"ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة ...المغرب يشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول الأسر المنتجة وريادة الأعمال    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون الإضراب    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    أكرم الروماني مدرب مؤقت ل"الماص"    الجيش الملكي يعتمد ملعب مكناس لاستضافة مباريات دوري الأبطال    تبون يهدد الجزائريين بالقمع.. سياسة التصعيد في مواجهة الغضب الشعبي    حصيلة الأمن الوطني لسنة 2024.. تفكيك 947 عصابة إجرامية واعتقال 1561 شخصاً في جرائم مختلفة    بركة: أغلب مدن المملكة ستستفيد من المونديال... والطريق السيار القاري الرباط-البيضاء سيفتتح في 2029    وزير العدل يقدم الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: أرقام حول المباريات الوظيفية للالتحاق بسلك الشرطة        الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية .. رأي المجلس العلمي جاء مطابقا لأغلب المسائل 17 المحالة على النظر الشرعي        البيضاء: توقيف أربعيني متورط في ترويج المخدرات    هولندا: إدانة خمسة أشخاص في قضية ضرب مشجعين إسرائيليين في امستردام    آخرها احتياطيات تقدر بمليار طن في عرض البحر قبالة سواحل أكادير .. كثافة التنقيب عن الغاز والنفط بالمغرب مازالت «ضعيفة» والاكتشافات «محدودة نسبيا» لكنها مشجعة    الصناعة التقليدية تجسد بمختلف تعبيراتها تعددية المملكة (أزولاي)    المغرب يستورد 900 ألف طن من القمح الروسي في ظل تراجع صادرات فرنسا    جمهور الرجاء ممنوع من التنقل لبركان    وزارة الدفاع تدمج الفصائل السورية    مراجعة مدونة الأسرة.. المجلس العلمي الأعلى يتحفظ على 3 مقترحات لهذا السبب    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث    تفاصيل الاجتماع الأول لفدرالية الصحافة الرياضية بالمغرب    يوسف النصيري يرفض عرض النصر السعودي    الشبكة الدفاع عن الحق في الصحة تدعو إلى التصدي للإعلانات المضللة        توقيع اتفاقية بين المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزارة الانتقال الرقمي    "أفريقيا" تطلق منصة لحملة المشاريع    إلغاء التعصيب ونسب الولد خارج الزواج.. التوفيق يكشف عن بدائل العلماء في مسائل تخالف الشرع ضمن تعديلات مدونة الأسرة    أول دواء مستخلص من «الكيف» سيسوق في النصف الأول من 2025    مجلس الحكومة يتدارس أربعة مشاريع مراسيم    الملك يشيد بالعلاقات الأخوية مع ليبيا    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    نظرية جديدة تفسر آلية تخزين الذكريات في أدمغة البشر    العصبة تكشف عن مواعيد مباريات الجولة ال17 من البطولة الاحترافية    "فيفبرو" يعارض تعديلات "فيفا" المؤقتة في لوائح الانتقالات    الإعلان عن تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة        عودة نحو 25 ألف سوري إلى بلدهم منذ سقوط نظام الأسد    مستشار الأمن القومي بجمهورية العراق يجدد موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمغرب        "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض    اختطاف المخيم وشعارات المقاومة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يواجه القصر الإشاعات؟
نشر في هسبريس يوم 02 - 08 - 2009

من خاصيات الإشاعة أنها تستفز من تعنيه وتبسط أو تزعج من تصل إلى سمعه، غير أن الشائعة لا تترك هؤلاء مكتوفي الأيدي، بل إنها تدفع إلى فعل التأويل والبحث والتقصي عن قصدها وغايتها. ""
لقد تعقدت دراسة ظاهرة الإشاعة بفعل علاقتها بالصحافة والسياسة ببلادنا، التي عرفت انتشار شائعات بخصوص الملك والأسرة الملكية والبلاط، بشكل كبير ومفزع أحيانا، سيما عندما تطفو الإشاعة لتعويض غياب الحقيقة، سواء الرسمية منها أو غير الرسمية، من جهة، أو لعدم التمكن من تجاوز صعوبات الوصول إلى المعلومة ومصدرها، من جهة أخرى.
