قالت المفكرة والكاتبة الجزائرية وسيلة تمزالي إننا:"لا نعيش ربيعاً عربياً وإنما بداية ذوبان عصر جليدي عاشته الشعوب العربية والمغاربية تمهد لتحولات مقبلة ستعرفها المنطقة". جاء ذلك خلال اللقاء المغربي الإسباني حول التماسك الاجتماعي والمساواة بين المرأة والرجل، الذي نظمته جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص بمدينة طنجة يومي 4 و 5 ماي الجاري.
وأكدت تمزالي أن ما يسمى ب"الحركة الإسلاميةّ" هي في حقيقة الأمر "حركة سياسية مؤسسة على إيديولوجية محافظة جداً ومعادية للنساء"، متسائلة عن سبب مواجهة النساء والنسائيات بكل هذه الشراسة في المجتمعات المسلمة، لتجيب على ذلك بالقول بأن:"الإشكال الحقيقي يكمن في موضوع الأخلاقيات الجنسية (La morale sexuelle) الذي لم يعرف تقدماً في اتجاه تحرير النساء، بل ظلت صورة المرأة عند التيار المحافظ مرهونة بالجنس، فالرجل المحافظ في واقع الأمر ليست لديه أي سلطة في "المدينة" لذلك يسمح لنفسه بممارسة كل السلط على المرأة".
وانتقدت المفكرة الجزائرية ما يعرف عند الغرب ب"الحركة النسائية الإسلامية" التي توصف بأنها "حركة ما بعد الحداثة"، مبررة وجهة نظرها بأن "أي حركة تأتي ما بعد الحداثة يجب بالضرورة أن تمر بمرحلة الحداثة وهو ما لا ينطبق على المجتمعات المسلمة".
وشددت وسيلة تمزالي على أن الإسلام في حاجة ملحة إلى ثورة إصلاحية حتى يلعب دوره التحديثي، مذكرة بالإصلاح الذي عرفته المسيحية بعدما عاشت المجتمعات الغربية في القرون الوسطى مختلف أنواع الحجر على الحريات، وبعدما كانت الكنيسة تتدخل في أدق تفاصيل حياة الناس، مؤكدة على الدور الذي يمكن أن يلعبه علماء ومفكري الإسلام المتنورين في عملية الإصلاح هذه.
ومن جهتها صرحت الباحثة النسائية حكيمة ناجي لموقع "فبراير.كوم" بأنه "عندما كانت الكنيسة تعيش انغلاقاً وتشدداً دينيا وتحكم قبضتها على المسيحي وما رافق ذلك من عقم حضاري وفكري، كان المسلمون يعيشون أوج عصرهم الذهبي جراء انفتاحهم على باقي الحضارات وجعلهم من الإسلام ديناً متسامحاً مع الفكر والإبداع، ما ساعد على ازدهار مختلف دروب العلوم وترجمة الفكر الفلسفي اليوناني، مشيرة في هذا الإطار إلى مساءلة المفكر والفيلسوف بن رشد في القرن الثاني عشر لتردي أوضاع المسلمين في عصره الذي ربطه بتردي أوضاع النساء.
وبخصوص التحديات المطروحة على الحركة النسائية المغربية، ترى ناجي أن إعادة طرح مسألة الهوية والمرجعية مسألة ذات أولوية الآن، لأن هذه الحركة لم تعد وحدها اليوم في الساحة بل ظهر فاعل جديد يتمثل في ما يطلق عليه اليوم "نسائية الإسلام السياسي" التي تقتصر في مطالبها على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكنها تعارض بشراسة الحقوق المدنية للنساء.
ويكمن التحدي الثاني برأيها في بروز توجه ينادي بالمساواة بين الجنسين دون ربطها بالديمقراطية وهو توجه تدعمه الدولة وبعض الأحزاب السياسية، فضلاً عن التحدي المتمثل في ربط المساواة بالحرية والديمقراطية غير القابل للتجزيء.
وقد ناقش المتدخلون طوال يومين من الندوات مجموعة من المحاور المتعلقة بالمساواة والتماسك الاجتماعي، عبر تحليل السياسات الاجتماعية والاقتصادية العمومية من زاوية العلاقات الاجتماعية بين النساء والرجال.