دأبا على عادة يومية، جدد الياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، تواصله مع متتبعيه في الفضاء الأزرق، لكن هذه بتدوينة تحتوي جرعة زائدة من الكشف والمصارحة. يقول العماري : « لم أكن أتوقع عندما ولجت عالم التواصل شخصيا مع من يتابعني عبر الفيسبوك، حجم ردود الأفعال حول ما أدوّن ». فالغرض، يوضح زعيم حزب « التراكتور »، لم يكن فقط التواصل قدر المستطاع مع من أتقاسم معهم نفس الاهتمام ونفس الهموم، وإنما التواصل ايضا مع من يملكون صورة مختلفة عن حقيقة شخصي المتواضع وعن مساري وسلوكاتي. ولم أكن أقصد أبدا ازعاج أحد. لطالما تمت مؤاخذتي بكوني أشتغل في الظل، ولطالما كنت أسمع مطالبات بخروجي للعلن. وعندما خرجت لتحمل مسؤوليات حزبية وتمثيلية، وهي مسؤوليات أعتبرها تكليفا وليست تشريفا، تمت مؤاخذتي أيضا بأنني لا أتواصل مباشرة مع الناس. فأثناء صمتي وحين كلامي أتعرض دائما لهجومات عنيفة، تجاوزت حدود الانتقاد والأخلاق لترميني بشتى ضروب السب والقذف في شخصي ومساري وحتى عائلتي… ولم تكن هذه الضربات اللاأخلاقية في معظمها من أناس عاديين، بل تورطت فيها حتى شخصيات عمومية مرموقة، على رأسها السيد رئيس الحكومة السابق، الذي نعتني سامحه الله بمختلف النعوت السيئة، سواء من داخل المؤسسة التشريعية أو من داخل الحكومة أو من داخل مؤسسته الحزبية. كما تعرضت من قبل فاعلين سياسيين ومن غيرهم، ومن رفاق الأمس ورفاق اليوم، إلى تهم واشاعات منها ما نشر ومنها ما ينشر اليوم ومنها ما ستقرؤونه في المستقبل. ورغم ذلك، واحتكاما إلى قناعتي ومعرفتي السقراطية (نسبة إلى سقراط) لنفسي بنفسي، عملت ما بوسعي كي لا أرد أو أبادل السب بالقذف، وكنت أقنع نفسي دائما بأن عدم انجراري وراء هذه الإشاعات المغلوطة والتهجمات الظالمة، هو أحسن وسيلة لتحويلها إلى مصدر للقوة والثقة بالنفس. قررت دون استئذان أحد الخروج إلى هذا الفضاء الأزرق، وكما قلت آنفا، دون نية الاساءة لأحد أو إزعاج أي أحد. رغم أنه هناك من يتصور نفسه بطلا أو مقصودا بتدويناتي، أو أن ما أكتب هو رسائل للضرب تحت الحزام. إنني، بكل بساطة و عفوية، أكتب كما يكتب الكثيرون، للتعبير عن مشاعري دون خلفية انتقامية ولا تشهيرية. أكتب لأن الكتابة كانت منذ طفولتي وشبابي بمثابة الرفيق المؤنس والأب العطوف والأم الحنونة والصديق الوفي. وأنا أمارس الكتابة اليوم أشعر بالنوستالجيا تأخذني إلى الماضي بآلامه وآماله، حيث كنت، وكما يمكن لرفاقي الأقدمون إثبات ذلك، حريصا في مرحلة من حياتي على تدوين ما يدور بداخلي أو حولي عند انتهاء كل نهار أو بدايته. وأنا اليوم أنتظر تفرغ ذلك الشخص العزيز الذي تكلمت عنه في إحدى التدوينات السابقة، كي أسرد عليه كل ما تنضح به ذاكرتي من قصص واقعية وأحداث مهمة. فليعذرني من يعتقد أنه مقصود بما أكتب، سواء من أصدقائي أو من خصومي، لأنني ما زلت أرى أنه ثمة من يتهمني بإزعاجه واستهدافه. وخلال هذا الأسبوع شعرت بانتشاء خاص عندما قرأت على نطاق واسع بأنني طردت من مربع الحظوة. فالحمد لله على انتشار هذا الخبر الذي يؤكد ما حرصت دائما على قوله، وهو أنني لم أكن يوما من حاشية البلاط ولا من المقربين من السلطان. فأرجوكم سادتي، أنشروا هذا الخبر على نطاق واسع، لأنه هو الحقيقة بعينها، وكل ما سواه ادعاء وافتراء. وما دمتم نصبتم محظوظين آخرين مكاني، فخذوا أكفكم معي إلى الله كي يعينهم ويديم عليهم هذه الحظوة التي يتمناها الجميع. وقبل ان أختم بكلمات رائعة للشاعر العظيم محمود درويش، أريد ان أقول بأنه ليست هناك قوة مهما كانت يمكنها أن تجردني من إنسانيتي، ومن دعم و مؤازرة كل من سمحت لي الإمكانيات بذلك، سواء من أصدقائي أو رفاقي أو خصومي أو حتى أعدائي…رحلتي من هوامش المغرب العميق إلى عاصمة المملكة كانت بفضل من ساعدني وأخذ بيدي عندما كنت في أمس الحاجة إلى ذلك. فسأظل وفيا لإنسانيتي، يختم العماري، وسأستمر في العمل وخدمة الغير، ولو كلفني ذلك التخلي عن كل شيء. يقول درويش: الحياة تعلمك الحب، التجارب تعلمك من تحب، والمواقف تعلمك من يحبك