ذاعت النكت عن الملك والبلاط وانتشرت في عهد الراحل الحسن الثاني، في حين كثرت الإشاعة عن العاهل والأسرة الحاكمة في عهد ابنه محمد السادس.
ففي عهد الملك الأب لعبت النكت السياسية اللاذعة دورا مهما في توصيف الواقع وانتقاد العلاقة المتشنجة والمتوترة بين النظام السياسي والقيمين على الأمور، من ناحية، والمجتمع وفئات من الشعب وشرائحه، من ناحية أخرى. وقد اتضح، بما فيه الكفاية، أن بعض الأوساط اعتمدت النكتة كسبيل من سبل النقد وكشف المستور، وأيضا طريقة من طرق معارضة الملك ووسيلة من وسائل المواجهة من وراء الستار وقناة من قنوات تمرير المواقف الجريئة، التي لم يكن من الممكن التعبير عنها جهرا أو مباشرة، أومن أجل بعث رسالة مرموزة أو واضحة لمن يهمهم الأمر، وهذا من باب "أضعف الإيمان".
في حين ذاعت الإشاعة في عهد الملك الابن وتوارت النكتة، حيث غمرت حياة الملك محمد السادس والعائلة الملكية ومحيط البلاد شائعات متعددة ومتنوعة، اتخذت أشكالا ومضامين متباينة، واعتنت بحيثيات دقيقة لها دلالاتها وسياقاتها حسب المناسبة أو الحدث أو الظرفية، ومن ضمن هذه الإشاعات ما لم يهتم بها القصر الملكي والقيمون على الأمور، وأخرى ردوا عليها توا دون انتظار لتفنيدها أو تصحيحها في مهدها.
والإشاعة أنواع وأشكال، فهناك الشائعة السياسية، التي غالبا ما تنتشر وسط النخب، وهناك الإشاعة الاجتماعية والشعبية التي تسري في صفوف أوسع فئات الشعب.
ومع بروز درجة، غير مسبوقة بالمغرب، من الشفافية، لم يعهدها المغاربة على امتداد العهد السابق، بدا كأن باب الإشاعة فتح على مصراعيه، علما أنه كلما ضاقت دائرة الشفافية كثرت الشائعات واستمرت، وكلما ساد الاستبداد برزت النكتة وتطورت.
فلا غرابة إذن في أن تروج إشاعات تحاك بخصوص الملك أو زوجته أو العائلة الملكية، لكن كيف يتم مواجهتها من طرف القصر الملكي والجهات الرسمية؟ وكيف يتعاطون معها؟ هذا ما سيحاول ملف هذا الأسبوع معالجته.
الإشاعة حول الملك والبلاط نار تشتعل بسرعة فائقة
تناسلت إشاعات كثيرة ومتعددة حول الملك محمد السادس والعائلة الملكية والبلاط منذ اعتلائه عرش البلاد خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني، بعضها تأكد، بالملموس، عدم صحتها بالدليل والبرهان، وبعضها الآخر ظل رائجا في الصفوف الشعبية دون تصحيح أو تفنيد، ولم يُعره الديوان الملكي ولا وزارة القصور أي اهتمام.
لقد راجت ليلة وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، إشاعة مفادها أن محمد السادس، وريث العرش الشرعي، تزوج تلك الليلة بدافع احترام العرف السائد داخل الأسرة العلوية والقاضي بأن الملك الجديد لا يمكنه أن يتولى سدة الحكم إلا وهو متزوج وليس عازبا.
آنذاك، قام خالد عليوة، الوزير حينئذ ضمن حكومة عبد الرحمان اليوسفي الأولى، بتكذيب هذه الإشاعة دون انتظار، حال وصولها إلى علم البلاط والحكومة، حيث نفاها جملة وتفصيلا، وأكد لحظتئذ أن الملك محمد السادس لم يكن قد تزوج بعد، معلنا، شيئا جديدا غير مسبوق في تاريخ المغرب لم يكن المغاربة متعودين عليه إطلاقا، إذ أعلن أن زواج الملك لن يكون من أسرار الدولة خلال العهد الجديد.
