في بعض اللحظات، يتسبب العمى والحقد والكراهية في كثير من العبث. هذا على الأقل ما حدث مع الكاتبة والروائية المغربية ليلى السليماني، الأيقونة التي برعت في مجال الإعلام والصحافة والكتابة والرواية. ليلى التي فتحت عينيها سنة 1981 من أم جزائرية فرنسية وأب مغربي، هي نفس الشابة التي تسلقت المجد في فضاء الكتابة بهدوء، وكانت البداية بالمعهد الثانوي الفرنسي بالرباط، قبل أن تسافر إلى باريس لاستكمال مشوار الدراسة في الدراسات السياسية، وتعرج بعدها على مجال الفن والتمثيل لفترة وجيزة، دون أن تنقطع عن الإعلام حيث تخرجت من المدرسة العليا للتجارة بباربس تخصص إعلام، ومنها اشتغلت في « جون أفريك » لمدة ست سنوات. ليلى، وبهذا المشوار في الدراسة، ستتوجه بإصدار أول رواية سنة 2014 عنوانها « حديقة الغول »، وعي مستوحاة من قضية دومينيك « ستروس كان » في 2011، والتي تتطرق إلى الإدمان الجنسي الأنثوي، والتي نالت عنها جائزة « فلور »، ثم جائزة « المامونية »، قبل أن تحصل على جائزة « غونكور » أرقى الجوائز الأدبية الفرنسية، عن رواية « أغنية هادئة » في السنة الماضية، وبذلك تعد ثالث عربية تتوج بهذه الجائزة بعد الطاهر بن جلون سنة 1987 وأمين معلوف سنة 1993. كل هذا المشوار وهذه الاستحقاقات، جعلت ليلى وجها معروفا في الساحة الأدبية، وقد مكنها هذا الإشعاع الأدبي والإعلامي من صداقات متزايدة، سواء في الواقع أو في العالم الافتراضي في وسائل التواصل العالمي، لكن ليلى ستكتشف مع توالي الأيام أن في العديد من الرسائل والنقاشات والردود … في وسائل التواصل الاجتماعي، فيها كثير من الحقد والكراهية والعبث! لم تكن تعتقد ليلى أن الوقت الذي ستقضيه أمام الحاسوب للتواصل، سيكون بدون إفادة، بل يصبح في كثير اللحظات حملا ثقيلا، خاصة حينما تضطر للرد والتوضيح على عشرات خطابات العنصرية والحقد بدون جدوى. مع توالي الأيام، واستمرار نفس الأسلوب، وبإمعان شديد من أصحاب نفس الخطاب العبثي، كتبت ليلى لمن يهمهم الأمر، أنها قررت أن لا ترد من الآن فصاعدا. يبدو أنها قررت التفرغ للأهم.