خلق تدخل عبد الحق حيسان، المستشار البرلماني عن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين ومطالبته بالملكية البرلمانية جدلا وسعا وردود فعل متباينة داخل السياسيين والباحثتين والمهتمين كمدخل لمعالجة الاختلالات وربط المسؤولية بالمحاسبة. وقال عبد الحق حيسان، إن معالجة الاختلالات التي كشفها تقرير مجلس الاعلى للحاسابات، و ربط المسؤولية بالمحاسبة، يمران عبر « ملكية برلمانية، التي يسود فيها الملك ولا يحكم، ويكون الجميع خاضعا للمساءلة والمحاسبة، وها نحن نرى كيف أنه من الرغم من أن الخطاب الملكي وجه اتهامات صريحة إلى الجميع، فالجميع يتحدث عنه ويستدل به ». وفي هذا السياق قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش « الحديث عن الملكية البرلمانية اليوم أصبح ينظر له كإنجاز أي شيء من هذا القبيل، رغم إن هذا كان نقاشا عاديا في الستيسنيات والسبعينيات من القرن الماضي » ». وأضاف في اتصال مع « فبراير »، « استعادة النقاش اليوم حول مطلب الملكية البرلمانية دليل على أن النظام السياسي وطبيعة المجتمع لا تسمح بربط المسؤولية بالمحاسبة، وهي حقيقة ظهرت من خلال المناداة بنظام يسود فيه الملك ولا يحكم »، والسبب حسب العلام أن » الانتخابات لم تعد وسيلة من وسائل محاسبة المسؤولين ». وتابع أستاذ العلوم السياسية » الملك دعا في خطاب 20 غشت 2015 المواطنين إلى الذهاب إلى مكاتب التصويتثم عاد بعد مرور عامين وقال إن المواطنين في واد والمنتخبين في الواد ». وخلص العلام إلى أن « الانتخابات لم تعد تعط أكلها لأن الصلاحيات بيد جهات معينة وبيد الملك »، وأعطى مثالا على ذلك وقال « الملك منع الوزراء من العطلة الصيفية وهذا من حق رئيس الحكومة، مضيفا أن الملك أمر بتشكيل لجنتين للبحث والتقصي في تأخر تنفيذ مشروع « الحسيمة منارة المتوسط » وهذا من اختصاص البرلمان ». من جهته قال عبد المنعم لزعر، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن « البناء المعياري للفصل الأول من الدستور ينص في فقرته الأولى على أن نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية برلمانية واجتماعية « وتابع يقول « وينص في فقرته الثانية على أن النظام السياسي يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكومة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة ». وأشار الى أن » هذا الفصل يؤسس من الناحية المعيارية لنظام ملكي متحرك بين مجال الملكية التنفيذية ومجال الملكية البرلمانية » وهو ما أسماه » مجال الملكية المعقلنة » والذي يفيد معياريا كون هذه المؤسسة تستمد صلاحياتها واختصاصاتها السياسية بشكل صريح من الدستور وليس هناك من معايير أو صيغ اطلاقية تسمح بخروج هذه الاختصاصات عن الثوابت المؤسسة لهذا الشكل من المؤسسة ». وحول تفعيل هذا الفصل، قال الباحث في العلوم السياسية إن » تنزيل البناء المعياري الناظم لهذا الفصل عرف العديد من النقاشات التي تختلف رهاناتها ومضامينها باختلاف مواقع وحسابات واستراتيجيات الفاعلين، لذلك فعندما نسمع بمطالب خاصة بتطبيق الملكية البرلمانية، يجب طرح السؤال: هل يتعلق الامر بدعوة لتفعيل النص الدستوري مع استحضار الأطروحة التي تقول بان هذا النص غير مفعل، أم هي دعوة لأطروحة تجاوز النص الدستوري ». وأضاف « ليس هناك مؤشرات تدعم هذا الطرح أو ذاك ليبقى التفسير القريب يرتبط بحسابات اللحظة السياسية ورهانات هي موضوع صراع بين أكثر من طرف لان الحقل السياسي بمختلف أطرافه ومواقعه تعرف حركية تندرج ضمن ترتيبات الحقل لإعادة بناء نفسه وفي ظل هذه الحركية هناك صراع بين المواقع للتحكم في آليات الإدماج والإقصاء لذلك فالجميع يخاف من التموقع خارج دائرة الرهانات الجديدة للحقل ». وخلص لزعر إلى أنه « من هنا يمكن تفسير بعض المطالب القوية كتعبير عن الرغبة في التموقع من داخل هذه الرهانات عكس ما يمكن أن يفهم من كونها تعبر عن قطيعة او معارضة لمسارات هذه الرهانات ».