وفي السنوات الأولى من هذا العهد، تناسلت العديد من الإشاعات والشائعات وبعض النكت النادرة حول البلاط، خلافا لما كان حاصلا في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
لقد راجت شائعة حول وفاة أحد الحراس الشخصيين للملك محمد السادس، ونفخ فيها، حيث قيل إن الملك هو الذي كان مستهدفا، لكن تبين بعد حين أن كل ما أشيع مجرد كلام الشارع لا سند له.
وراجت كذلك إشاعة قرب عزل المستشارين الملكيين، آندري أزولاي ومحمد المعتصم، لكن الواقع كذب هذه الشائعة وفندها بسرعة، إذ حدث خلاف ما تم الترويج له، حيث تم إعفاء مستشاري الملك الراحل الحسن الثاني ما عدا مستشاره اليهودي المغربي في الشؤون الاقتصادية.
وكذلك الأمر بالنسبة لزليخة نصري التي ذاعت شائعة عزلها بفعل غضبة ملكية مستطيرة، غير أن هذا لم يحدث.
أما الجنرالان، حسني بنسليمان وحميدو لعنيكري، فقد حيكت حولهما إشاعات كثيرة ومتعددة لم تتحقق أي واحدة منها، سيما تلك المرتبطة بالعزل الوشيك أو المحاسبة والمساءلة.
ويرى بعض المحللين السياسيين والمتتبعين للشأن المغربي، أنه من الطبيعي جدا أن تتناسل إشاعات حول الملك الشاب سيما في بداية عهده لاعتبارات متعددة، منها أن الرأي العام لم يكن يعرف جيدا المتربع الجديد على العرش، خصوصا وأنه كان محجوبا، من طرف والده الراحل الذي أبعده عن الواجهة السياسية ولم يقحمه في دوامتها إلا في أواخر عمره وبقدر محسوب، وفي هذا المضمار كان طبيعيا أن يحاك الكثير من الشائعات حول شخصية الملك محمد السادس وطباعه ومزاجه سواء داخل المغرب أو خارجه.
ويذهب بعض المتخصصين في علم النفس إلى القول، إن كثرة وتعدد الشائعات المحاكة حول الملك محمد السادس والبلاط في عهده مقارنة بما حيك في عهد والده الراحل، مرده إلى اختلاف شخصية الملكين وتباين نمط حكم وعيش كل واحد منهما، وكذلك اختلاف مسارهما التربوي والثقافي.
وقد اعتبر بعض هؤلاء أن الملك محمد السادس لم يكن، في فجر عهده، يتواصل مع الرأي العام إلا خلال المناسبات التي يلقي فيها خطبه المركزة مقارنة مع خطب والده الراحل، كما أنه لم يجر الكثير من الحوارات مع وسائل الإعلام عكس ما كان يقوم به الملك الراحل الحسن الثاني. لهذا ظل المغاربة، في نظر هؤلاء، متعطشين لمعرفة ملكهم الجديد، في حين كانوا على اطلاع واسع بخصوص شخصية والده الراحل، وأسلوبه وغضباته وطبيعة مزاجه وطريقة حديثه وتحدثه للغير وابتسامته وكيفية إمساكه وشربه السيجارة وغير ذلك من الدقائق، لذلك حيكت حوله الكثير من النكت والقليل من الإشاعات، في حين حدث العكس بخصوص ابنه الملك محمد السادس.
لم يقتصر أمر الشائعات على المغاربة، وإنما حيكت كذلك إشاعات كثيرة حول الملك والبلاط انطلاقا من الخارج ومن طرف أجانب ومغاربة مقيمين بالخارج، ويظل هدف أغلبها سياسيا بالدرجة الأولى، سيما فيما يتعلق بالشائعات المتعلقة بسلوكيات الملك وبعض مواقفه وتصرفاته.
