كانت الفكرة بسيطة غيرَ أنها ذات عمق ومغزى. مَفادُها أن الصحفي خلال تغطيته للأحداث المختلفة، وعلى رأسها الكوارث الطبيعية، لا يجد عادة من يسلط الضوء على معاناته وهو يضطلع بهذا الدور النبيل. من هنا، انبثقت في شهر شتنبر من العام 2023، مبادرة ثمانية صحفيين وصحفية واحدة ينتمون إلى روافد إعلامية متنوعة، بتوثيق جانب من معاناتهم خلال تغطية زلزال الحوز. مؤرخ اللحظة..
قصص الصحفيين التسعة ومعايناتهم، أودعوها بين دفتَي كتاب جماعي من الحجم المتوسط موسوم ب"على مقياس ريشتر: ما لم يُرْوَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز"، وهو عبارة عن سرد صحفي يصب في ما يمكن تسميته ب"الذاكرة التوثيقية في العمل الصحفي"، ويتمحور بالأساس حول الصحفي الإنسان، والمخاطر المحدقة به خلال ممارسته لواجبه المهني في الميدان.
تقديم الكتاب الواقع في 159 صفحة، والذي جاور في تحريره بين ثلاث لغات هي العربية (7 مقالات) والفرنسية (مقال واحد) والإنجليزية (مقال واحد)، تم مساء الخميس المنقضي في الرباط بحضور لفيف من الصحفيين والإعلاميين، بعد أزيد من سنة على فاجعة الحوز التي خلفت ما ينيف على 2900 قتيل و5500 جريح، مما جعل حكومة أخنوش تعلنه "واقعة كارثية".
إن إصدار كتاب شبيه بميلاد شخصية عظيمة، ذلك أنه يعقب مخاضا وصفه مصدر من هيئة تحرير المؤلف المقدم بالعسير، مفسرا ذلك بحيثيات عديدة لا مجال لذكرها في هذه السطور، التي تروم فقط تشجيع مثل هذه المبادرات أكثر من أي شيء آخر. المهم في هذا الحدث هو دلالاته الرمزية، فلا وقت الصحفي في بلادنا ولا طاقته ولا وضعيته المادية ولا المعنوية تسمح له مجتمعة، بأن ينتج لنا كتابا كل يوم أو شهر أو سنة أو حتى عقد..