"المعركة الحقيقية اللتي تواجه أي شعب في أي زمان أو مكان ليست بمعركة احتلال الأرض , انما هي معركة احتلال فكر و عقل , و هي ليست لاحلال شعب مكان شعب , بل لاحلال فكرة مكان فكرة , و المبدأ مكان المبدأ ,فاذا أردت أن تحتل شعب فاحتل فكره و اهزم عزيمته و ايمانه بقضيته , فان فعلت أتتك أراضيه و خيراته تسعى اليك طواعية." يعيش اليوم أغلبية الشعب المغربي بدون عزيمة و بدون وعي , فقد تم تدمير ما تبقى من مبادئه و أخلاقه , فكيف سينضال من أجل حقوقه و هو لا يعرفها, بل و حتى ان عرفها يضل حبيس أنانيته و هواجسه التي رسخت فيه بعد 'الاستقلال' بمخططات بدأت بوصول العائلة الحاكمة الى "الحكم" .هنا نذكر بعض المخططات على سبيل المثال لا الحصر : تصفية جيش التحرير , قمع انتفاظة 58-59 بالريف , سياسة التهجير و تشتيت الشعب المغربي, التعريب و طمس الهوية و التاريخ, استعمال المساجد سياسيا لاستعباد الناس ,تفريغ المناهج التعليمية من المعرفة و الفكر , احتكار الاعلام و استعماله كأدات لتنويم الشعب , احتواء ما تبقى من الأحزاب اليسارية... ان المخططات التي طبقها المخزن على الشعب لاتعد و لاتحصى بمساعدة شركائه الرأسماليين , فيكفي أن نقول انها دروس مكيافيلية أتقن المخزن تنفيذها, انه كمن يدعي السلام بالنهار و يقتل ليلا في الظلام الحالك , ينشر الجهل و يدعي غير ذالك . لكن السؤال المطروح هل حكم على الشعب المغربي نهائيا بهذا القدر الذي يعيشه , و هل تقبل الأمر الواقع حل ؟ قطعا لا , لأن المؤمن بالتغير لن يتراجع عن طموحه مهما و قع , و الأكيد أن الشعب يحلم بغد أفضل , فقط يبقى من يقوده الى صنع هذا التغير الحقيقي الذي سيقطع مع الدولة المخزنية . هنا قد يتسائل البعض عن كيفية تحقيق هذا التغير المنشود , طبعا دائما ما نقرأ التاريخ لكي نستفيد منه, كما نقرأ الواقع و نخلص الى خلاصلات مفادها أن التغير سيأتي بقوتيين , قوة داخلية و قوة خارجية. فماذا أعني بالقوتيين ؟ ان القوة الداخلية هي تلك القوى الحية التي تناضل من أجل تحسين شروط عيش المواطنين , أي اللذين اختاروا الاصلاح من داخل النسق السياسي المغربي لاكن أقصد فقط ذوي الحمولة الثورية ,المستعدون دائما للوقوف مع الشعب. كما أن القوة الخارجية تكمن في أبناء الشعب اللذين يعملون سرا و علنا من أجل فضح السياسات التي تستهدف جيوب الفقراء , انهم اليساريون الذين يسعون بتوعية الشعب الى تأجيج الصراع . اذا فالتغير ممكن اذا ما التحمت جهود الطرفين و توحدت أهدافهما . فقط يجب عدم نشر ثقافة اليأس بين الشباب , فالمخزن هو الذي يفعل ذالك ليل نهار . حقنا كمغاربة في العيش الكريم لا يمكن لأحد أن ينتزعه منا , هذا الأمل يجب تغذيته بروح ثورية واعية منظمة و منسجمة مع الواقع . انها حقا معركة احتلال فكر و عقل , فغسل العقول و برمجتها مهمتهم , و مهمتنا تكمن في تنوير العقول و تحريرها , هذا لن يأتي بنشر الاشاعات التي يروج لها المخزن بشكل يومي في جميع وسائل الاعلام منه الالكتروني و الورقي , بل بتقديم حلول و السعي الحقيقي لتنفيذها . ان الفكرة الأساسية هي اعادة طرح السؤال و استعادة المبادرة من الشعب بتنمية وعيه السياسي , فبدون ارادة و أخلاق و وعي بالقضية و الامان بها لايمكن أن نتقدم , انها قضية شعب بأكمله , شعب يسعى الى تحقيق كرامة و عدالة اجتماعية . ختاما ,أيها القُرَّاء الكرام ,ان رسالتي واضحة, أدعو فيها الى وضع حد للنزيف الدامي الذي يستنزف ليس فقط ثروات الشّعْب المادِية والرمزية، بل ينهب حياة المواطنين، حياة المغاربة المقهورين تُسرق منهم، ويُسرق معها الحلم الجميل في مغرب ديمقراطي. المغاربة اللذين ناضل أجدادهم المقاومين بشراسة ضد المستعمر يستحقون واقع أفضل . كما أدعو الى تشكيل جبهة موحدة مشكلة من قوى التغيير للعمل المشترك بين كافة قوى شعبنا التى تناضل مرحليا من اجل تجاوز دولة "المخزن" والانتقال إلى الدولة الديموقراطية.