في هذا الإطار تناسلت إشاعات نسجت خيوطها بعض وسائل الإعلام الجزائرية وأخرى صدرت عن أقلام فرنسية وإسبانية، وقد رأى الكثير من المتتبعين أنها تدخل في نطاق استراتيجيات مغرضة، موجهة ضد المغرب للنيل منه عبر استهداف الملك والمؤسسة الملكية، نظرا للمكانة الرمزية للملك داخل المجتمع ولموقع العاهل كفاعل مركزي في النسق السياسي والمنظومة الاقتصادية.
خصام العائلة الملكية
في غضون سنة 2007 تناسلت بعض الإشاعات المرتبطة بشجارات داخل العائلة الملكية، سيما بين لالة لطيفة، "أم الأمراء"، وأبنائها.
وذاعت هذه الشائعات أكثر بعد نشر صورة جماعية لأفراد العائلة الملكية، انفردت بها مجلة "باري ماتش" الفرنسية، تجمع الملك محمد السادس وشقيقه وشقيقاته وعماته وأبنائهم وبناتهم بينما غابت أم الملك، ولم يحضر الأمير مولاي هشام. وقد أثار هذا الغياب الكثير من الأسئلة، سيما وأن المناسبة كانت هي عيد ميلاد الملك.
وموازاة مع تناسل الإشاعات بهذا الخصوص، خلافا لما كان سائدا في السابق، برز اسم أم الملك في وسائل الإعلام بعد تسريب نبأ تبنيها حالة الطفل ياسين، الذي كان قد أهمل من طرف جدته، بسطح أحد منازل مراكش الشعبي، وهو يقتات من فتات أكل الكلاب التي نهشت وجهه وجسمه، وأكدت أخبار منشورة بهذا الخصوص، أن لالة لطيفة حرصت على التكفل بمصاريف علاجه ورعايته، بما في ذلك إجراء عملية تجميل أصرت أن يستفيد منها الطفل الضحية في أشهر المصحات الباريسية المتخصصة في هذا المجال.
كما قررت أم الملك أن يصطحبها الطفل ياسين إلى الديار السعودية لأداء مناسك العمرة رغم صغر سنه.
وقد تزامنت هذه الخرجات الإعلامية مع تناسل الشائعات بخصوص حصول شجارات بين أفراد العائلة الملكية، كما ظهرت لالة لطيفة بلباسها الأبيض الصافي بمدينة مراكش، صحبة محمد المديوري وهو يتقدم الحراس الشخصيين لأم الملك، بمناسبة تدشينها لمسجد الهدى ببوعكاز بالقرب من مطار المنارة الدولي بمراكش.
ووالدة الملك، امرأة في عقدها السادس، مقيمة بباريس، دأبت على التنقل بين المدينة الحمراء وعاصمة الأنوار، يحرسها ويدير أعمالها مدير الحرس الخاص السابق للملك الراحل الحسن الثاني، محمد المديوري، الذي لازال مصدر ثقة العائلة الملكية، كما أنها (لالة لطيفة) هي التي جعلت من الملك محمد السادس نصف أمازيغي.
الملك يستقبل الكروج لتكذيب إشاعة إصابته برصاصة
تسرب خبر إصابة الملك محمد السادس برصاصة في إحدى يديه بالرباط، ذات يوم من سنة 2004، رفقة أحد حراسه الخاصين، وقد سرى هذا الخبر آنذاك كما تسري النار في الهشيم. فأن يصاب الرجل الأول بالمغرب برصاصة، أمر ليس سهل الهضم، خاصة من طرف الرأي العام الوطني، المعروف عنه أنه لا يترك مثل هذه الأمور تمر دون أن يطلع على تفاصيلها المملة بل وأن يُطَعِّمها بتوابله الخاصة.
