وليس من المصادفة أن يعتبر وزير الخارجية الدنماركي، السيد مارتان ليديغارد، أن المبادرة المشتركة مع المغرب لتعزيز التصديق العالمي على اتفاقية الأممالمتحدة، تعد اعترافا بجهود المملكة للقضاء على جميع أشكال التعذيب، حسب ما جاء في وكالة المغرب العربي للأنباء. وقال السيد ليديغارد، على هامش الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، إن « المغرب قام بعمل جيد للغاية » في مجال مناهضة التعذيب. وأضاف « إننا سعداء بقرار المغرب أن يكون جزءا من هذه المبادرة المشتركة »، موضحا « أننا في حاجة لبلد من كل جهة من جهات العالم من أجل تشجيع المصادقة العالمية على الاتفاقية الأممية المتعلقة بالتعذيب ». ومنذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، ما فتئت المملكة تترجم ثقافة حقوق الإنسان في ترسانتها التشريعية وممارساتها اليومية، حيث يعتبر، جلالته، أن كرامة المواطن المغربي هدف رئيسي للسياسات العمومية. ويعتبر توسيع صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وإحداث هيئة مركزية للوقاية من الرشوة، مرورا بالإصلاح الهام والتاريخي للقضاء العسكري، بالإضافة إلى الملاءمة بين النظام القضائي الوطني واتفاقيات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، التي صادق عليها المغرب، من جملة الإجراءات المؤسساتية للمغرب التي تم تعزيزها بشكل كبير في دستور يوليوز سنة 2011. وخلافا لمنتقديه، فإن المغرب أثبت أن عمله يحظى بالمشروعية من خلال هذا الالتزام الراسخ كأحد حاملي لواء هذا المشروع إلى جانب دولة كبيرة وذات ديمقراطية عريقة مثل الدنمارك . وتهدف هذه المبادرة، التي يتم القيام بها بشراكة أيضا مع الشيلي وغانا واندونيسيا، إلى تشجيع التعاون الإقليمي والمضي قدما نحو تنفيذ هذه الاتفاقية في أفق سنة 2024. وحسب أصحاب هذه المبادرة فإن العديد من البلدان في العالم لا تزال تعاني من هذه الظاهرة، وأن البعض حاول، خلال العقد الماضي، التقليل منها أو تبرير استخدامها. وقال رئيس لجنة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب السيد كلاوديو غروسمان « لقد آن الأوان لجعل اتفاقية مناهضة التعذيب واقعا ملموسا بعد 30 عاما من اعتمادها »، واصفا إرساء هذه الأداة الدولية بأنها « خطوة كبيرة نحو الأمام في حماية حقوق الإنسان ». وتهدف هذه الخطوة، التي أطلقت في مارس 2014، إلى تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول من أجل الوصول إلى التصديق العالمي على معاهدة مناهضة التعذيب وتنفيذها بشكل كامل. وتروم المبادرة أيضا تكثيف المساعدة التقنية للبلدان النامية مع التركيز على دور المؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية والخبراء الأكاديميين في تحقيق أهداف الاتفاقية. كما اقترح المغرب تنظيم دورات تكوينية إقليمية، معربا عن استعداده لاستضافة الدورة الأولى التي تخصص لإفريقيا. ويبرهن المغرب، من خلال هذه المبادرة، على أن مناهضة التعذيب تمثل خيارا ديمقراطيا واستراتيجيا لا محيد عنه، والتزاما قويا لحماية وتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.