كشفت دراسة حديثة أجراها علماء بريطانيون وسويديون عن ارتباط صحة الموظف بمناخ العمل، حيث يرى معظم الموظفين أن صحتهم تسوء في السنوات التي تسبق تقاعدهم وتتحسن فجأة عقب توقفهم عن العمل. وحثت الدراسة على تحسين ظروف عمل كبار السن إذا رغبت الحكومات والشركات بإقناعهم بمواصلة إسهامهم بالنمو الاقتصادي، في وقت يتزايد فيه عدد المسنين في العالم. وأجرى باحثون تحليلا شمل قرابة 15 ألف موظف في فرنسا ووجدوا أنهم يشعرون بأنهم ليسوا على ما يرام في السنوات التي تسبق تقاعدهم لكنهم يتحسنون فجأة بعد توقفهم عن العمل مما يوحي أنهم يرون أن العمل يضر صحتهم. ووجدت الدراسة التي أجرت مسحا سنويا على عاملين يقيمون صحتهم بصورة ذاتية، أنه بين العام الذي يسبق التقاعد والعام الذي يليه فإن نسبة العاملين الذين يقولون إنهم لا يشعرون بأنهم في صحة جيدة تراجعت من 19 إلى 14%، وهو انخفاض يرى الباحثون أنه يوازي صغرا في السن بين ثماني وعشر سنوات. وكتب الباحثون "فلنقل بطريقة أخرى إن الناس يصغرون فجأة بثمان أو عشر سنوات عند تقاعدهم"، وقد استمر شعور المتقاعدين بتحسن صحتهم خلال السنوات السبع التي تابعتهم فيها الدراسة. وقال هوغو وسترلوند من معهد أبحاث الإجهاد بجامعة ستوكهولم والذي أجرى الدراسة مع زملائه من جامعة يونيفرسيتي كوليج لندن، إن نتائج دراستهم "يجب أن تثير قلق صناع السياسة الذين يحاولون إقناع العاملين بالبقاء لفترة أطول في أعمالهم". وفي العالم المتقدم تزداد أعداد المسنين وتتخذ بالفعل العديد من الحكومات خطوات لرفع سن التقاعد، في محاولة لمواجهة انفجار محتمل في تكاليف الخدمات الصحية والاجتماعية. وأظهرت دراسة أجراها باحثون دانماركيون الشهر الماضي أن أكثر من نصف المواليد في الدول الغنية سيعيشون مائة عام، وهو ما يعني احتمال عملهم فترة أطول في كبرهم. واعتبر وسترلوند وزملاؤه في دراستهم أن أفضل خيار في مواجهة ذلك هو تحسين ظروف العمل لكبار السن بحيث تكون صحية أكثر وتنال رضا أكبر مما هو عليه الحال الآن. وبنيت الدراسة التي نشرت في دورية لانست الطبية اليوم الاثنين حول بيانات من عاملين في شركة للغاز والكهرباء تعمل في جميع أنحاء فرنسا وبالمقارنة مع العديد من الموظفين في جميع أنحاء العالم، تقاعد العاملين مبكرا عند 55 عاما وحصولهم على معاشات جيدة تقدر بحوالي 80% من رواتبهم السابقة. لكن الباحثين قالوا إن معظم الموظفين أظهروا "تحسنا جوهريا"، ورأوا أن النتائج يمكن تطبيقها على نسبة كبيرة من العاملين في الدول المتقدمة وبخاصة أولئك الذين تتوفر لهم تأمينات اجتماعية جيدة بعد تقاعدهم.