محمد لكموش باحث في العلوم السياسية لقد شكلت الإشاعة سواء باعتبارها خبرا زائفا على مر العصور مصدرا من مصادر نقل المعلومة سواء كانت حقيقة أم خاطئة بنوايا مبيتة تستهدف الخصم للتأثير عليه و إضعافه من أجل النيل من سمعته في المجال العمومي؛ أما الفاعلين السياسيين فقد استعملوا الإشاعة السياسية باعتبارها إحدى الأساليب الأساسية للحرب النفسية والمستعملة من طرف رجال السياسة نظرا لما لها من قدرة على التحكم في السلوك الإنساني من جهة، ومن جهة ثانية قوتها في التأثير على الجزء المستهدف من الإنسان وهو العقل، وهي صيغة منظمة لنشر وترويج أخبار ومعلومات سواء كانت صحيحة أو كاذبة. هدفها الحصول على نتائج تتوافق والأهداف المرسومة لها، وتشارك في تحديد معالمها وسائل الإعلام المختلفة، هذه الأخيرة التي تساهم في تشكيل عقول الجماهير وتوجيهها وتحميل الأفراد على تحديد مواقفهم من أطراف القضايا السياسية أو الصراعات المختلفة. غير أن فيليب ألوران حدد انعكاس الإشاعة في نوعين أساسيين باعتبارها: 1- إستفزاز حركة اجتماعية معينة. 2- نشرالإشاعة من طرف وسائل الإعلام. كما أن المنظمات والأحزاب السياسية تعمل كذلك على نشر الإشاعة عبر وسائل الإعلام وهذا ما يجعل الإشكالية قائمة حول العلاقة بين الإعلام والسياسة والإشاعة. ويزداد الأمر تعقيدا في البلدان التي لم تترسخ فيها تقاليد إعلام مستقل ومؤسسات ديمقراطية . لذلك اعتبرت الإشاعة مجرد بديل يعوض غياب الحقيقة الرسمية، حيث تظهر عندما تغيب أو تتوقف المؤسسات الرسمية المسئولة عن تقديم الخبر والحقيقة عن مهامها كالمؤسسة التنفيذية.. وهناك من صنفها باعتبارها تدخل ضمن خانة المؤامرة نظرية المؤامرة من صنع أفراد أو مؤسسات تقوم بفبركتها ونشرها لأغراض تخصها، وأن معظم الإشاعات تزرع في المجتمع في أوقات معينه لدعم أو تدمير شخصية ما أو مؤسسة ما أو حزباً ما أو تستهدف بلداً بأكمله وبالتالي يتم تطويع القنوات الإعلامية لخدمة هذه الاغراض . وبالعودة إلى المجال العمومي المغربي لاحظنا كيف أن الرأي العام يتغدى على الإشاعة باعتبارها متنفس التي تمكنه من الترويح على نفسه أمام عدم احترام الضوابط المهنية للإعلام واحيانا أخرى أمام انحباس وصول المعلومة للرأي العام، الشيء الذي يفسح المجال للإشاعة بشتى أشكالها؛ ومن مثل الإشاعات التي تروج على الأحزاب السياسية لا بد من الوقوف على نصيب حزب الديمقراطيين الجدد من الإشاعة، باعتباره أول حزب سياسي يتأسس ما بعد دستور فاتح يوليوز 2011، وفي ظل شروط جديدة المنصوص عليها في القانون التنظيمي الصادر بهذا الشأن، والتي يمكن تناولها وفق مستويين أساسيين: المستوى الأول: الإشاعة التي استهدفت الحزب والمتمثلة في ما روج له البعض من كون وزارة الداخلية أعطت لحزب الديمقراطيين الجدد مبلغ 40 مليون سنتيم، والذي تبين بعد ذلك أن الخبر عار من الصحة، بدعوى أن القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية حسب المادة 32 تنص على انه: "تمنح الدولة للأحزاب السياسية المؤسسة بصفة قانونية دعما سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، وذلك وفقا لقواعد الآتية بعده: أ) تخصص حصة سنوية جزافية لجميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والتي غطت نسبة 10 في المائة على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس النواب، توزع بالتساوي فيما بينها؛ ب) تستفيد من مبلغ إضافي يعادل الحصة الجزافية السالفة الذكر الأحزاب السياسية التي حصلت على الأقل على نسبة 3 في المائة دون أن تصل إلى نسبة 5 في المائة من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية، برسم