أثار التقرير الذي أعلن عنه مرصد الدراسات والأبحاث الصحراوية خلال الندوة الصحفية التي نظمها نهاية شهر ماي الماضي ، عدة ردود ونقاشات حول المضامين التي جاء بها هذا التقرير، واعتبر الكثير من المتتبعين والفاعلين في الشأن الصحراوي بان مبادرة إصدار تقرير يقوم بتشخيص واقع ومشاكل الصحراء من منطلق أكاديمي يشرف عليه ثلة من أبناء المنطقة هي مبادرة نوعية و جيدة ،وتعد تحول جدري في التعاطي الأكاديمي مع الشأن الصحراوي، ويعد إصدار تقرير مفصل أكاديمي يتناول قضايا الصحراء هي المرة الأولى التي يبادر فيها أكاديميون وخبراء من أبناء الصحراء بالكشف فيه عن خبايا المشاكل التي تعاني منها جهات الصحراء . و ينتظر الشارع الصحراوي بترقب التقرير النهائي الذي سوف يتم الكشف عنه خلال الأيام القادمة، للحكم على ما سيقدمه من تحليل للواقع المعيش، وقدرته على تقديم تشخيص موضوعي بعيدا عن خطاب التعميم والتنظير الذي كان سائدا خلال السنوات الماضية. وحسب ملخص التقرير الذي تم عرضه في الندوة الصحفية الأخيرة للمرصد، ، والذي سهر على إعداده نخبة من الشباب المثقف والأكاديمي من أبناء الصحراء ، يتضمن شرح لواقع المنطقة في عدة مجالات أساسية، كما انه يخلص إلى عدد من التوصيات (34 توصية) تتناسب مع النموذج الديمقراطي الحداثي و التوجه الإصلاحي الكبير الذي تعرفه البلاد بعد الخطاب الملكي السامي المؤرخ 9 مارس 2011. ويعتبر ملخص التقرير بان المقاربات التي عرفتها جهة الصحراء والمتسمة بالبطء والتردد، لم تكن متناسبة في إيقاعاتها مع التحديات التي تجابه البلاد: مسألة الوحدة، التنمية، المعرفة، محاربة كافة أنواع الأمية والتهميش، بالإضافة إلى غياب القرارات الحاسمة التي من شأنها أن تجعل من هذه الجهة قنطرة تنموية وديمقراطية. واعتبر ملخص التقرير بان منطقة الصحراء تعرف عدة اختلالات في المجال السياسي تمثل أساسا في غياب التأطير السياسي من طرف الأحزاب وضعف المردودية و الفاعلية في مؤسسات الوساطة وبخاصة المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء. بالإضافة إلى الارتباك الواضح فيما يخص الديبلوماسية الرسمية منها والشعبية. أما فيما يخص المجال الاجتماعي والاقتصادي فقد أوضح الملخص بان المنطقة تعرف احتقانا اجتماعيا وترديا اقتصاديا ما يستدعي الإسراع في فتح نقاش وتحليل عميقين بين الدارسين والباحثين خاصة من أبناء المنطقة بغية خلق أرضية حقيقية للخروج بتصورات معقولة ومنسجمة مع واقع حال المنطقة. وذلك من خلال وضع قراءة نقدية تقييمية لكل المبادرات السابقة وخاصة دور وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أما فيما يخص المجال الإعلامي فان هذا القطاع حسب الملخص هو أيضا يعرف عدة اختلالات تقف حجر عثرة أمام تقدمه، وتمنعه من أداء دوره المهم في مسلسل تنمية المنطقة والدفاع عن القضية الوطنية. وتحت عنوان أفق الحل خلص ملخص التقرير إلى أن إرساء دعائم ثورة اقتصادية وثقافية كفيلة باستيعاب جميع الطاقات الصحراوية من الشباب والنخب وتلبية جميع متطلبات ساكنة هاته الأقاليم لن يتحقق إلا بإقرار و تفعيل مناخ سياسي وحقوقي ديمقراطي يشكل الأساس و المرتكز لتنفيذ أي مشروع محتمل للجهوية المتقدمة من شأنها تحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية تكون نموذجا إقليميا يحتدى به من قبل عدد من الدول. وليتحقق هذا المسعي على الدولة تبني إستراتيجية قابلة للتقييم تقوم على أساس تصحيح الواقع الحالي لضمان إطار حياة أفضل وبلورة نظرة شمولية تجمع بين الدولة وأبناء المنطقة بشكل حكيم وفق مقاربة تشاركية وديمقراطية، تبتعد عن كل أشكال المقاربات التقليدية الانتقائية والبراغماتية الأمنية التي ظلت الدولة تراهن عليها لزمن طويل من خلال سياسة الترقيع الاجتماعي (توزيع بطائق الإنعاش، السكن المدعم، الإعفاء الضريبي...).