نظمت مؤسسة قرطبة بجنيف، بمساهمة سويسرية، مبادرة للتعاون بين الإسلاميين والعلمانيين، وشارك في المبادرة نخبة من الشخصيات السياسية والفكرية ذات حضور وزان في بلدان شمال إفريقيا وغرب آسيا ومنطقة الساحل. والتقى المشاركون في هذا المسار في ورشات على امتداد عام كامل، حيث كان اللقاء الأول في إسطنبول (28 فبراير – 4 مارس 2016)، ثم في الدوحة (21 – 22 سبتمبر 2016)، ثم في إسطنبول (17 مارس 2017). وخلصت اللقاءات إلى إصدار بيان، لخص الخطوط العريضة للمبادرة، وحمل عنوان » نحو فضاء للتواصل والعمل المشترك ». وقال البيان » إن الاستقطاب الحاد في سياقات الانتقال السياسي الهشة غالبا يؤدي إلى حالة الفوضى، مما يمهّد الطريق لعودة أنظمة الاستبداد أو للاحتراب الداخلي ». وأوضح البيان أنه تم » التركيز على أهمية إنتاج ثقافة سياسية جديدة مشتركة تستند إلى قِيم الحرية والعدل والكرامة والتنوع والقبول بالآخر وعدم الإقصاء والمواطنة ونبذ العنف، من خلال بناء تحالفات عابرة للأيديولوجيات تسهم في إنجاح الانتقال السياسي السلمي في المنطقة ». واتفق المشاركون على أن التخفيف من الاستقطاب بين الإسلاميين والعَلمانيين ينبغي أن يتجاوز الجدل الفلسفي ويركّز على ضرورة العمل المشترك لفائدة الصالح العام ومن أجل تقوية المجتمع وبناء الدولة، ويتوافق هذا الإطار مع « فضاء مشترك » لا يقتضي تنازل أيّ طرف عن مرجعيته الفكرية أو خيانته لقضيته. فهذا الإطار للعمل المشترك والجهد الجماعي لخدمة المجتمع يمكن تأصيله انطلاقا من المرجعيات الدينية والأيديولوجية لجميع الأطراف. سجل نفس المصدر وأشار البيان البيان إلى أنه » يمكن لجماعات ذات قواعد مختلفة في إطار أنظمتها القيمية ورؤاها الكونية أن تختار الانخراط في عمل مشترك مع جماعات أخرى مختلفة، ولكل منها أسبابها الخاصة ». وتابع « وبهذه الكيفية، يمكن لمختلف الجماعات أن تعيش معًا في فضاء مشترك، وتجد كل واحدة التبرير والحافز للقيام بذلك من منظور نظام قواعدها ومبادئها التوجيهية الخاصة بها. ويطلق الفيلسوف الأميركي جون رولز على عملية الانخراط المشترك من مختلف الجماعات للتفاعل ضمن نفس الفضاء مصطلح « التوافقات المتداخلة » ». وشدد البيان على إمكانية العيش المشترك بالقول » إن صحيفة المدينة دليل عملي من منظور إسلامي على إمكان التعايش والتفاعل الإيجابي في مجتمع متعدد الانتماءات القبلية والدينية »، مردفا » وقد نجحت هذه الصحيفة، التي سُمّيت بالوثيقة الدستورية الأولى في تاريخ البشرية، في القيام بذلك بإدخال مفهوم جديد للانتماء الاجتماعي مكوّن من ثلاث طبقات مختلفة؛ القبيلة المعترف بها واقعا اجتماعيا، والانتماء الاجتماعي للدين الذي ينطوي على منظومة من القِيم المشتركة، والانتماء إلى المدينة ». أوصى المشاركون بأن ينصبّ مجهود العمل المشترك على الرهانات الكبرى التي تواجهها شعوب المنطقة فيما يخص المشاركة المواطنية والانخراط المجتمعي للشباب، والتعليم، وكذا بناء ثقافات سياسية جديد. وشارك في أشغال هذه المبادرة من المغرب أحمد أرحموش حامد إدريس خديجة رياضي سعد الدين العثماني سمية بنخلدون عبد العلي حامي الدين محمد حمداوي محمد عبد الوهاب رفيقي المعطي منجب نبيلة منيب