تحولت جلسة برلمانية عادية مساء أول أمس بمجلس النواب إلى هجوم لاذع ومفاجئ لمصطفى الخلفي وزير الاتصال على برلماني الاتحاد الاشتراكي حسن طارق، الذي قال إن الحكومة لم تتحمل المسؤولية في تدبير رؤية توقعية للمرحلة الانتقالية، مما يهدد اليوم صناعة الإنتاج في القطاع السمعي البصري وهو اقتصادي واعد بالإفلاس، «فهذا قطاع يأكل منه الخبز أكثر من 10 آلاف عائلة ويؤدي لخزينة الدولة أكثر من 20 مليون درهم». الخلفي حذر طارق من السقوط في دائرة عرابي الانقلاب على التنزيل السليم للدستور والمروجين لسنة بيضاء في التلفزيون العمومي والمناوئين لإصلاح هذا الأخير، فيما طالب طارق الوزير بالتحلي بالجرأة والقيام بتغيير مدراء القطب العمومي الذين يستمرون في مواقعهم رغم أن العشرات من الوزراء مروا تباعا على قناة دار البريهي. طارق صب مزيدا من الملح على جرح الخلفي بالقول «إذا كانت لديكم نية في الإصلاح الحقيقي ألم تكن تستحق جنازة عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان أكثر من ثلاثين ثانية في تلفزاتكم»، مضيفا «كفى السيد الوزير من حكاية دفاتر التحملات واعطونا قرارات جريئة في الإصلاح نساندكم فيها».
من جهته، واجه الخلفي طارق بالقول إن الفصل 36 من الدستور يعطي للحكومة مسؤولية وقاية قنوات القطب العمومي من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها والزجر عن هذه الانحرافات.
الخلفي وخلال رده على القائلين بدخول قنوات فيصل العرائشي وسليم الشيخ سنة بيضاء كشف أن شبكة البرامج الحالية تضم 130 برنامجا مستمرا في البث لأنها غير قديمة، موضحا أنه طلب رأي الأمانة العامة للحكومة في استمرار العمل بالبرامج الموجودة إلى غاية دخول دفاتر التحملات حيز التنفيذ. الخلفي كشف رقما مخيفا في ما يتعلق بحكامة شركات الانتاج موضحا 79 شركة من أصل 121 مسجلة في المركز السينمائي المغربي، يوجد منها فقط 17 في وضعية قانونية احترمت شروط الصناعة السينيماتوغرافية ، وأن 60 شركة ليست مسجلة في مركز نور الدين الصايل، وفي العموم يقول الخلفي توجد 250 شركة تشغل 5000 عاملا. الخلفي أوضح كذلك أن أكثر من ثلثي شركات الانتاج ليست لها الفرصة للدخول إلى السوق وليس لها الحق في تكافؤ الفرص، داعيا البرلمان أن يقف إلى جانبه في هذه المعركة.
في سياق متصل، وبالموازاة مع المعركة الحامية في البرلمان كانت معركة أخرى تجري في بناية دار البريهي كان الخلفي يراهن عليها للرد على المشككين في إصلاحه، قبل أن يتوصل بخبر فشل اجتماع المجلس الإداري للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة معلنا عن استمرار قنوات القطب العمومي في العطلة الاجبارية بسبب عدم توفر شروط تطبيق دفاتر التحملات.
مصادر من دار البريهي كشفت أن الاجتماع الذي تسبب في تأخير برمجة أسئلة الخلفي لآخر جلسة باءت بالفشل بعد طعن بعض أعضاء المجلس الإداري في وثيقة تحدد مسطرة المزاد العلني لصفقات إنتاج البرامج، حيث دفعوا بعدم دستوريتها لأنها قدمت باللغة الفرنسية في اجتماع رسمي، وهو الدفع الذي أيده ممثل وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية.
صيغة الوثيقة لم تكن السبب الوحيد الذي أوصل الاجتماع إلى الباب المسدود بل كذلك عدم الاتفاق على المرحلة الانتقالية التي ينبغي أن تشمل دخول دفاتر الخلفي إلى حيز التنفيذ، ففيما اقترحت وزارة الاتصال مهلة ثلاث أشهر كمرحلة انتقالية، قالت المصادر إن الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فيصل العرائشي، اقترح 9 أشهر قبل أن ترفع مطالب بعض أعضاء المجلس المهلة المطلوبة إلى سنة كاملة.
ما أفشل الاجتماع هو كذلك اقتراح تقدم به أعضاء المجلس بأن لا ينسحب مطلب المزاد العلني للبرامج على بعض البرامج الكبيرة والتي تعرف نسبة مشاهدة مرتفعة. أعضاء المجلس أخبروا كاتب عام وزارة الاتصال أن البرامج المشهورة في التجارب العالمية لا تخضع لمناقصة «كما لو أننا في الجماعات المحلية» بل إن القانون الذي يحكمها هو مدى قدرتها على كسب أعلى نسب للمشاهدة.