إشاعة إصابة الملك محمد السادس برصاصة في إحدى يديه من طرف مجهول، ألبسها الناس شتى أنواع الألبسة، فمن قائل إن الملك أصيب خارج أرض الوطن، إلى من قال إنه أصيب في فاس وآخر في الدار البيضاء، بل هناك من أشاع أن مطلق الرصاصة يعمل في سلك الشرطة(...) خطط لهذه المؤامرة ونفذها بشارع محمد الخامس، بالعاصمة، غير بعيد عن مقر الإدارة العامة للأمن الوطني.
للتذكير فإن إشاعة إصابة الملك محمد السادس شغلت الناس لمدة أسبوعين، وهي الفترة التي لم تصادف برمجة أي نشاط ملكي ولا عقد أي مجلس وزاري، مما دفع بمستشاري الملك وعبر جهاز سري يتوفر على شعبة نشطة في تحصيل المعلومات الخاصة بهذا الشأن، بتقديم نصيحة للملك بأن يظهر لرعاياه للتأكيد أنه لم يصب بأذى.
وهكذا تقرر أن يستقبل الملك محمد السادس بقصره الملكي في مدينة مكناس العداء العالمي هشام الكروج، الذي منحه وسام العرش من درجة قائد مكافأة له على إنجازه خلال دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في أثينا باليونان، عندما أحرز ذهبيتي سباقي 1500 و5000 متر.
وأصرت الأجهزة الساهرة على البروتوكول الملكي خلال هذا الاستقبال، أن تظهر كاميرات التلفزة وصور المصور الخاص للملك محمد السادس وهو يُوشح البطل المغربي بوسام، حيث بدا العاهل رافعا يديه، لتفنيد كل الإشاعات التي راجت حول إصابته (في إحدى يديه) برصاصة سنة 2004.
شائعة زواج الملك من تطوانية
تزامنت إشاعة زواج الملك بامرأة ثانية مع اليوم الوطني للمرأة (10 أكتوبر) والذي يصادف ذكرى ميلاد مدونة الأسرة التي عدلت نصا جوهريا في المنظومة القانونية ببلادنا، واعتبرت بمثابة ثورة غير مسبوقة في تنظيم العلاقات الزوجية. وقد أشارت إحدى الروايات إلى أن زوجة الملك الثانية من شمال المغرب، وبالضبط من مدينة تطوان.
رصدت إحدى الصحف هذه الإشاعة التي فسر البعض انتشارها باستمرار وجود جيوب مقاومة التغيير الجريء التي طفت معالمه مع العهد الجديد، منذ أن اختار الملك محمد السادس الكشف عن زوجته ومنحها رسميا صفة أميرة وتخليه العلني عن عرف الحريم الذي حرص عليه الملوك العلويون منذ اضطلاعهم بحكم المغرب، وهي أشياء لم يعهدها المغاربة من قبل.
لم يول البلاط أي اهتمام لهذه الإشاعة ولم يرد عليها بأي شكل من الأشكال خلافا لنهج تعاطيه مع شائعات أخرى رد عليها على التو ودون انتظار، إما مباشرة، عبر بلاغات، أو بطريقة غير مباشرة، عبر إجراءات وتصرفات تفندها جملة وتفصيلا.
وهناك شائعة أخرى، انتشرت قبل إشاعة زواج الملك بامرأة ثانية، مفادها أن محمد السادس جعل قضية المرأة من أولويات اهتمامه بفعل إلحاح الأميرة لالة سلمى التي ظلت تسأله صباح مساء ودون انقطاع عن مآل قضية المرأة المغربية وإنصافها. وتضيف الشائعة، أن الأميرة لالة سلمى ظلت تزن على أذن زوجها الملك قائلة: "إلى متى ستظل المرأة المغربية قاصرة في نظر القانون؟ هل تريد أن ترتبط بامرأة يعتبرها قانون البلاد قاصرة كيفما كان سنها وثقافتها ومهما كان موقعها الاجتماعي؟ فكيف يعقل أن تبقى زوجة الملك قاصرة في نظر القانون والأعراف؟".
