لعبت الإشاعة دورا هاما في تحديد العلاقة بين النظام السياسي والقائمين على الأمور والمجتمع عبر التاريخ وقد اتضح جليا أن بعض الأوساط اعتمدت الإشاعة في عهد الملك الحسن الثاني كسبيل من سبل الانتقاد والمعارضة، وكوسيلة من وسائل المجابهة من وراء الستار وجسرا/ من الجسور الخفية لتمرير جملة من المواقف الجذرية. كسائر الملوك والشخصيات العمومية الوازنة، تغمر حياة الملك محمد السادس الخاصة ومحيطه إشاعات كثيرة ومتنوعة لها دلالاتها وسياقاتها، حسب المواقف والمناسبات، وذلك على اعتبار أن ثقافة الإشاعة لازالت متجذرة في مجتمعنا، وتتخذ أشكالا متباينة باختلاف الفئات والأوساط والمجالات. فالإشاعة السياسية تجد دلالاتها بين النخب السياسية ودواليب الدولة ودوائر صناعة القرار، في حين تهم الإشاعة الاجتماعية أوسع الفئات بالمغرب، ويبقى باب الإشاعة مفتوحا على مصراعيه في ظل غياب الشفافية. وفعلا فقد عانت بلادنا كثيرا من غياب الشفافية ولازالت تعاني، ومع استمرار هذا الوضع ستظل الإشاعات تتناسل وستبقى ثقافة الإشاعة حاضرة عندنا بقوة. ولا غرابة في أن تروج إشاعات محاكة بخصوص الملك محمد السادس، فهل تسيء إليه أم تخدمه؟ لتمكين القارئ من الإجابة على هذا السؤال، كل من موقعه وفرضيات تصوره، تقترح جريدة “المشعل” في ملف هذا العدد ثلة من الإشاعات الرائجة بين المغاربة حول ملكهم محمد السادس.
الأميرة سلمى تحث الملك على الاهتمام بقضايا المرأة من الإشاعات الرائجة أن الملك محمد السادس جعل قضية المرأة من أولى اهتماماته بفضل إلحاح الأميرة سلمى. وتقول الإشاعة إن الأميرة ظلت تسأله صباحا ومساءا على امتداد فترة من الزمن عن مآل قضية المرأة المغربية ومطالبها، لاسيما بخصوص إشكالية الحسم في قضية قصورها المكرس بفعل بعض النصوص القانونية الجاري بها العمل، كامرأة. وتضيف الإشاعة إن الأميرة سلمى، ظلت تزن على أذن الملك صباحا ومساءا قائلة: “إلى متى سأظل قاصرة في نظر القانون؟ هل تريد أن ترتبط بمن يعتبرها القانون قاصرة كيفما كان سنها وموقعها الاجتماعي؟ وهل يحق لزوجة الملك أن تكون قاصرة في نظر القانون؟ لذلك، يقال، إن الملك حسم في الأمر يوم 10 أكتوبر 2003، وهو اليوم الذي اعتبر يوم المرأة المغربية، وذلك عندما صرح جلالته في خطابه، بمناسبة افتتاح البرلمان، بتعديل المدونة والإقرار بمدونة جديدة للأسرة. إصرار الأميرة سلمى أخرج المرأة من قصورها في نظر القانون، هكذا تقول الإشاعة التي يمكن عنونتها.. وراء كل قضية عظيمة امرأة، كما وراء كل رجل عظيم امرأة.. ومنذ 10 أكتوبر 2003 أصبح يقال كذلك.. وراء كل عظيمة رجل…
قضى الليلة فوق الشجرة لمقابلة الملك إشاعة ذاعت على ألسنة عدد كبير من المواطنين، مفادها أن بستانيا كان يعمل بإحدى الحدائق القريبة من المكان الذي دأب الملك محمد السادس على ممارسة الجري به في الصباح. رغب البستاني مقابلة الملك مباشرة من أجل طلبه شيئا ملحا، ولم يكن أمامه من اختيار سوى المبيت ليلة كاملة وهو يتسلق شجرة يمر تحتها الملك كلما قام بحصته الرياضية. وبعد انتظار طويل ظهر له الملك يجري، وعلى بعد مسافة منه كان يتبعه حراسه الخاصون، وبمجرد اقتراب الملك من تحت الشجرة، نط البستاني أمام الملك من حيث لا يدري، وعندما هم بتقبيل يديه انقض عليه الحراس وأخذوه؛ هكذا تحكى هذه الإشاعة.
هكذا علمته مربيته البرتغالية منذ أن بدأ الملك محمد السادس يتخلص من بعض رموز العهد الحسني، التي حملها المغاربة جزءا كبيرا من المسؤولية، بخصوص مختلف ألوان الويلات التي عاشها المغرب على امتداد أربعة عقود، تناسلت إشاعة، مفادها أن الملك محمد السادس تعلم كيف “ينظف البيت”، بفضل مربيته البرتغالية التي رافقته فترة من حياته، وعلمته كيف يتعامل مع أفراد الوسط الذي يعيش فيه، وكيف يتخلص من الأشخاص غير المرغوب فيهم، بعد انكشاف أمرهم أو عندما يصبحون عرقلة بينة للسير إلى الأمام بالسرعة المطلوبة.
بعد أن صرح الملك محمد السادس في حديثه لإحدى الجرائد الغربية، بخصوص الفرق بينه وبين والده، حيث قال: “هو هو وأنا أنا، ولكل منا أسلوبه”، تناسلت إشاعة مرتبطة بتفضيل جلالته الاستقرار بإقامة خاصة عوض المكوث بالقصر الملكي بالمشور، كما كان الأمر عليه في عهد والده الراحل. ومفاد هذه الإشاعة أن الملك محمد السادس، الذي قبل بصدر رحب أن ينعت ب “سيمو وميم 6″. يريد أن يكون “ملك موضيرن” في نهج حكمه وعلاقاته، لذلك بدل “عتبة الدار” لبداية حياة جديدة، كما يخطر على بال أي شاب مغربي يَهُمُّ بمغادرة البيت الذي ازداد وعاش فيه، لأن له من الذكريات ما يرغب في نسيانه.
الملك اشتراكي رغم امتلاك الأسرة الملكية لغالبية الأسهم في مجموعة أومنيوم شمال إفريقيا (أونا)، فإن الشارع المغربي يتحدث بكثرة عن تعاطف الملك محمد السادس مع الفكر الاشتراكي. بل إن هناك إشاعات واسعة تتحدث عن أن الملك معجب ببعض الأفكار الاشتراكية، لاسيما تلك المرتبطة بتوزيع الثروات والقضاء على التهميش والإقصاء. وبعيدا عن الإشاعة، فإن الملك محمد السادس يسبغ على بعض المكاتب والهيئات الاشتراكية، والتي على رأسها رجال من التيار الاشتراكي نوعا من العطف، ومنها المؤسسة التي يرأسها أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط، كما وضع على رأس مؤسسة القرض العقاري والسياحي الاشتراكي خالد عليوة.
