دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين النواب البريطانيين الى المصادقة على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي اعتبرته « أفضل اتفاق ممكن »، و »الوحيد المتاح ». وأكدت مجددا « يقينها المطلق » بأنه « لا يوجد اتفاق أفضل ممكن » داعية البرلمانيين الى دعمه باسم المصلحة الوطنية. وشددت على أن رفض الاتفاق سيعني « عود على بدء » ما « سيفتح الباب أمام المزيد من الانقسام والشكوك »، وذلك غداة قمة أوروبية صادقت على اتفاق الانسحاب والإعلان السياسي حول العلاقة المستقبلية إثر مفاوضات صعبة استمر ت 17 شهرا. لكن زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن رد بقوة معتبرا ان مشروع الاتفاق يشكل « اعتداء وطنيا على النفس ». واضاف « ليس امام هذا المجلس الا رفض هذا الاتفاق »، وذلك في حين ان تصديق البرلمان على اتفاق الانسحاب والاعلان السياسي حول مستقبل العلاقة بين الاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة، ضروري لتفعيلهما. وأعلنت ماي الاثنين أن البرلمان سيصوت على مشروع الاتفاق والاعلان السياسي في 11 ديسمبر. وتبدو مهمة ماي صعبة جدا حيث أنها لا تملك الا أغلبية ضئيلة في البرلمان من عشرة أصوات يؤمنها حليفها الحزب الوحدوي الايرلندي الشمالي. لكن هذا الحزب حذر من أنه سيصوت ضد المشروع بسبب غضبه على الوضع الخاص لمقاطعة ايرلندا الشمالية في الاتفاق والناجم عن الرغبة في تفادي العودة الى الحدود المادية بين هذه المقاطعة البريطانية وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الاوروبي. ويضاف الى نواب هذا الحزب نحو 80 نائبا محافظا يؤيدون بريكست يقطع تماما مع الاتحاد الاوروبي والنواب الاسكتلدنيين أعضاء الحزب القومي الاسكتلندي والنواب المناهضين لاوروبا داخل حزب الاحرار الديمقراطيين الصغير. واعتبر وزير الخارجية السابق بوريس جونسون ان الاتفاق « كارثة » و »اهانة » للمملكة المتحدة التي ستبقى « دولة تابعة » للاتحاد الاوروبي. وأقر وزير الخارجية جيريمي هانت الاحد ان تمرير الاتفاق في البرلمان سيكون « تحديا » مضيفا مع ذلك « ان الكثير من الامور يمكن أن تتغير في الاسبوعين القادمين ». وفي مقابلة مع صحيفة هاندلشبلات الألمانية حذ ر وزير مكتب رئاسة الحكومة البريطانية ديفيد ليدينغتون، الرجل الثاني في السلطة التنفيذية في بريطانيا، من مغب ة رفض الاتفاق قائلا إنه في حال ر فض « ستكون ردة فعل الشركات التجارية والأسواق سلبية، وليس هناك ما يضمن أننا سنجد سبيلا للخروج من هذا الوضع ». وارتفعت بورصة لندن بعد مصادقة القمة الأوروبية على الاتفاق الذي يلحظ فترة انتقالية مدتها 21 شهرا، تبدأ بعد موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019، ستبقى العلاقة بين الطرفين خلالها تقريبا على حالها. وجمعت ماي صباح الاثنين حكومتها لرص الصفوف بعد استقالة عدد من الوزراء الرافضين للاتفاق مؤخرا. وحصلت ماي على دعم جزء من الصحف البريطانية بينها صحيفة « تايمز » التي اعتبرت أن الاتفاق، وإن لم يكن جيدا بالفعل، إلا أن رئيسة الوزراء « محقة بقولها إن البديل الوحيد هو (الخروج من التكتل) من دون اتفاق أو إلغاء بريكست ». بدورها دعت صحيفة « ديلي مي ل » البريطانيين إلى « اختيار (اتفاق) بريكست الذي توص لت إليه ماي وإلا القفز في المجهول ». في المقابل انتقدت صحيفة « ذا صن » المؤيدة لبريكست ما اعتبرته « استسلاما » أمام الاتحاد الأوروبي في حين اعتبرت صحيفة « ديلي تلغراف » أن الاتفاق لا يعكس حقيقة تصويت البريطانيين في استفتاء 2016. لكن تصويت البرلمان لصالح الاتفاق لا ينهي متاعب تيريزا ماي. فقد هددت رئيسة الحزب الوحدوي الديموقراطي أرلين فوستر التي تعارض الاتفاق بشكل قاطع، بأنها ستسحب دعمها للحكومة إذا تم تمرير الاتفاق. وبدأت ماي حملة تواصل مباشر مع مواطنيها. وستبدأ الثلاثاء جولة كبيرة في المملكة لاقناع رعاياها بدعم الاتفاق. وهي تدرس أيضا امكانية اجراء مناظرة تلفزيونية مع جيريمي كوربن، بحسب وسائل اعلام بريطانية. وكتبت « رسالة إلى الأمة » ن شرت الأحد، تدعو فيها البلاد إلى الوحدة الوطنية دعما للاتفاق بهدف تحقيق « المصالحة » بعد سنوات من الانقسام بين مؤيدي الاتحاد الأوروبي والمشككين في جدواه، إثر الاستفتاء الذي صو ت البريطانيون خلاله في يونيو 2016 لصالح بريكست بنسبة 52% من الأصوات.