نظم شكل احتجاجي، كان مقرراً حسب المعلن عنه على شكل "مَسيرة احتجاجية مركزية"، لم يُكتب لها الوصول إلى وجهتها المرتقبة أمام ساحة البرلمان بالرباط، زوال اليوم الأحد وسط العاصمة. واكتفى عشرات المحتجين المُتجمهرين من أعضاء وعضوات "الجبهة المغربية ضد قانونيْ الإضراب والتقاعد" (FMCLGR) بالتجمع ضمن وقفة احتجاجية في ساحة "باب الحد"، رفعت شعارات رافضة لما تصفها ب"مشاريع التصفية والإجهاز" على ما تبقى من حقوق ومكاسب الشغيلة المغربية، بخصوص ممارسة حق الإضراب، وملف التقاعد، معتبرة أنها "مكتسبات عمّالية لا تنازل عنها"، بتعبير لافتات مرفوعة. وحسب ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية فقد شهدت الوقفة "حضورا باهتاً" من أعضاء الجبهة الداعية للاحتجاج، المشكّلة من تسع هيئات وإطارات نقابية ومهنية متعددة القطاعات والفئات المهنية، مقابل حضور قوي لمختلف تشكيلات وأفراد القوات العمومية بين قوات مساعدة وعناصر أمنية وسلطات محلية، منعت المحتجين من التقدم صوب شارع محمد الخامس، كما كان مقرراً. وبمجرد محاولة التقدم صوب البرلمان عبر شارع الحسن الثاني تم تطويق الشكل الاحتجاجي من طرف تشكيلات الأمن والقوات المساعدة، لتتحول المسيرة إلى وقفة ألقى خلالها عضو "الجبهة" عبد الله اغميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم "FNE"، كلمة قال خلالها: "إن الترافع من الميدان ضد تمرير قانون الإضراب وتهديد مكاسب التقاعد مستمر، ونحن متشبثون به رغم هذا المنع والتطويق الذي تعرضت له المسيرة المُقررة". وأكد اغميمط، خلال الوقفة التي رفعت شعارات لقرابة ساعتين من الزمن، أن "منع المسيرة السلمية رغم الإخبار المسبَق بتنظيمها يجعلنا أمام تكريس إرادة هذه الحكومة تمرير قانون تكبيلي لحق دستوري هو الإضراب"، مشددا في تصريح لهسبريس على هامش الوقفة على أن ذلك "استمرار لنهج حكومي بَيّن من أجل الإسراع في تمرير القانون التنظيمي للإضراب في غفلة من المعنيين به ودون استشارة لهم". وتابع المتحدث ضمن تصريحه: "هو قانون تكبيلي تم فرضُه على مستوى حوار اجتماعي تميَّز بالسرية وبعيدا عن عموم الحركة النقابية والطبقة العاملة، قبل رفعه مباشرة للبرلمان من أجل تمريره تحت يافطة الأغلبية الصورية"، مسجلا أن "التعديلات الواردة عليه كانت شكلية، ولو انتقل عدد المواد من 19 إلى 35 فذلك يبقى على مستوى الجوهر بمواد كلها تكبيلية... إذ يحمل 11 مادة عقابية، ومجموعة من المواد التي تمنع الإضرابات التضامنية، وتُبيح الاقتطاعات من أجور المضربين ولا توفر أيّ حماية قانونية لهم...". واعتبر النقابي ذاته أن "آجال وشروط ممارسة حق الإضراب تبقى تعجيزية، وتُصعب المهمة على الطبقة العاملة، بما يؤثر على معنويات الأجراء ويُلحق بهم الإحباط، وهذا يجعل الطبقة العاملة في وضعية استعباد من طرف الرأسمال"، وفق توصيفه. من جهته أبرز الطاهر الدريدي، عضو الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (UMT)، عضو "الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد"، أن "تنظيم الجبهة مسيرة احتجاج يأتي لتجديد التعبير عن موقفها الرافض والمندد بمضامين مشروع القانون التنظيمي الذي تعمل الحكومة حاليا على تمريره في المساطر التشريعية، إذ يرتقب أن يعرض على المستشارين بعد مروره في الغرفة الأولى للبرلمان". وقال الدريدي، في تصريح لهسبريس، إن "الجبهة تستنكر هذا الشكل من تهريب وتمرير القانون المهم الذي كان من المفروض أنه مطروح للتفاوض والنقاش أولا على طاولة الحوار الاجتماعي مع الأطراف المعنية به، وهي النقابات أساسا"، منتقدا "الشكل الحالي لنقاشه وتمريره بطريقة تحاول من خلالها الحكومة أن تُفرغ حق الإضراب من فعاليته، بناء على عدد من المساطر التعجيزية للإعلان عن الإضراب وخوضه، وهو ما يجعلنا في المحصلة أمام قانون قد يُجرّم حقاً دستوريا". يشار إلى أن هذا الاحتجاج الميداني من "الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد" جاء بعد التعبير عن رأيها الرافض للصيغة الجديدة من مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، موردة ضمن ندوة صحافية منتصف دجنبر 2024 أنه "مازال يضم ترسانة من القيود ويُتيح تجريم هذا الحق بداعي استمرار الخدمات، مع كونه يفتح إمكانية تعويض الأجراء المضربين بآخرين". وكانت الهيئة ذاتها، التي تجمع نقابيين منضوين تحت لوائها، استعرضت ضمن مداخلات أعضائها خلال ندوة سابقة مجموعة من النقاط التي تراها بمثابة "نواقص الصيغة الحالية من مشروع القانون التنظيمي للإضراب"، المرتقب أن تمرّ للنقاش، قريبا، في مجلس المستشارين.