المغرب حامل في شهره الثامن شرع الكثيرون في محاولة رصد حصيلة العهد الجديد وتقييم ما أنجزه الملك محمد السادس . لكن فريق الملك، رفقاء مشواره الدراسي وثلة من المعهد المولوي، الذين شاركوه جزءا كبيرا من حياته الدراسية لهم نظرة مخالفة بخصوص هذا التقييم والنظر في الحصيلة. ظل هؤلاء يقولون إن ساعة التقييم والتثمين مازالت لم تحن بعد، ومع تكرار دفاعهم عن هذا الطرح تناسلت إشاعة بين المثقفين والمحللين السياسيين والاقتصاديين، مفادها أنه لا يمكن الشروع في جرد الحصيلة وتحصيل التقييم إلا مع حلول 2010. إذ أن الحالة هاته شبيهة بحالة وضع المرأة في الشهر الثامن من حملها في انتظار الشهر الأخير الذي يسبق وضع الجنين، وهي مرحلة حاسمة وجوهرية. ومهما يقال بخصوص اعتماد التحديث على حساب الإسلام، كما يدعي الإسلاميون وبعض رموز العهد الحسني الخائفين على مواقعهم وامتيازاتهم، الذين يخشون المساءلة والمحاسبة، يدعون أن الملك محمد السادس زعزع النظام القائم بنهج تدبيره الجديد. في حين يرى آخرون أنه لم يتمكن بعد من إقرار ديمقراطية حقيقية، لكن الذي لا شك فيه، هو أن كل هؤلاء يقرون أن الملك فعل الكثير في وقت وجيز، إذ أنه شكل نموذجا غير مسبوق على الصعيد العربي. يقول البعض إنه لا يتوفر على الكاريزمية التي كان يمتاز بها والده، لكنه أكد أنه يقود الأمور بواقعية، ويجازف أحيانا كما يفعل أي مدبر لمؤسسة، تسعى لتحقيق نجاحات أكيدة ذات تأثير مباشر وذات نتائج إيجابية سريعة، على أرض الواقع. فالنجاح سيكون نجاح فريق يقوده الملك، وقد حدد هذا الفريق موعد 2010، وعند حلوله يمكن جرد الحصيلة، وقبل هذا فما علينا إلا الانتظار. فالمغرب حامل، إذن، في شهره الثامن، فلننتظر وضع المولود، آنذاك يمكن التقييم، وكما يقول المثل “حتى يزيد عاد نسميوه سعيد أو اليزيد”. الفلوس والحبس إشاعة تناسلت، بعد أن انتظر المغاربة قطف بعض ثمار العهد الجديد، عندما اعتلى الملك محمد السادس عرش البلاد في الشهور الأخيرة من الألفية الثانية، تملك المغاربة شعور بقرب التحول بعد عهد طويل، حكم فيه الملك الراحل الحسن الثاني البلاد بيد من حديد على امتداد 38 سنة. فحين تولى الملك الشاب، محمد السادس زمام السلطة، قال الناس “الملك تايبغي الخير لبلادو، وراه غير يبغي غادي تزيان الحالة، لأنه ما تايتململ حد إلا بالإرادة ديال الملك.. راه خص غير الملك يقول للوزارا والموظفين الكبار جمعوا ريوسكوم، المغرب ولي بخير.. لأن كل واحد منهم بخبيزتو، واراها بدات تخمر، ولي خمر تايسيفطو للفران، وراه كل واحد تايتسانا نوبتو”، وعلى هذه النظرة راجت إشاعة مفادها: “لي مادارش الفلوس في عهد الحسن الثاني ما عمرو يدير الفلوس، ولي ما دخلش الحبس في عهد محمد السادس ما عمرو ما يدخل الحبس
بوسان اليدين وتجباد الوذنين جادت قريحة البعض بإشاعة تناقلها الكثيرون، ارتبطت بتقبيل يد الملك، ومضمونها كالتالي: “كيقول الحسن الثاني بوسان اليدين كيعفي من تجباد الوذنين، واليوم، في عهد الملك محمد السادس بوسان اليدين لا بد تابعو تجباد الوذنين”.
هل يشاورون الملك في زيادة منتوجات بعض الشركات بمناسبة الزيادات الأخيرة التي مست المواد الغذائية الأساسية، تناسلت إشاعة في مختلف الأوساط بخصوص إخفاء قرار الزيادة في بعض المواد عن الملك، ولو كان على علم بها من قبل، فلا شك أنه سيرفضها، لكن الأمور لم تأخذ هذا المنحى. والأمر يتعلق بمنتوجات شركة مركزية الحليب (سانترال ليتيير) ولوسيور وكوزيمار، وهي الوحدات التي تنتج مواد أساسية وحيوية في المنظومة الاستهلاكية للأغلبية الساحقة من المواطنين، لاسيما الفقراء وذوي الدخل المحدود منهم، الذين لا يمكنهم أن يعيشوا بدون حليب وزيت وسكر. علما أن الشركات التي توفر هذه المواد، هي احتكارات تابعة لشركة “أونا” المرتبطة بالعائلة الملكية. وتقول الإشاعة، لو كان القائمون على هذه الشركات استشاروا الملك قبل تطبيق الزيادة، لكان قد أعفاهم من بعض الرسوم والضرائب حتى لا تكون مضطرة للزيادة في ثمن تلك المواد الأساسية بالنسبة للسواد الأعظم من المغاربة الذين يعيشون ب”أتاي” والخبز.
بلمهل تايتكال بودنجال
قصة ذاعت في باريس وبروكسيل بين المغاربة المقيمين هناك، وأصدقائهم البلجكيين والفرنسيين، نقلها إلينا أحد المغاربة الحاملين لجنسية بلد غربي، ويعد أحد المقربين من القصر الملكي. في إحدى لقاءاته حول مائدة عشاء، طلب أحد الضيوف الحاضرين وجبة تحضر بالبادنجان، وكانت لذيذة جدا لدرجة أن طالبها التهمها في وقت وجيز. انكب على صحنه، ولم يشارك باقي الضيوف الحديث الدائر المصاحب للعشاء المبرمج، ليس للاستمتاع بالوجبة فقط، وإنما للتحدث في تفاصيل مشروع هام. ولتنبيه صاحبنا وحثه على المساهمة مع الحاضرين في نقاشهم، قال له أحدهم مازحا: “عندنا هناك مثل يقول “بلمهل تايتكال بودنجال”، فأصر عدد من الحاضرين على فهم المعنى والمغزى. ومادام حديث اللقاء يمت بصلة لقضية الصحراء، لم يخرج المشيع عن الإطار، وحاول تفسير فحواه بارتباط مع موضوع النقاش، فقال: “في إحدى اللقاءات أنب الملك محمد السادس بعض عناصر الحكومة والديبلوماسيين عن إهمالهم بخصوص تفعيل الديبلوماسية المغربية بالقارة السمراء، وقال لهم: “إن خطأكم الكبير بهذا الخصوص هو أنكم تجهلون كيفية الاستفادة من المثل المغربي (بلمهل تايتكال بودنجال) وتركتم حقائب “البترودولارات” الجزائرية تهزمكم ديبلوماسيا بإفريقيا فيما يخص قضية الصحراء. فكان عليكم أن لا تحاولوا جذب الشخصيات وإنما الاقتراب من قلوب الأفارقة..” ويضيف المتحدث، وهذا مرتبط بإشاعة ذاعت بين النخبة الأوروبية، مفادها أن الملك محمد السادس اعتمد فلسفة صورة “ملك الفقراء” خارج الحدود المغربية، في قلب إفريقيا. وهذا ما دفع أصحاب رؤوس الأموال المغاربة إلى الاهتمام بالقارة السمراء وتوظيف أموالهم بها. وبذلك بدأت تظهر النتائج الأولية وبسرعة، على الأقل، على سبيل الاعتراف بالجميل عوض شراء الذمم كما تفعل جارتنا. وهذه صورة من صور “بلمهل تايتكال بودنجال”.
