هل عندما يستقبل الملك بنكيران يتجرأ هذا الأخير ويقول له إنها العفاريت والتماسيح يا جلالة الملك من تعيق الإصلاح وتعرقل عمل الحكومة. وهل عندما يلتقي شباط بالملك يردد أمامه نفس الكلام الذي نسمعه من الأمين العام لحزب الاستقلال، فيقول له يا مولاي إن رئيس الحكومة هذا يجلب النحس للمغرب ويتسبب في الفيضانات في جمهورية التشيك. وهل يعتقد أحد أن بنكيران يمكن أن يتلفظ أمام الملك بكلمة "العلالي" وغيرها من الكلمات التي لا يجد حرجا في التلفظ بها في البرلمان وأمام ملايين المغاربة الذين يشاهدونه في التلفزيون. لا أظن أن عبد الإله بنكيران وحميد شباط يمتلكان القدرة على نقل نفس القاموس إلى القصر الملكي، فلكل مقام مقال، وما يحكيه هذا الخصمان المتصارعان لنا، لا بد أنهما سيترددان ألف مرة قبل النطق به أمام الملك. فمن باب الاحترام أن لا يسمع منهما الملك ما يقولانه لنا كل يوم، أما المغاربة فهم غير جديرين بالاحترام في نظر هذين الزعيمين حسب ما يبدو في الصورة، ويمكن أن نشنف آذانهم بما نشاء، دون أن يحتج أحد ودون أن يعتبر المغاربة أن لغة السياسة في المغرب وصلت إلى هذا الحضيض وهذا الدرك. يعرف بنكيران وشباط في قرارة نفسيهما أنه من غير اللائق أن يسمع شخص محترم كلامهما، ولا شك أنهما معا يحترمان الملك، وهي النقطة الوحيدة التي يبدو أنهما يتفقان حولها، ولذلك من المستبعد أن يسمع الملك من الأول حكاية العفاريت والتماسيح والجهات الخفية والدولة العميقة، ومن المستبعد أن يحكي الثاني للملك ما قاله طوال هذا الشهر عن بنكيران وحزبه، ولن يتخيل أحد أن يتجرأ شباط ويقول للملك ما كان يردده في جولاته المكوكية من حماقات. نحن الرعاع الهمج الأصوات الانتخابية المنافسون السوقة الجمهور الشارع المعارضة الأغلبية الأقلية الخصوم الدهماء الإعلام الصحافة المكتوبة التجمعات الخطابية: هذا ما نستحقه من شباط وبنكيران، كل شيء نقبله منهما ونضحك، والذي يشمئز ويتقزز فليشرب البحر أو ليغادر هذا البلد، أما عندما يذهبان إلى الملك، فلا بد أنهما يتحدثان إليه بلغة أخرى تحترم سلطته وذكاءه ومكانته، ولا يخبرانه بما يحكيانه لنا. مع ذلك، هناك سؤال يظل مطروحا: هل عندما يستقبل الملك شباط وبنكيران يكون على علم بالطريقة التي يتحدثون بها مع الشعب، لأنه لو كان على علم بذلك لأمر السياسيين وزعماء الأحزاب بأن يحترمونا قليلا، ويحترموا ذكاءنا، وألا يسخروا منا، لأن من يضحك على الشعب ويقلل من شأنه ويستغبيه ويعتبره مهيأ لقبول وتصديق أي شيء ومن السهل خداعه وتطويعه لا يمكنه أن يدعي احترامه للملك