لذلك تقول الشائعة، حسم الملك الأمر يوم 10 أكتوبر 2003، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا اليوم يوم المرأة المغربية بعد إعلان الملك في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان، عن تعديل مدونة الأحوال الشخصية وتعويضها بمدونة الأسرة، التي طالها التغيير مؤخرا بخصوص موافقة الزوجة وحضورها للزيجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة للرجل، حسب رواية الإشاعة الأخيرة، حتى يتمكن الملك من زيجته الثانية.
شائعة مرض الملك
في نهاية غشت 2008 نفت وزارة القصور الملكية إشاعة نقلتها جريدة "إمبرسيال" الإسبانية، مفادها أن زيارة الملك محمد السادس للديار الفرنسية آنذاك كانت لأسباب صحية استدعت تلقي العلاج بصفة استعجالية بسبب المنشطات.
وقتئذ نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء (لاماب) عن الوزارة السالفة الذكر بلاغا أكد أن الملك محمد السادس يتمتع بصحة جيدة، كما نفى بشدة وبصفة قطعية أن يكون العاهل قد تلقى أي علاج أو رعاية طبية أو أنه خضع لعملية جراحية خلال فترة تواجده بالديار الفرنسية، وأشار البلاغ إلى أن الزيارة الملكية الخاصة لفرنسا كانت في إطار رحلة عائلية قصد الاستجمام والراحة وزيارة "أم الشرفا".
المنفى الاختياري للأمير مولاي رشيد
ذاعت شائعة اختيار شقيق الملك، الأمير مولاي رشيد، المنفى الاختياري والإرادي بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد تزامنت هذه الإشاعة مع نازلة المركب السياحي "طايتي" وعرض ملفها على أنظار العدالة. علما أنه لم يصدر أي بلاغ رسمي لتكذيب أو تفنيد ما راج في الشارع رغم حساسيته المفرطة.
تناولت هذه الإشاعة أكثر من جهة أجنبية، ونفخت فيها بشكل غريب إلى أن أوصلتها إلى درجة إظهار أن العائلة الحاكمة تعيش أزمة حادة بفعل واقع الاختلاف في نمط ونهج تدبير شؤون البلاد، واجتهد أصحاب هذه الشائعة لتبيان أن الصراع بهذا الخصوص حاصل بين الملك محمد السادس وشقيقه الأمير مولاي رشيد الذي يحتل الموقع الثالث في تراتبية سدة الحكم بعد الملك وولي عهده مولاي الحسن. وحسب مختلقي هذه الشائعة وصل التنافر في الرأي إلى حد اضطرار شقيق الملك اختيار المنفى والابتعاد عن المغرب وعن الأسرة الملكية.
كان الرد على هذه الشائعة الخطيرة عمليا، أن ظهر الأمير مولاي رشيد في الكثير من الأنشطة الرسمية وهو يقوم بمهام كلفه بها شقيقه الملك، سواء داخل الوطن أو خارجه، إذ لم يسبق أن ثقلت أجندة الأمير كما ثقلت خلال فترة ترويج تلك الشائعة. وكان أول نشاط قام به، حضوره الرسمي خلال مراسيم تشييع جثمان محمد عواد بضريح سيدي عبد الله بن حسون بمدينة سلا. وتلته العديد من الأنشطة والكثير من المهام، منها تمثيل الملك في أشغال الدورة 24 لقمة الدول الإفريقية وفرنسا المقامة بمدينة "كان"، والتي سلطت عليها وسائل الإعلام الرسمية الأضواء وخصتها باهتمام يفوق المعتاد، وكانت الغاية من ذلك تفنيد الإشاعة حول تصدع العلاقات داخل العائلة الملكية.
وقد استغرب الكثيرون لعدم صدور بلاغ رسمي بهذا الخصوص. كما ذهب بعض المتتبعين إلى اتهام المخابرات الجزائرية والإسبانية بالوقوف وراء ذيوع هذه الإشاعة للنيل من المغرب عبر النيل من ملكه والأسرة الحاكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.