الملك وقصور المملكة كان الملك الراحل الحسن الثاني يتخذ قرارات مصيرية وحاسمة عبر خطب تلقى من قصور الرباط، لكن الملك محمد السادس وحسب رأي الشارع وما يروج عنه، يتخذ قرارات حاسمة من قصور الدارالبيضاءوطنجةوأكادير، فكل القرارات الحاسمة للملك اتخذت من قصور المدن السالفة الذكر، ويقول الناس إن الملك يمكن أن يتخذ قرارا بعزل الولاة والعمال في أكادير، ويمكن أن يعلن عن تشكيلة الحكومة من طنجة.
محمد السادس، الملك الإفريقي أكثر إفريقية من والده محمد السادس “الملك الإفريقي”، تسمية راجت بين الأفارقة في بداية هذه السنة (2006)”خلال أقل من 5 سنوات، قام الملك محمد السادس ب 16 زيارة رسمية لعشرة بلدان إفريقية تقع جنوب الصحراء. وشاع الحديث بإفريقيا حول هذه التسمية على حد قول أحد المعلقين: إذا كان التاريخ القديم يفيدنا بوجود “ليون الإفريقي”، فالتاريخ المعاصر له ليونه الإفريقي كذلك، ومرد الاهتمام بهذه التسمية التي شاعت في بداية هذه السنة (2006)، على الصعيد الإفريقي، كون الملك محمد السادس فاق والده، بخصوص عدد زياراته للبلدان الإفريقية، لقد فاقه 4 مرات خلال 5 سنوات فقط، علما أن الملك الراحل الحسن الثاني، على امتداد حياته كملك، لم يقم إلا بأربع زيارات رسمية لبلدان إفريقية. في حين أن الملك محمد السادس في جعبته الآن 16 زيارة ، فالغابون مثلا استضاف الملك أربع مرات والسينغال ثلاث مرات. ويبدو أن الملك محمد السادس خلافا لوالده، الملك الراحل الحسن الثاني، يرى تطوير المغرب عبر الاهتمام بمشكلة الصحراء وارتباطاتها الإفريقية، وإذا كان والده قد روج لمقولة أن المغرب يعتبر بمثابة شجرة تتنسم من رياح أوروبا (الغرب) وجذورها في أعماق إفريقيا، فإن الملك محمد السادس يعمل على أن تكون جذور المغرب، أقوى ارتباطا بالبلدان الإفريقية، خصوصا تلك الواقعة جنوب الصحراء الملك ومنطقة المعاريف ولاكورنيش يشاع بين المواطنين وخاصة ساكنة الدارالبيضاء، أن الملك محمد السادس، معجب بلاكورنيش وشارعي الزرقطوني والمسيرة الخضراء، حيث أنه – حسب عدة شهادات – لا يترك فرصة تمر خلال كل زيارة للعاصمة الاقتصادية للمملكة، دون المرور بالمناطق المذكورة. وغالبية هذه المناطق المذكورة تتوفر على إقامات راقية ومتاجر آخر صيحات الموضة، كما يعتبر الانتماء لهذه المناطق مفخرة يتباهى بها المسؤولون السابقون والحاليون، حيث تم إنشاء أحياء راقية، أنست سكان الدارالبيضاء الأحياء التي تركها المستعمر الفرنسي وسط الدارالبيضاء. الملك ورسائل الشعب في أول تصريح للملك محمد السادس بعد توليه الحكم، قال لصحفي أمريكي يعمل في مجلة “التايم” إنه حين يترجل نحو أبناء شعبه، يريد أن يصافحهم واحدا واحدا ولا يعجبه أن يحييهم من بعيد، وهذا ما دفع الناس في الشارع إلى الترويج لإشاعة تتمحور حول أن الملك، منذ أن كان وليا للعهد، لا يتضايق أبدا من تسلم رسائل من أبناء شعبه، عكس الكثيرين من أفراد الحرس، الذين يتضايقون من الشباب والشابات، الذين يتحينون كل فرصة مواتية لتسليم الملك رسائل تخص معاناتهم ومأساتهم مع الإدارة ومع القائمين على الأمور. صلاة الملك وبجوار الملك من الإشاعات المرتبطة بصلاة الملك محمد السادس، هو أن جلالته، لا يحب أن تقتصر فريضة الصلاة على مسجد بعينه، بل يمكن أن تكون صلاته في أي مسجد، ومن خلال زيارته لأي منطقة، وإن صادفت يوم الجمعة، فلا يجد جلالته حرجا في أداء الفريضة في مسجد كبير أو صغير. حتى أن بعض الناس في مساجد تقع في مدن صغيرة كورزازات، يفاجأون في آخر ساعة بقدوم الملك إلى المسجد، وفي غياب أي إجراءات أمنية صارمة. دعارة الأطفال والسياحة عندما انكشفت قضايا دعارة الأطفال والسياحة بمراكش وأكادير، غضب الملك محمد السادس، وأصدر أوامره للتصدي لهذه الظاهرة بحزم وبطريقة حضارية، احتراما للهوية الدينية والتقاليد المغربية. وفي هذا الصدد تناسلت إشاعة في بعض الأوساط تفيد بأن الملك، في إحدى لقاءاته ببعض المقربين، من رجال الفقه والقانون، قال: “ما يغضبني حقا هو أن قانونا يعاقب الأجانب، مقترفي هذه الجرائم النكراء، بعقوبة أقل بكثير من تلك العقوبات المطبقة في بلدهم الأصلي”. غياب الشفافية يغذي الإشاعة إذا كانت الإشاعات المرتبطة بالملك محمد السادس تلعب دورا، قد يكون إيجابيا تارة وسلبيا تارة أخرى، فإنها لم تنطلق من فراغ أو من مجرد الخيال، بقدر ما تعتبر، عموما، محاولة لتجاوز الدوائر المغلقة في ظل استمرار سيادة غياب الشفافية. باعتبار أن الإشاعة تتناسل بسهولة كبيرة، في هذا الاتجاه أو ذاك، خصوصا في المجتمعات التي تنعدم فيها الشفافية و”تفبرك” فيها المعلومات الجوهرية وتكون فيها الأخبار الحيوية “مخدومة”. وبخصوص إيجابية أو سلبية الإشاعات المرتبطة بالملك محمد السادس، فالأمر أولا يعود لطبيعتها، إذ منها ما قد يكون مسيئا ومنها ما يمكن أن يخدم مصلحة القرار. وهناك نوع ثالث من الإشاعة الذي لا يضر ولا ينفع البتة، لكنها مع ذلك تلعب دور ترسيخ حضور شخص الملك محمد السادس، في الوعي واللا وعي معا، لدى المغاربة. وهناك عينة من الإشاعات مرتبطة بالحياة الخاصة للملك، ويعزى تداولها بالأساس إلى غياب تام للشفافية على الخصوص. إن أغلب علماء الاجتماع وعلماء النفس أجمعوا على أن الإشاعة، قول أو كلام أو رأي يقدم شفاهيا في الغالب، ومكتوبا أحيانا، لكي يصدق دون أن يرفق بأي دليل أو برهان. فالإشاعة أمر يذاع بين الناس ولا يكون له أصل في أغلب الأحيان، وقد يهدف لإثارة البلبلة والفتن والقلاقل، أو تمرير انتقادات، أو تحقيق غايات أو التأثير على المعنويات، أو الضغط على صناع القرار وتوجيههم وجهة معينة. قد يكون المنطلق هو تتبع الأخبار ونقلها، بعد تحميلها بما هو مدهش ومثير لشد الانتباه ولفت الأنظار. والكثير من الإشاعات المرتبطة بالملك محمد السادس، كانت