في أعقاب الأحداث الإرهابية التي هزت، ليلة الجمعة الماضية، العاصمة الفرنسية باريس، احتضنت عمالة الجديدة، صباح السبت الماضي، اجتماعا أمنيا موسعا تحت رئاسة معاذ الجامعي، عامل إقليمالجديدة، المسؤول الأمني الإقليمي الأول. هذا، وفي إطار التدابير الاحترازية التي تفرضها الظرفية الخاصة التي يمر منها العالم، اتخذ المسؤولون الأمنيون إجراءات طارئة، ضمنها خلق مركز قيادي إقليمي بعمالة الجديدة، في انعقاد دائم 7 أيام / 7 أيام، و24 ساعة / 24 ساعة؛ وتنظيم حملات تطهيرية وتحسيسية في مواجهة تجليات الجريمة والانحراف، ابتداء من ليلة الجمعة الماضية، تحت قيادة باشا المدينة، انخرطت فيها السلطات المحلية ممثلة في قياد المقاطعات الحضرية السبعة، وأعوان السلطة المحلية (الشيوخ والمقدمين)، وأفراد القوات المساعدة والوقاية المدنية، والدوائر الأمنية الخمسة. حملات تعتبر امتداد لنلك التي كانت انطلقت، منذ سنتين، في مختلف أرجاء المغرب، عقب ظهور حركة "التشرميل" الإجرامية، والتي منح على إثرها ولاة الجهات وعمال الأقاليم ومصالح "الديستي" صلاحيات أمنية موسعة.
كما شددت اللجنة الأمنية المنعقدة، في اجتماعها الموسع، تحت رئاسة عامل إقليمالجديدة، على تكثيف المراقبة الأمنية في السدود القضائية المقامة، عند مداخل المدينة. كما عادت، ابتداء من الأحد الماضي، بعد اختفاء جلها، نقاط المراقبة الأمنية الثابتة إلى عاصمة دكالة، سيما الأماكن الحساسة، وعلى مقربة من المصالح الأجنبية، مثل مدرسة "شاركو" الفرنسية، والمعهد الفرنسي، ومطعم "ماكدونالد" الأمريكي، وقبالة الوحدة الفندقية المصنفة "المرابطين"، وكذا، الحي البرتغالي (الملاح)، الذي يتردد عليه السياح من داخل وخارج أرض الوطن، والذي كانت منظمة "اليونسكو" صنفته، سنة 2004، تراثا حضاريا وإنسانيا.
وحسب المتتبعين للشأنين العام المحلي والأمني، فإن نقاط المراقبة الأمنية الثابتة كانت ذات نجاعة كبيرة في محاربة الجريمة، في عهد والي الأمن نورالدين السنوني، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة السابق، الذي يعتبر بحق "استراتيجا" أمنيا (stratège sécuritaire).
وهذا ما يستشف من الإحصائيات والمعطيات الرقمية، التي كان أمن الجديد يوافي بها دوريا، قبل ال26 أبريل 2014، المديرية العامة للأمن الوطني، وكذا، عامل إقليمالجديدة، معاذ الجامعي، المسؤول الأمني الإقليمي الأول "المخضرم"، باعتباره عاش، بصفته هذه، 3 تجارب أمنية مختلفة ومتباينة، وعايش 3 ولايات أمنية، وهي ولاية المراقب العام الحسن بومدين، الذي كان خلف ب"النيابة" رئيس الأمن الإقليمي الأسبق (والي الأمن مصطفى الرواني)، وولاية والي الأمن نور الدين السنوني، ثم ولاية عزيز بومهدي، الذي أصبح منذ ال26 من أبريل 2014، على رأس الأمن الإقليمي للجديدة.
ولعل نجاعة المسؤول الأمني السابق، ما دفع بعامل إقليمالجديدة، باعتباره المسؤول الأمني الإقليمي الأول، إلى إرجاع الاستراتيجية الأمنية التي كان العمل جاريا بها، والتي تقضي ب:
1/ العمل بنقاط المراقبة الأمنية الثابتة التي كانت أعطت من قبل، بشهادة إجماع المتتبعين للشأن الأمني وعامة المواطنين، أكلها في ردع الجريمة بشكل استباقي ووقائي في عاصمة دكالة، ومن ثمة استتباب الأمن والنظام في الشارع العام، وفي الساحات والأماكن العمومية. 2/ تشديد المراقبة الأمنية في السدود القضائية عند مداخل المدينة. إلا أن إقامة هذه السدود مازال يقتصر فقط على مدخلي المدينة من جهة الشمال، على الطريق المؤدية إلى الدارالبيضاء، ومن جهة الجنوب، على الطريق المؤدية إلى مراكش. فيما تظل باقي مداخل المدينة بدون مراقبة أمنية، في غياب السدود القضائية من على الطريق الساحلية الرابطة بين الجديدة ومنتجع سيدي بوزيد، والطريق الرابطة بين الجديدة والجرف الأصفر. علما أن هذه السدود القضائية الأربعة كانت مفعلة، في عهد والي الأمن نورالدين السنوني، رئيس الأمن الإقليمي السابق، قبل أن يعمد خلفه إلى الاستغناء عن اثنين منها، رغم أهميتهما الاستراتيجية.
هذا، وقد باتت الظرفية تحتم على عامل إقليمالجديدة، بصفته المسؤول الأمني الإقليمي الأول، مراجعة الاستراتيجية الأمنية بالجديدة، وتصحيحها وتدارك ثغراتها وهفواتها، وذلك ب: 1/ اعادة العمل في السدين القضائيين عند مدخلي عاصمة دكالة، على الطريق الساحلية الرابطة بين الجديدة ومنتجع سيدي بوزيد، والطريق الرابطة بين الجديدة والجرف الأصفر. 2/ تفعيل الدوريات الراجلة ب"الصدريات"، في أهم شوارع المدينة (شارع محمد السادس، وشارع محمد الخامس، وشارع "بوشريط" ...)، وحديقة محمد الخامس، ومركز المدينة. هذه الدوريات التي لم يعد لها أثر، منذ حوالي 20 شهرا، رغم نجاعتها في ردع الجريمة بشكل استباقي، وزرع الإحساس بالأمن ولطمأنينة في نفوس المواطنين، سيما الراجلين ومستعملي الطريق. 3/ حث عناصر شرطة المرور على ارتداء "الصدريات" العاكسة للضوء، خاصة الذين يسهرون ليلا على تنظيم حركات السير والجولان في نقاط ترابية، تكون شبه مظلمة، أو الإضاءة فيها باهتة. ما قد يعرض سلامتهم للخطر. وهنا نستحضر حالة شرطية المرور التي كانت تعمل بدون "صدرية"، في ساعة متأخرة من ليلة ال7 غشت 2015، عند مدخل مدينة الجديدة، من جهة الشمال. حيث دهستها سيارة خفيفة قادمة من الدارالبيضاء. وكادت هذه الحادثة أن تودي بحياة الشرطية، التي أصيبت بجروح بليغة. 4/ تعميم نقاط المراقبة الأمنية الثابتة، أو على الأقل الدوريات الراجلة ب"الصدريات" أو الراكبة (المتنقلة)، على بعض الوحدات الفندقية والمرافق، سيما في مركز المدينة، وعلى شاطئ المدينة (دوفيل بلاج). 5/ تعميم التغطية الأمنية على جميع القطاعات، وخاصة النقاط السوداء، والأحياء والتجمعات السكنية المترامية الأطرف، والدواوير (20 دوارا) المتاخمة للجديدة، والتي أصبحت خاضعة لنفوذها الترابي ومدارها الحضري.