في خضم المجهودات التي يبذلها المغرب لمحاربة تجارة المخدرات ، بعدما وضع الأخير في دائرة الانتقادات اللاذعة التي وجهت له لسنوات طوال من قبل الدول الغربية ، وربما كانت هذه الانتقادات الدافع الذي حفز المغرب ليشمر على أكتافه ويسخر كل الإمكانيات المتاحة من اجل التصدي لمعضلة تجارة المخدرات التي فرخت ما يسمى مافيا تجارة المخدرات بعدد من المدن المغربية والأوربية . ومن ثمار هذه المجهودات ، تفكيك عدد من شبكات تجارة المخدرات واعتقال رؤوس كبيرة تنشط ضمن شبكات دولية ، فضلا عن اعتقال عدد من العناصر الأمنية المتواطئة معها وكانت آخر الشبكات التي تم تفكيكها من قبل الأجهزة الأمنية المغربية ، شبكة نجيم الزعيم الملقب ب "الحاج " الذي اعتقل أوائل شهر مايو المنصرم بناء على مذكرة بحث كانت صدرت في حقه من قبل السلطات الأمنية بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات والضرب والجرح المفضيين إلى الموت ، وكشفت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع الزعيمي عن عدد من الرؤوس الكبرى النشطة في تهريب المخدرات على المستوى الدولي ، من ضمنهم البرلماني سعيد شاعو، والمسمي فكري المقيم بمدينة أليكانطي الاسبانية إلى جانب عدد من المتعاونين مع الزعيمي . وتعتبر قضية الزعيمي الأخطر في تاريخ عمليات تهريب المخدرات بالمنطقة نظرا لبشاعة الجريمة التي اقترفها الأخير، لكن هذه القضية لا يمكن فصلها عن باقي الجرائم التي اقترفها كبار تجار المخدرات في حق عدد من شباب المنطقة الذي قضوا نحبهم في عرض البحر . وعلى اثر هذه المجهودات التي لا يستهان بها أشادت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير صدر عنها بتاريخ 2 مارس 2010 بمجهودات المغرب في محاربة المخدرات لكنها لم تخفي في ذات الوقت قلقها فيما يتعلق بعمليات تبييض الأموال . وفي سياق مرتبط يتبين جليا من خلال الواقع المعاش أن تجار المخدرات يلجئون إلى تبييض أموالهم القذرة في عدد من المجالات لإضفاء الشرعية عليها ، وذلك عبر القيام بمشاريع تجارية وسياحية ، سيما في مجال العقار الذي يبقى الوجهة المفضلة لتجار المخدرات بغية تبييض أموالهم بمختلف المدن المغربية ، وبالأخص بكل من الناظور طنجة تطوانالدارالبيضاءمراكشفاسمكناس وأكادير ، وهو ما يمكن تأكيده من خلال التحقيقات التي باشرنها الأجهزة الأمنية مع تجار المخدرات الذين تم اعتقالهم في الحملات الأخيرة . و تقدر أموال تجار المخدرات التي يتم تبييضها بملايير السنتيمات ، ويكفي الإشارة إلى ال 32 فيلا التي تم هدمها أواخر شهر مايو بتطوان والتي قدر ثمنها ب9 ملايير سنتيم و تعود في ملكية أحد كبار البارونات المعتقل باحدى السجون المغربية .هذا إلى جانب الأموال والأملاك التي حجزت للمدعو لحفا ب والتي قدرت أيضا بالمليارات ، فضلا عن الأموال الطائلة والأملاك التي ضبطت عند الزعيمي. وعلاقة بالموضوع تجدر الإشارة إلى أن المجال العقاري بالناظور بات في قبضة تجار المخدرات الذين يدخلون في منافسة قوية فيما بينهم للاستحواذ على أهم البقع الأرضية ذات المواقع الإستراتيجية ، وقد أدت هذه المنافسة إلى ارتفاع أسعار العقار بسرعة صاروخية ، ونموذج على ذلك تجزئة المطار " الناظور الجديد " الملتهبة الأسعار ،فيما تحولت منطقة بوعارك إلى قصور صغيرة لتجار المخدرات . وفي غياب قوانين صارمة تخول بموجبها مراقبة الأموال التي تجنى بطرق غير شرعية ومصادر الثروات المستثمرة في عدد من القطاعات ، يستمر جشع تجار المخدرات وتلهفهم وراء المزيد من البقع بحثا عن غطاء لتبييض أموالهم الوسخة بطرق ملتوية مستغلين في ذلك الفراغ القانوني الذي شجعهم على المضي قدما فيما يبقى العقار آخذ في الارتفاع . يشار أن عددا كبيرا من تجار المخدرات بالناظور ممن لم تشملهم الاعتقالات ما زالوا يسيرون مشاريعهم بعدد من المدن المغربية ،عن طريق غسل أموالهم المتأتية من نشاط تهريب المخدرات الذي يتم من سواحل الإقليم ومن بعض النقاط الأخرى التي تتخذ لذات الغرض ومن أبرزها مينائي الدارالبيضاء وطنجة . وأمام المجهودات التي تبذل في هذا الإطار للقضاء على هذه الظاهرة والضرب بيد من حديد على أيدي كل من تسول له نفسه المشاركة لاستفحال الظاهرة وتوسيع رقعتها ، لا بد من التنويه بالعمل الذي تقوم به العناصر الأمنية المغربية ( الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والدستي ) في مواجهة مافيا المخدرات التي أخذت أنشطتها في المدة الأخيرة منحى آخر أشبه بأنشطة العصابات الإجرامية بالدول الغربية التي تلجأ إلى تصفية الحسابات فيما بينها عبر استعمال أساليب الاختطاف والتعذيب والقتل . ورغم كل المجهودات التي تبذل لمحاربة تجارة المخدرات تبقى مافيا المخدرات ماضية في أنشطتها طالما أن زراعة وإنتاج القنب الهندي ما زال قائما ، هذا إلى جانب تزايد الطلب على هذه العشبة ، فضلا عن تواطؤ العناصر الأمنية المكلفة بحراسة السواحل المغربية ومراقبة الموانئ . المصدر : العبور الصحفي