انطلاقتها على سبيل الثرثرة والمزاح، لاسيما وأن مجتمعنا قابل للإشاعة ومرحب بها، اعتبارا لانعدام الإقرار بالشفافية في جل المجالات والقطاعات المرتبطة بالحياة العامة. ومن خلال بعض الإشاعات المعروضة في ملف هذا العدد، يبدو بجلاء أن للإشاعة خصائص تسهم في ظهورها وانتشارها، وأهمها وجود أزمات أو كوارث أو تجاوزات، حيث تظهر وتتكاثر الإشاعات والشائعات في أجواء الاستياء والسخط والقلاقل أكثر من أوقات السلم الاجتماعي والرضا على الأمر الواقع والاستئناس بواقع الحال. لكن لكي تظهر الإشاعة، يجب أن يكون هناك اهتمام من قبل الناس، أي أن تحمل شيئا من الأهمية البادية للعيان. وهناك، على الأقل، شرطان لانتشار الإشاعة، وهما الأهمية والغموض. وكلما تحقق هذان الشرطان ذاعت الإشاعة وانتشرت وتناسلت، وعلى المسامع ترددت. تشمل الإشاعة جميع المجالات والميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولاسيما الثقافية، بما أنها أصلا “ثقافة” لمن لا ثقافة له. وقد صنفها المهتمون بوصفها ظاهرة اجتماعية تتفرع عنها “أجناس” صغيرة، منها إشاعة الخوف أو الإشاعة الوهمية، وإشاعة الأمل أو الإشاعة الحالمة، وإشاعة الحقد. أما إشاعة الخوف، فتهدف إلى إثارة الخوف والقلق في نفوس الناس، وتزدهر عموما في الظروف غير الاعتيادية، الطارئة منها خصوصا، وهي الإشاعات الأكثر تصديقا نسبيا، ويشترك في اختلاقها وإضافة أحداث وتفاصيل عليها أو تحور بطرائق عديدة. وغالبا ما تكون من إنتاج ما يسمى “بالطابور الخامس” في المجتمع؛ في حين تسعى إشاعة الأمل إلى تعميم الراحة النفسية وإدخال الطمأنينة على القلوب. وأما إشاعة الحقد، فإنها ترمي إلى خلق الارتباك والاضطراب في الرأي العام، وغالبا ما يقصد من ورائها تفرقة الصفوف وفك التماسك وتشتيت الجماعة وإضعاف روابط القرب والتفاهم أو تسميم جو الانسجام وإحلال القطيعة مكان التواصل والحوار. وهناك إشاعة يصنفها البعض ب “الإشاعة الحقيقة”، وهي التي تحكي أحداث وقعت فعلا، لكن بتحويلها لهذا الاتجاه أو ذاك أو حشوها بإضافة مختلفة أو مقتبسة لإبراز فكرة أو التنبيه لانتقاد بشكل غير مباشر، وبقساوة أحيانا. ويذهب بعض مروجي مثل هذه الإشاعة إلى حد الإقرار بأنها حقيقية، وأن هناك شاهدي عيان عاينوها عن قرب. وطبعا يظل للإشاعة أثرها في الوسط المتداولة فيه. وقد يصب هذا الأثر في مصلحة مصدر الإشاعة إيجابيا، كما يمكن لأثرها أن يكون سلبيا، وأحيانا مؤذيا، حتى ولو كانت على شكل نكتة أو مزحة. وقد تكون بعض الإشاعات خطيرة وعميقة التأثير، علما أنها ما فتئت تعتبر وسيلة من وسائل الحرب النفسية، بل قد تصير من أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمع والأشخاص، فكم من إشاعة دمرت أناسا وشخصيات وأصابت الاقتصاد بالوهن واغتالت خططا ومشاريع في المهد وأثرت على مناخ الاستثمار وسببت خسارات قاسية لقطاعات. ويكاد أصحاب هذا الرأي يجرمون مروجي الإشاعات، لاسيما تلك التي تمس أحيانا شخص الملك، لأن من شأن هذا الفعل تدمير الإرادات وتحطيم المعنويات، لذلك وجب التصدي لهم وللإشاعات التي يروجونها. وعلى وجه العموم، هناك سبيل واحد، لا ثاني له للتصدي للإشاعة، وهو سبيل اعتماد الشفافية والإقرار بها في مختلف مجالات الحياة العامة؛ عن طريق الشفافية وبفضلها، يمكن تعزيز ثقة الناس بالقائمين على الأمور وبالدولة وأجهزتها، ولا شفافية بدون نقل الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، من دون تحريف أو تنميق. ومن وجوه الشفافية كذلك توضيح وشرح الإشاعات المغرضة التي يطلقها مروجوها، وتعويد الناس على قبول الحقيقة مهما كانت مرة في أي موضوع أو حدث أو إجراء يهم المغرب والمغاربة. فكما قال أحمد فؤاد نجم: “مر الكلام زي الحسام، يقطع مكان ما يمر، أما المديح سهل مريح، لكن بيضر”. ومهما يكن من أمر، فإن الإشاعات بخصوص الملك محمد السادس، مقولة قد تكون إيجابية أو سلبية. وأغلبها يقوم على أنصاف الحقيقة (جزء منها قد يصغر أو يكبر حسب الظرف والمكان والزمان والمجال)، للإجابة على بعض استفسارات الناس وفضولهم أو عن رغباتهم التي يأملون أن تتحقق على أرض الواقع أو انتظارات يتشوقون تجسيدها. وفي كل الأحوال، تعد الشفافية والموضوعية والصدقية، مساهمات في الحد من انتشار الإشاعات وتناسلها في مجتمع مازالت ثقافة الإشاعة تخترقه. الإشاعات في نظر المؤرخ مصطفى بوعزيز في لقاء سابق أجرته معه جريدة “المشعل”، أكد المؤرخ مصطفى بوعزيز، أن الإشاعة تعد سلاحا على اعتبار أنها تشكل جزءا من العلاقات الاجتماعية، وبالتالي فهي شكل من أشكال علاقات السلطة. وفضلا عن كونها سلاحا في إطار الصراع من أجل السلطة، فهي كذلك أداة للتواصل. بهذا المعنى يرى بوعزيز في الإشاعة عنصرا من عناصر تدعيم النفوذ أو السلطة أو وسيلة لتحطيم أو تشويه صورة من الصور. وهنا تكمن، في نظره، خطورتها. والإشاعة كالنبتة، تحتاج لتربة ومناخ ملائمين لتطويرها.وبخصوص الإشاعة المرتبطة بالملك، فقد تكون لصالحه وقد تكون على العكس من ذلك، وليس من الضروري أن تنطلق الإشاعة من الملك لخدمة الملك، فقد تنطلق بعيدا عنه وخارج دائرته وتحاول الإساءة إليه. والملك محمد السادس، ككل حكام العالم هو عرضة للإشاعة، وقد تكون الإشاعات المحاكة بخصوصه إيجابية كما يمكنها أن تكون سلبية أحمد الدغرني الأمين العام للحزب الأمازيغي الديمقراطي ككل الملوك والشخصيات الوازنة في العالم، لم يسلم الملك محمد السادس من الإشاعات، فهل هناك إشاعات أمازيغية بهذا الخصوص؟ طبعا، هناك إشاعات أمازيغية كثيرة ولكن، أنا أرفع نفسي بأن أساهم فيها وأتعالى على الخوض في مجالها. وعلى كل حال فهي موجودة. وأفعل ذلك لأنني مقتنع أن أي ذكر للإشاعة أو المساهمة فيها أو الاهتمام بها وبشؤونها يمكن أن يزيد من انتشارها، وأنا لا أرضى ذلك لنفسي.