أبان المغرب في الفترة الأخيرة وأكثر من أي وقت مضى ، عزمه على محاربة المخدرات وسخر لذلك جميع الإمكانات المتاحة للتصدي لهذه الآفة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد المغربي ، سيما في ظل تفرخ عدد من شبكات تجار المخدرات التي استطاعت اختراق أجهزة الدولة عبر قناة الإغراءات المادية التي تسيل لعاب بعض المسؤولين في مختلف أجهزة الدولة ، وقد كشفت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية مع عناصر شبكات تجارة المخدرات عن تورط عدد من المسؤولين الأمنيين ، يتابع البعض منهم في حالة اعتقال فيما يتابع آخرون في حالة سراح . اختلالات كثيرة دفعت الدولة المغربية إلى اتخاذ تدابير صارمة وجدية لمواجهة هذا الفساد الذي استشرى داخل أجهزة الدولة، قبل أن يمتد ليخترق جهات حساسة ، و أهم تحرك قامت بها الدولة في هذا الشأن، إعادة هيكلة فرق المراقبة والقواعد البحرية ، وذلك في أعقاب عمليات اعتقال عدد من عناصر الجهازين على خلفية تورطهم مع تجار المخدرات . حرب بلا هوادة تشنها العناصر الأمنية المغربية في إطار محاربتها للمخدرات ، أسقطت مسؤولين أمنيين في شباك الاعتقالات ، بيد أن سلسلة الاعتقالات هاته التي لم يخفي على إثرها عددا من الموظفين في أجهزة الدولة الأمنية تخوفهم منها ، لم تزعزع بعض العناصرالامنية الأخرى التي لا تزال أياديها ممدودة لتجار المخدرات الذين لا يزالون ينشطون في تهريب المخدرات نحو السواحل الاسبانية انطلاقا من سواحل الناظور على متن الزوارق النفاثة والمطاطية من مختلف الأحجام . وفي سياق ذي صلة يرى المتتبعون أن العمليات التي تشنها أجهزة الدولة على تجار المخدرات يساهم من جهة في خدمة مصالح العناصر الأمنية المكلفة بحراسة سواحل الإقليم المتواطئة مع تجار المخدرات ، إذ كلما شدد الخناق عليى تجار المخدرات بناء على تعليمات عليا ، إلا ورفعت العناصر المتواطئة تسعيرة الإبحار على تجار المخدرات ، دون أن تكترث لما يمكن أن ينجم عن ذلك ، خصوصا وان الأوضاع في الوقت الراهن لم تعد كما في السابق ، والدليل على ذلك ما انتهى إليه عدد من العناصر الأمنية المعتقلة في سجن عكاشة بالدار البيضاء على خلفية تورطها في ملفات المخدرات . لكن رغم ذلك ،يبدو أن شبح الاعتقالات لا يقلق عناصر أمنية متورطة ، فالحديث المتداول في هذا الصدد لا يوحي سوى بتلهف عناصر وراء جمع المال ، وقضاءها لعقوبة حبسية لا تتعدى 4 سنوات إذا ما ثبت تورطها ، مع ضمان مبالغ مالية محترمة يضمن حياة كريمة ، أفضل لها من استمرارها في العمل على راتب شهري هزيل ، ومعاش لا يكفي حتى لتوفير متطلبات الحياة . إن انخراط المغرب بقوة في محاربة تجارة المخدرات رغم الإمكانات المتواضعة التي يتوفر عليها ، وعلى الرغم من تداعيات هذه المعضلة الخطيرة على الأوضاع الاجتماعية التي تستهدف عددا من العائلات التي تعيش على رحمة هذه العشبة الخضراء، من ضمنهم مزارعين بسطاء بالمناطق الشمالية المنتجة لها ، تبقى عصابات تهريب المخدرات حاضرة بقوة ، في ظل التسهيلات التي يقدمها لهم عناصر تنتمي لبعض الأجهزة المكلفة بحراسة السواحل المغربية وبعض العناصر العاملة بموانئ المملكة ، وكذا عناصر أمنية اسبانية مكلفة بحراسة السواحل الاسبانية . وفي سياق ذي صلة بملف تهريب المخدرات ، ذكرت مصادر للعبور الصحفي أن أربعة زوارق مطاطية مشحونة بالمخدرات انطلقت من سواحل الناظور بداية شهر يوليوز نحو الجنوب الاسباني ، بيد أن البحرية الفرنسية المتربصة بالجنوب الاسباني تمكنت من التصدي لثلاث زوارق واعتقلت كل من كان على متنها ، فيما نجح الزورق الرابع في إفراغ حمولته بإحدى النقاط بالساحل الجنوبي الاسباني ، وأفادت نفس المصادر أن العملية الأخيرة التي تكللت بالنجاح أشرف عليها افراد شبكة يرأسها المسمى حمي المقلب ب " بارشلونة" وأعمار الملقب ب "مانتورو " المبحوث عنه من قبل السلطات الاسبانية وفي هذا السياق ذكرت نفس المصدر أن الأجهزة الأمنية الاسبانية اقتحمت منزل الأخير بتارغونا الاسبانية أوائل شهر يوليوز بغية اعتقاله ، وأضافت المصادر أن عنصرا امنيا محسوبا على احد الأجهزة المكلفة بحراسة السواحل المغربية يدعى " ع ح " متورط هو أيضا في هذه العملية . وفي ضوء الحملات التي شنتها الأجهزة الأمنية المغربية في الفترة الأخيرة ضد تجار المخدرات ، والتي أسفرت عن اعتقال عدد من البارونات في كل من الناظور وتطوان وطنجة إلى جانب الاعتقالات التي طالت عددا من المتعاونين معهم بالمغرب واسبانيا ، ظلت رؤوس كبيرة تنشط في تجارة المخدرات على الصعيد الدولي في منأى عن هذه الاعتقالات ، حيث يسجل تنقلهم بكل حرية بالمدينة رغم أن صيتهم ذاع على أوسع نطاق وابرز هؤلاء ( م ك ) الملقب ب "الرانا " المقيم بمليلية المحتلة ، وتشير المصادر أن الأخير يتنقل بصفة مستمرة بين المغرب وأوروبا وكولوبيا وبعض الدول الأسيوية ، في إطار نشاطه في تجارة المخدرات ، هذا إلى جانب عناصر أخرى لا تزال تتنقل بكل حرية في مناى عن الاعتقال، أمثال ، الملقب ب " أمخزني " وهو ابن جندي سابق بالناظور، ويعد أمخزني من كبار تجار المخدرات و ينشط بطريقة سرية رفقة احد أفراد عائلته الذي يشغل منصب رئيس مجلس منتخب، علما أن الأخير ظفر بهذا المنصب باستعماله أموال العشبة الخضراء ،بدعم من أمخزني و قيصر المخدرات بالناظور مالك البر والبحر، واللائحة طويلة . العبور الصحفي