مجموع نفس الدوائر الانتخابية المشار إليها في البند أعلاه؛ ج) يخصص دعم سنوي للأحزاب السياسية التي حصلت على نسبة 5 في المائة على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات المشار إليها أعلاه، ويوزع هذا المبلغ على أساس عدد المقاعد والأصوات التي حصل عليها كل حزب سياسي خلال نفس الانتخابات. تطبيقا لمقتضيات هذه المادة، تحتسب الأصوات والمقاعد التي حصلت عليها لوائح الترشيح المقدمة من طرف اتحادات الأحزاب السياسية المشار إليها بعده لفائدة الحزب الذي ينتمي إليه متر شحوا للوائح المعنية. تستفيد جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والتي غطت نسبة 10 في المائة على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس النواب،مرة واحدة كل أربع سنوات،من مبلغ مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية والعادية. ويحدد مبلغ هذه المساهمة في نسبة 50 في المائة من مبلغ الدعم السنوي المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة، الراجع للحزب السياسي برسم السنة السابقة لعقد مؤتمره الوطني". وقد كان وراء مروجي هذه الإشاعة هو إشاعة البلبلة بين صفوف المنخرطين كون أن مؤسس الحزب تستر على الخبر؛ ثم بعد ذلك مباشرة وبعد فشل مسعى بعض الطامحين لمناصب المسؤولية في العضوية داخل المكتب الوطني وكذا المكتب السياسي، راجت شائعات تقديم مجموعة من المنخرطين لاستقالاتهم من الحزب بدعوى غياب الديمقراطية، بل كان رئيس الحزب محمد ضريف قد نبه إلى هذا الوضع أثناء تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي، من خلال وضع ثلاثة معايير للعضوية في المجلس الوطني والمتمثلة في شرط الكفاءة والتأسيس والتوزيع الجغرافي بين الجهات؛ وبعد فشل مسعى البعض في وقف زحف البناء التنظيمي للحزب على المستوى الوطني من خلال تأسيس التنسيقيات المحلية والوطنية، والذي من خلالها احتل حزب الديمقراطيين الجدد للمرتبة الخامسة، من بين الأحزاب التي لها حضور تنظيمي على المستوى الوطني وفق الترتيب الذي نشرته وزارة الداخلية، انتقلت الإشاعات مرة اخرى وهذه المرة أرادت أن تستهدف سمعة ومصداقية شخص رئيس الحزب. المستوى الثاني: الإشاعة ضد شخص رئيس الحزب للحقيقة وللتاريخ وفي أول كلمة لرئيس الحزب بمناسبة المؤتمر التأسيسي للحزب ببوزنيقة يومي 12 و 13 شتنبر 2014، دعا وسائل الإعلام أن تكون منصفة تجاه بعض الحقائق التي تروج دون التحقق من مصداقيتها كالرأي القائل بأن المغرب يعاني من كثرة الاحزاب السياسية، لكن لم نكن نتوقع أن يصل مستوى الإعلام وفي خرق سافر لأبجديات التحري والبحث عن حقيقة الخبر، النيل من سمعة محمد ضريف واستقامته الأخلاقية وبراءة ذمته المالية التي بناها طيلة أربعين سنة من الكفاح والنضال في سبيل تطوير البحث العلمي بكل تجرد وإخلاص مع ضميره وقناعاته الفكرية، أن يتهم من قبل بعض المنابر بشراء فيلا من أموال الحزب، وكذا فتح تحقيق بشأن شكاية وضعت بهذا الشأن؛ في الأخير لا بد من التأكيد أن حزب الديمقراطيين الجدد واع بهذه المعركة القذرة ومن وراءها، التي وضفت فيها بعض المنابر الصحفية للتأثير على سمعة ومصداقية الحزب ومناضليه، دون احترام لأبسط شروط المهنية وتحري مصداقية الخبر، وهو ما يؤثر على مسيرة الديمقراطية في علاقتها بالأحزاب السياسية، في ظل دستور جديد ما زال لم يجد نخبا مؤهلة في مستوى المبادئ والاهداف الجد متقدمة التي جاء بها، هذا دون إغفال حرية الرأي والخبر التي يجب أن تنضبط لحد أدنى من الأخلاق شأنها شأن الممارسة السياسية النبيلة. محمد لكموش باحث في العلوم السياسية