فنحن، نريد كأمازيغيين أن لا نتعامل مع الملك محمد السادس بالإشاعات، ولكن نريد أن نتعامل معه بالحقائق، ولاشيء آخر إلا الحقائق. وما يمكنني أن أدلي به في هذا المضمار، هو أن الإشاعة، في حد ذاتها إذا ذكرت، فإنها ستجد انتشارا واسعا، وكلما زيد في ذكرها وتناولها تنتشر أكثر فأكثر، وكلما توسع انتشارها تفرخت عنها إشاعات أخرى. أنتم كفاعل بارز في الأمازيغية بالمغرب، ما هو موقفكم من الإشاعات بخصوص الملك محمد السادس، سواءا كانت إيجابية أو سلبية؟ في المغرب كل الشخصيات السياسية والشخصيات العمومية معرضة للإشاعات، أراد من أراد وكره من كره. وذلك أساسا بسبب انعدام الشفافية. لأنه في دول أخرى، هناك فعلا إشاعات تروج وسط المجتمع بخصوص شخصيات وازنة، كشأن جميع المسؤولين والقائمين على الأمور في أي بقعة من العالم، إلا أن غياب الشفافية وعدم تزويد الرأي العام بحقائق عن أخبار الملك، باستثناء الأخبار الرسمية، كالتدشينات والاستقبالات والزيارات والمراسيم البروتوكولية وغير ذلك، مما لا يشفي غليل عامة الناس بخصوص الملك، يساهم في خلق الإشاعات وتناسلها. علما أن الأمور الخاصة والمحجوبة عن الرأي العام، هي التي تكون موضوع الإشاعات وتشكل التربة الخصبة لترعرعها. ومع الأسف الشديد أن الوضع السياسي السائد حاليا يمنع بعض الشيء الشفافية ولازال يعرقلها، لذلك تنتشر الإشاعة وكلما انتشرت – كما سبق أن قلت – تتفرخ عنها إشاعات أخرى. هل يمكن للإشاعة أن تلعب دورا سياسيا بالنسبة لمجتمع كمجتمعنا؟ طبعا، الإشاعات هي في الغالب إشاعات سياسية، حتى ولو ظهرت كأنها فعل خصوصي فردي محدود، لكنها تستهدف المواضيع والمواقف والاختيارات السياسية. الإشاعة عندنا هي بالأساس إشاعة سياسية؛ إن أغلب الإشاعات المتداولة بين المغاربة هي إما ذات طابع سياسي أو مرتبط بمجال الهيبة والسطوة وما شابه ذلك. وعموما تظهر انطلاقا من أحداث سياسية أو لصنع الخوارق، والإشاعات بخصوص الملك محمد السادس ليست أمرا جديدا، فقد تناسل بعضها في عهد والده عندما كان وليا للعهد.وعموما فالإشاعة دائما مرتبطة بالسياسة، بشكل أو بآخر. والذين يخلقون الإشاعات في المجتمع يفعلون ذلك لأسباب نفسية، إما للتنفيس عن بعض المآسي والإحباطات التي يشعر بها الشخص، أو للضغط في حالة ما إذا أرادت جهات أن تؤثر على بعض القرارات السياسية، بخصوص مثلا التعيينات في المناصب أو قصد تحطيم بعض الشخصيات ورغبة في النيل من سمعتها أو كفاءتها ونزاهتها ووفائها وإخلاصها للوطن، أو من أجل تحسين صورة جهة أو طرف معين وتشويه صورة جهة أو طرف آخر، أو لتقريب البعض وإبعاد البعض الآخر عن دائرة من الدوائر أو إقصائهم من فضاء من الفضاءات. ولذلك أقول إنه نادرا ما تكون الإشاعة عندنا غير مرتبطة بالسياسة أو السلطة أو تدبير الشأن العام - على ذكر الزيارات، هناك إشاعة مرتبطة بكثرة زيارات الملك محمد السادس وتنقلاته، تقول على غرار ما يذكره المؤرخون بخصوص السلطان الحسن الأول، إنه حكم المغرب على صهوة جواده (كما أن الملوك العلويين حكموا البلاد على صهوة جيادهم)، يقال حاليا ما معناه إن الملك محمد السادس يحكم المغرب على “صهوة” سيارته، ما رأيكم في الإشاعة المرتبطة بهذا الموضوع؟ هي على كل حال إشاعة، ولكن لا نعرف كيف يحكم الملك بالضبط. فالتنقلات لا تعتبر بالضرورة نوعا من الحكم، إنها في الغالب للاستطلاع أو للاتصال وخلق تواصل أو للتعرف على الأماكن أو لمعاينة حدث أو ظاهرة. وكما قلت وأكرر، التنقلات ليست هي الحكم، باعتبار أن الحكم لا يتخذ في التنقل. إنه يتطلب الانكباب على الملفات وتحليل الوضعيات. إذن الحكم لا يتم بالتنقلات كما سبق أن أشرت. قلتم وأكدتم أن هناك إشاعات أمازيغية بخصوص الملك محمد السادس، هل هي في عمومها إيجابية أم سلبية؟
في الغالب هي إيجابية مرتبطة بتركيبة العائلة العلوية الحاكمة وبالتيمات الاجتماعية. وأغلب ما يروج من إشاعات أمازيغية هي بخصوص التركيبة والسمات، الاجتماعية، وهو شيء إيجابي كذلك بالنسبة للأمازيغيين. كما أن هناك إشاعات أمازيغية مرتبطة بالنخب المحيطة بالملك، حيث يستشف منها في بعض الأحيان، أن هناك سلبيات ناتجة عن إشاعات تتحدث عن مواقف القصر من القضايا الأمازيغية. مصطفى عنترة، صحافي وباحث في العلوم السياسية تنسج مجموعة من الإشاعات حول الملك محمد السادس، في رأيك هل من علاقة بين ما ينسج والحقيقة؟ تعتبر الإشاعة بمثابة ظاهرة إعلامية للتأثير في توجيه القرار أو بناء صورة على غير حقيقتها. وقد اعتمدتها كثير الأنظمة الشمولية والديمقراطية على حد سواء. و بالنسبة لوضع المغرب، فقد تقوت هذه الظاهرة خاصة عبر وسائل الإعلام. وقد لعبت الأجهزة دورا كبيرا في انتشارها، ولجأت الأحزاب السياسية واللولبيات إلى الإشاعة المضادة وأحيانا اتخذتها لتكريس صورة مشوهة عن الخصوم عبر ترويج الإشاعة بهدف النيل من أشخاص لا ترتاح إليهم بعض الجهات ذات النفوذ في الأحزاب السياسية المغربية. ومن الطبيعي أن تنسج الإشاعة حول هرم السلطة والدائرة الضيقة المحيطة بها. فمرة تبقى في حدود الإشاعة، ومرة أخرى تؤكد الوقائع والأحداث صحتها. فالإشاعة تعكس، في بعض الأحيان، طبيعة الأفكار السائدة داخل الرأي العام. لقد ظهرت الإشاعة حول شخص الملك محمد السادس من خلال ترويج أنباء كاذبة عن زواجه ليلة وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني بدافع انه لا يمكن أن يتولى الملك إلا شخص متزوج، و قد جازف الاتحادي خالد عليوة بمنصبه في حكومة عبد الرحمان اليوسفي من أجل نفي هذه الأنباء وتأكيده بان الملك لم يكن قد تزوج بعد، واعتبر أن زواج الملك لن يكون من أسرار الدولة. وأسابيع بعد ذلك راجت إشاعة حول وفاة أحد حراس الملك تم تبين أن ذلك مجرد كلام يروجه الشارع. وراجت إشاعات حول محيط الملك