طُرح السؤال حول معرفة إن كانت الأحزاب الأخرى ستخفّض من سقف مطالبها للخروج من البلوكاج، "ولكن لم يتم شيئ من ذلك. وعندما قبل البيجيدي بالاتحاد الاشتراكي في التحالف، فيبدو أنه أقدم على تنازل كبير"، تقول الكاتبة مؤكدة "أنه يصعب الآن توقع نتائج هذا التحول على الحزب ووحدته". وتورد في هذا السياق شهادة لصحافي سياسي مغربي يقول فيها إن "جزءا من المناضلين والقادة يشعرون بالمرارة بالطريقة التي تم بها تجاوز 5 أشهر من البلوكاج في ظرف أيام قليلة"، قبل أن يضيف أن هذا الحزب الذي أسس شعبيته على إبراز "استقلاليته" في الحقل السياسي المغربي يرى أن صورته كحزب بديل ضعفت، وهو "يمر من أزمة تتمثل في كيفية الإبقاء على مصداقيته وهو يقبل اليوم بما رفضه بالأمس، لكنه كان دائما يتغلب على مثل هذه الأوضاع"، يخلص الصحافي المغربي. من جانبه، يعتبر المحلل السياسي محمد الطوزي، في المقال ذاته، أنه "يتم تقديم طرف فائز وآخر خاسر، لكن الأمر أعقد من ذلك. البيجيدي ما زال هنا، وما زال هو الحزب الأول. الذي وُضع جانبا هو عبد الإله بنكيران. وهو ما زال في الاحتياط، إنه مضى بعد بلوكاج وليس بعد فشل"، مؤكدا على أن هذه الفترة "هي تمرين للجميع، خصوصا في ما يتعلق بقواعد التفاوض".