تتعلق بقرب عزل المستشار محمد المعتصم وتعيين بدلا عنه على رأس الأمانة العامة للحكومة، لكن الذي حصل هو أن مستشاري الحسن الثاني القدامى هم الذين تم إعفاؤهم من مهامهم. كما راجت إشاعات عن قرب عزل زليخة النصري لكن لا شئ حصل. وفي المربع الحكومي راجت إشاعات قبل أكثر من سنتين عن قرب عزل إدريس جطو و تعيين حسن أبو أيوب بدله، ثم عن قرب عزله ثانية وتعيين مصطفى الساهل بدله، لكن الحاصل هو أن أبو أيوب عزل من سفارته بباريس و عين بعد سنة سفيرا متجولا والساهل عزل من وزارته وعين مندوبا دائما للمملكة بالأمم المتحدة. كما سبق أن راجت إشاعات حول قرب عزل محمد بنعيسى في بداية عهد محمد السادس وهاهو يوشك أن يكمل سنته الثامنة على رأس الدبلوماسية المغربية. راجت أيضا، إشاعات حول إقالة الجنرال حسني بنسليمان وتعيين مكانه زميله الجنرال حميدو العنيكري على رأس الدرك الملكي، في حين أن الأول لا زال في منصبه، والثاني عين على رأس المفتشية العامة للقوات المساعدة، كما راجت إشاعات حول وفاة إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، في إحدى المصحات الباريسية بفرنسا، تناقلها المغاربة بسرعة الضوء عن طريق “راديو المدينة”، وتحركت الهواتف اتجاه المقربين منه لمعرفة صحة الخبر، بعدها تأكد أن “ابن الشاوية” لازال حي يرزق ويتحرك كعادته في عاصمة الأنوار. كان من الطبيعي أن تنسج الإشاعة حول الملك محمد السادس لاعتبارات متعددة في مقدمتها أن الرأي العام لا يعرف جيدا الجالس الجديد على كرسي العرش نظرا لكونه ظل بعيدا عن الواجهة السياسية..، إذ لم يشركه والده في الحياة السياسية إلا في السنوات الأخيرة من عمر الراحل الحسن الثاني حيث أسندت إليه بعض المهام ذات الطبيعة الاجتماعية والخيرية لدرجة أن الصحافة الوطنية لقبته حينها ب “أمير الفقراء”. كما أن طبيعة شخصيته المنغلقة، ظاهريا، كانت تثير حولها العديد من التساؤلات التي تفتح الباب على مصراعيه للإشاعة.
ما هي طبيعة العلاقة الرابطة بين آليات نسج الإشاعة بخصوص الملك والبنية الاجتماعية و الفكرية للمجتمع؟
تختلف الإشاعة في البلدان الديمقراطية المتقدمة على تلك التي تسود في البلدان المتخلفة. وهذا الاختلاف مرده إلى طبيعة البنيات السوسيو ثقافية والسياسية القائمة في البلدان المذكورة. ولنوضح أكثر أن البلدان المتقدمة توجد بها مؤسسات لتتبع وتحليل مضمون الإشاعة ومواجهتها بأشكال عقلانية، إذ لا تترد الدولة في الرد على إشاعة معينة من شأنها أن تأثر على القرار السياسي. فكم من إشاعة تحولت إلى حقيقة، وكم من إشاعة ظلت مجرد إشاعة وسرعان ما يتم تناسيها بعد تدخل الدوائر المسؤولة من أجل توضيح ما يجب توضيحه. نحن لم نصل بعد إلى المستوى الذي وصلت إليه الإشاعة في بريطانيا، ف”الصحافة الشعبية” هناك نجحت في تناول مواضيع خاصة بالعائلة الملكية، منها ما يحمل قدرا من الصحة ومنها ما يظل يدور في دائرة الإشاعة، مع العلم أن الصحف هناك تلتزم الحذر في تناول مثل هذه المواضيع لتفادي المتابعات القضائية.. أما عندنا في المغرب، فالإشاعة رغم تزايدها فإنها تظل محتشمة ولم تجرؤ على الخوض في أمور العائلة الملكية بالشكل الذي عرفت فيه في بعض البلدان كبريطانيا.
ما هي الفئة العمرية و الشرائح الاجتماعية الأكثر ترويجا للإشاعة حول الملك محمد السادس؟ و هل هي ناتجة عن إعجاب أو عكس ذلك؟
ربما قد تكون طبيعة شخصية محمد السادس هي التي سهلت عملية تناسل الإشاعة. فالمغاربة كما أشرنا لا يعرفون الشيء الكثير عن الجالس الجديد على كرسي العرش لاعتبارات تعود إلى نوعية المسار التربوي والثقافي الذي أختاره له والده الحسن الثاني، إذ لا يتواصل مع الرأي العام إلا في المناسبات التي يلقي فيها خطبه، كما أنه في مدة تقترب من سبع سنوات أدلى خلالها باستجوابات صحفية محدودة، كلها للصحافة الأجنبية( تايمز، الشرق الأوسط، “باري ماتش”، لوفيغارو..). وخلافا لذلك، كان المغاربة يعرفون جيدا شخصية الراحل الحسن الثاني، يعرفون طريقة ابتسامته وأسلوب غضبه وكيفية شربه للسجائر وغير ذلك من الأمور التي تعرفوا عليها في استجواباته الصحفية المصورة مع إعلاميين مشهورين كالفرنسية ألان سانكلير، وكذا ندواته الصحفية في الداخل والخارج وخطبه الموجهة إلى الأمة. ومن هنا يمكن أن تكون الإشاعة التي تروج على الملك محمد السادس مصدرها عدم معرفة طبائع هذا الرجل؛ كما قد يكون باعثها في بعض الأحيان الإعجاب به خاصة بعد جملة من القرارات الهامة التي أتخذها في بداية حكمه والتي بعثت نوعا من الأمل في نفوس السواد الأعظم من المجتمع، نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر تفضيله الإقامة في بيته الخاص وليس في القصر الملكي، تخفيفه من ثقل البروتوكول الذي كان يستفز نفسية المغاربة وهم يتابعون الأنشطة والتحركات الملكية على الشاشة الصغيرة، احترامه لإشارات المرور عند سياقته لسيارته الخاصة ..إلخ.
تروج إشاعات حول الملك محمد السادس، منها ما هي من نتاج محيطه و منها ما ينسجه بعض الخصوم، فما الغرض والهدف من نسج هذه الإشاعات؟
تكتسي الدائرة المحيطة بالملك أهمية كبرى في ترويج الإشاعة نظرا لقربها من الحياة الخاصة للملك، لكن نعتقد أن ما يروج عادة حول الملك من إشاعات يتناول جوانب تهم بعض سلوكياته كنوعية الجرائد الأجنبية التي يقرأها أو بعض الهوايات التي يعشق ممارستها أو طبيعة اللون الموسيقي الذي يفضله وغير ذلك. أما الإشاعة التي يكون مصدرها الخصوم وخاصة في الخارج، فإن أهدافها تكون سياسية بالدرجة الأولى. وقد تتبعنا إشاعات صدرت حول الملك محمد السادس من طرف بعض وسائل الإعلام الجزائرية، وأخرى صدرت عن بعض الأقلام الصحفية الفرنسية والإسبانية.. وهي بذلك تدخل في إطار الإستراتيجية المرسومة من طرف هذه الجهات ضد المغرب ومصالحه الحيوية.
هل يمكن للإشاعة أن تلعب دورا سياسيا؟ و إن كان الأمر كذلك فما هو تأثير الإشاعات بخصوص الملك؟
نعتقد أن الإشاعة تكون خطيرة عندما تمس المؤسسة الملكية نظرا للمكانة الثقافية والرمزية التي تكتسيها هذه الأخيرة داخل المجتمع المغربي، وأيضا لموقع الملك كفاعل سياسي مركزي داخل النسق السياسي ببلادنا. وكان إحداث منصب الناطق الرسمي باسم القصر الملكي قد خلف استحسانا من قبل المراقبين والمتتبعين للشأن العام، إذ رأوا فيه إشارة قوية على وجود رغبة في الانفتاح وممارسة الشفافية، كما خلف تجاوبا أكثر عندما تم تعيين حسن أوريد على رأسه لاعتبارات مرتبطة بشخصية هذا الرجل ومكانته الثقافية والفكرية.. وقد ساهم “ابن الراشيدية” في إعطاء دينامية لهذه المهمة نظرا لخبرته في مجال الإعلام والتواصل وقوة إدارته للعلاقات العامة..، حيث تم إزالة الغموض واللبس حول عدة قضايا حساسة، لكن سرعان ما فوجئ الرأي العام باختفاء منصب الناطق الرسمي باسم القصر الملكي لأسباب غير معلومة وتعيين أوريد على رأس ولاية مكناس تافيلالت. لقد كنا ننتظر أن تتم مأسسة هذا المنصب كما هو الحال عليه في البلدان الديمقراطية المتقدمة، لكن اختفاءه جاء في وقت نشطت فيه الإشاعة حول الملك وأفراد داخل العائلة الملكية.
هل يمكن توظيف الإشاعة لخدمة أغراض معينة أو تحقيق أهداف مرجوة؟ هل من تأثير للإشاعات في صناعة القرار السياسي بالمغرب؟
إن الإشاعة مجرد وسيلة حرب نفسية تستعمل ضد الخصم لتدميره وهذا يعكس طبيعة العمل الحكومي والسياسي والإعلامي الذي لا يتوفر على أدوات أكثر مصداقية في التأثير على الرأي العام… إن الإشاعة هي الكذب الإعلامي الموظف في خدمة الحاكم والسياسي العاجز عن إدارة الصراع بحنكة تنظيمية فيلجأ إلى طبخ الخبر والمعلومة الزائفة ولذلك لا عجب في أن نرى بعض الصحف الحزبية أو القريبة من الحكام والقادة السياسيين هي الأكثر توظيفا للإشاعة. وتلعب الصحافة دورا هاما في تغذية الإشاعة، لدرجة احترف معها بعض أشباه الصحافيين مهمة الترويج للإشاعة ضد أشخاص ومؤسسات. ومن هذا المنطلق، نعتقد أن المعنيين بهذا القطاع وجب عليهم الانكباب على تخليق الحياة الصحفية ضد هؤلاء الذين يعرفهم الخاص والعام. إن للإشاعة عدة أدوار ووظائف، ويمكنها أن تستخدم لتحقيق أغراض سياسية. ونعتقد أن وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية تعرف جيدا هذه الأمور. فكم من إشاعة حول الزيادة في أثمان المواد الأساسية.. استخدمت لجس نبض الشارع المغربي، ذلك أن الإدارة ترصد وتتبع تطور هذه الإشاعة، ففي حالة التجاوب معها إيجابيا تتدخل لترجمة مضمونها على أرض الواقع، وفي حالة عدم التجاوب معها، تتدخل الإدارة هذه المرة لنفيها، والأمثلة في هذا الباب عديدة. إن مخاطر الإشاعة لا يمكن محاصرتها إلا من خلال ممارسة الشفافية والوضوح، ولعل أسباب إلغاء العمل بالمجموعات الحضرية للأمن المعروفة ب”كرواتيا” خلف وراءه إشاعات عديدة خاصة وأن بيان الإدارة العامة للأمن الوطني لم يقدم التبريرات المقنعة لهذا الإلغاء. فقد سمعنا أن الملك محمد السادس شاهد رجال من “كرواتيا” يلعبون كرة القدم في عين الذياب، وبالتالي هو من أمر بإلغائها.. كما سمعنا في ذات السياق أن الملك شاهد عناصر تمر بشكل ملفت النظر وبدون احترام للجميع..، أيضا قرأنا أن هذا الإلغاء يدخل في استراتيجية الجهات التي دفعت بالشرقي أضريس وتحاول محو أثار الجنرال حميدو لعنيكري..إلخ. لكن هذه الإشاعة، التي تناقلتها منابر إعلامية، لم تحرك ساكنا لدى إدارة الأمن في اتجاه تنوير الرأي العام ووفق تناسل الإشاعة!!؟ أسبوعية المشعل المغربية في رأيكم ما هي دوافع نسج الإشاعات؟ وما هي النوازع النفسية لترويجها؟ هناك دوافع نفسية وأخرى اجتماعية، فالإشاعة دائما تبدأ من شخص واحد ثم تنتقل إلى مجموعة من الناس أو إلى المجتمع، فالفرد حين يطلق إشاعة يكون ذلك دائما لغرض ما، فالإشاعة ليست مجانية، فقد تكون بغرض الانتقام من شخص أو تحقيق ربح وما إلى ذلك، وهنا لابد من القول إن المؤسسات بدورها قد تطلق بعض الإشاعات. الإشاعة قديمة قدم انتظام الإنسان في مجتمعات، فمثلا في ظروف الحرب كانت الإشاعة تلعب دورا هاما، سواء لإضعاف معنويات العدو، أو توهيمه بأن الخطر أو الهجوم سيكون من ناحية، في حين يأتي الهجوم من ناحية أخرى؛ فدائما يكون من رواء الإشاعة ربح مادي أو معنوي، كذلك بالنسبة للمؤسسات، هذه الأخيرة يمكن أن تطلق إشاعة كبالون اختبار سواء من أجل تلميع صورتها لرفع أسهمها في البورصة، أو لاختبار رد الفعل اتجاه منتوج تنوي عرضه في السوق، أو تشويه منتوج منافس، إلى غير ذلك. الإشاعات في المجال السياسي كثيرة أيضا، وقد تصاغ بطرق محكمة، خصوصا إذا كانت الحكومة أو النظام من وراء إطلاق هذه الإشاعة، فإذا أخذنا مثالا عن الزيادة في أسعار المواد الأساسية، يمكن أن يشاع خبر الزيادة من قبل لمعرفة رد فعل الشعب. ومن الناحية النفسية، فيما يخص الأشخاص، تكون الإشاعة من أجل تلميع صورة الشخص مصدر الإشاعة، وهنا أفضل أن أعطي مثالا عن بعض الأشخاص في أمريكا يؤكدون رؤيتهم لأجسام فضائية غريبة، خبر من هذا النوع يثير فضول بعض الجرائد، فيكفي أن يرى الشخص صاحب هذا الخبر نفسه على صفحات بعض الجرائد أو من خلال قنوات تلفزية، ليحتل لبضعة أيام مكانا ما في اهتمام محيطه، وهكذا يكون قد حقق ربحا معنويا معينا في تقديركم ما هي أهمية الإشاعات التي تصاغ حول الملك؟ سأنطلق من بعض الأمثلة للجواب عن هذا السؤال، ففي الوقت الذي شاع بين الناس أن صورة محمد الخامس تجلت على القمر، يمكن أن أقول لك إن هذا توهيم استعملته الحركة الوطنية لأجل تزكية الوعي الوطني، ومن أجل أن يلتحم الشعب المغربي حول رمز محمد الخامس، الشيء الذي يمكن المقاومة من ركيزة شعبية، والشيء الذي يعني أنه بالرغم من نفي محمد الخامس هو في قلوبنا وأننا نراه في القمر، وبالتالي هذه الإشاعة ساعدت المقاومة لأجل الاستقلال، كما أحاطت محمد الخامس بهالة من القداسة عاش بها لحدود وفاته. بالنسبة لمحمد السادس والإشاعة التي تحدثت على عزمه على بيع جميع القصور وتحويل قيمتها إلى خزينة الدولة، أو تحويل هذه القصور إلى متاحف وطنية، فالشعب وبعد عشرات السنين من القمع، جاءت وفاة الحسن الثاني بشكل مفاجئ للجميع، لأننا وكما نعلم في علم الاجتماع السياسي، عندما يطول حاكم في الحكم، سواء كان عادلا أو مستبدا، يتخيل للمحكومين والعامة وكأنه أزلي.. في نفس الوقت عانى الشعب من الضغط الاقتصادي، بالنظر لسياسة التقويم الهيكلي التي تركت جروحا كبيرة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، أضف إلى ذلك أنه خلال السنين الأخيرة لحكم الحسن الثاني أدرك الشعب أن هناك نهب وتبديد للمال العام وأمور أخرى كثيرة، فبعد موت الحسن الثاني بشكل مفاجئ كما قلت، ومجيء محمد السادس الذي كان معروف عليه من قبل، أنه أمير الفقراء، بشكل تلقائي اعتبره الناس على أنه من سيعيد الاعتبار للشعب، وان ما نهب وما بدر من أموال وخيرات يستعيدها الشعب، ومن جملة ذلك القصور كرمز للقوة، والتي يمكنها أن تتحول إلى مشاريع أو أي شيء من هذا القبيل لصالح الشعب - تُرَوَجُ إشاعات حول محمد السادس، منها ما يمكن القول إنها من محيطه، ومنها ما ينتجه الخصوم، في رأيكم ما هو الغرض من نسج هذه الإشاعات؟ الملك رمز سياسي لأنه الفاعل الأول في إدارة الحكم، فمن الطبيعي، كأية شخصية سياسية، أن يكون هناك مؤيدين لسياسته وعمله، وأن يكون هناك مناوئين؛ ففي العالم، لا يوجد رجل سياسة مهما تكن نواياه، ومهما يكن إخلاصه، لا يمكن ألا يكون له خصوم سواء من المقربين أو غيرهم، وبالتالي الإشاعات التي يطلقها محيط الملك، يمكن أن تكون إيجابية كما يمكنها أن تكون سلبية، الإشاعات السلبية قد تكون لاختبار درجة تعلق الشعب بالملك، بمعنى معرفة مدى تقبل الشعب أو رفضه لهذه الإشاعة، والإشاعات الايجابية تكون دائما لأجل صيانة صورة الملك وسمعته لدى الشعب بهذا المعنى، هل هناك من علاقة بين ما ينسج والحقيقة؟ الإشاعات أنواع، لا يمكن مثلا أن نأخذ صورة محمد الخامس في القمر كحقيقة، لا يمكن أن نتحدث عن شخص يقوم بخوارق كحقيقة، في نفس الوقت هناك الإشاعات التي ترتكز على أمثلة واقعية كثيرة، فكثير من الناس يتكلمون عن رؤيتهم للملك، على متن سيارة شخصية يسوقها بمفرده، يمكن لشخص أو اثنين أو ثلاثة من هؤلاء أن يكون فعلا قد عاينوا هذا الأمر، لكن البقية يمكنهم قول هذا الكلام لمجرد الكلام، أو لمجرد إضفاء صورة ما على أنفسهم، ونوع من الحظ في مشاهدة الملك مباشرة وفي وضع تلقائي. قد تسمع أحيانا خبرا مفاده أن الملك سيزور حيا من الأحياء، في هذه الحالة يمكن أن يكون الخبر حقيقة، كما يمكن أن يكون الغرض من نشر الخبر، إعطاء صورة ما عن نفسه، أو لدفع المنتخبين للاهتمام بالحي وتنظيفه في نظركم ما هي التربة الاجتماعية الأكثر ترويجا للإشاعة،وهل هناك فئات اجتماعية أكثر ترويجا للإشاعة المرتبطة بالملك؟ الإشاعة يمكن أن تهم شريحة معينة من المجتمع، كما يمكنها أن تخترق المجتمع بأسره، أما الإشاعات المرتبطة بالملك، فالشعب بأسره معني بها، لأن الملك ملك الشعب برمته، وكل ما هو صادر عنه أو موجه إليه يثير اهتمام الشعب كله، فإذا كانت هناك إشاعة تهم الشباب بشكل مباشر فبالضرورة ستهم آباءهم وباقي أعضاء أسرهم، أما إذا كانت هناك إشاعة تهم بشكل مباشر فئة اقتصادية، فهي بالضرورة تهم كل المواطنين؛ الملك كرمز، كل ما يهمه إلا ويهم الشعب، ليس فقط في المغرب، ففي إسبانيا مثلا، وإن كان الملك يسود ولا يحكم، الصحف الأكثر رواجا هي التي تتحدث عن الملك أو عن الملكة، مهما كان الخبر، فبالأحرى إن كان الملك قائدا سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا، ثم لا يجب أن ننسى أن المؤسسة الملكية في المغرب محاطة بهالة، وكل واحد يحاول أن ينال حظه من هذه الهالة، لهذا كل الإشاعات التي تروج حول المؤسسات الملكية تلقى صدى هل تظن أن لهذه الإشاعات دور في صنع القرار السياسي بالمغرب؟ إذا افترضنا في الوقت الراهن، إشاعة تفيد أن ثمن الخبز سيصل إلى درهمين، ألا تظن أنه سيكون لذلك تأثير على الفئات الفقيرة والكثيرة من هذا الشعب؟ ألن يكون هناك رد فعل؟ وبالتالي ألا تظن أن صناع القرار سيأخذون ذلك بعين الاعتبار؟ باستثناء إن كانت هناك خلفيات عند البعض، أو أن هذا البعض لم يأخذ العبرة من أحداث 1981؛ الإشاعة السياسية في المغرب تتغذى من عامل الأمية، حيث لا يمكن الحديث عن صورة رمز ما في القمر، اليوم، في بلد عقلاني، كما أن الإشاعة تتغذى من غياب الديمقراطية، فاستطلاعات الرأي التي من شأنها التحقق من أي خبر أو إشاعة ومن مصادر مختلفة، شبه منعدمة في المغرب، ثم، الإعلام، يمكن أن يغذي إشاعة ما إذا لم يكن نزيها، كما يمكنه دحض أية إشاعة بالتحقق منها وإبلاغ الناس بحقيقتها