دائما في نقاشتنا ونقشاتهم نحاول و يحاولون أن ينافقوا واقعهم الذي يؤسس لحقيقتهم التي وجدوا أنفسهم عليها أو التي ساهموا في صناعتها، ألا وهي "زيبوقراطية" الأفراد في المجتمعات المتخلفة التي تحاول ادعاء الديمقراطية. إذن "فالزيبو قراطية" هي ادعاء الديموقراطية في جو تفوح منه الزبونية والمحسوبية، هكذا أصبحنا نتمسك بهذه الآخرة في طريق ستؤخر شعوبنا ولقرون مزيدة. بل أكثر من هذا، ويا حصراه ينتجها حتى المثقفين والمناضلين، الذين كنا نعتقد أنه على عاتقهم تبنى الديموقراطية، لكنهم في الواقع يبنون لنا وهما اسمه "الزيبوقراطية"، و يعبرون عن مواقفهم وكأنها مشدودة لرقباهم، غير أنها في واقع المطاف مطية لمصاحبة مفهوم الزيبوقراطية. هكذا نخدع أنفسنا على وعينا الشره بقضايا الإقصاء، رغم كل ما نحمله من أفكار ورغم إطلاعتنا وحتى نظالتنا، فأصبحنا نأخذ عصر الأنوار الذي أنتج هذه المفاهيم وهذه القضايا لبناء حضارة المتقدمين، غير أننا نحن بنهضتنا التي ندعيها نهضم وندس على لب الديمقراطية لنفرغها من محتواها الحقيقي ونقوم بملئها بالزبونية والمحسوبية في عديد المجالات، التي يسعى فيها الأشخاص وراء قضاء حاجتهم، إلا أنهم يصطدمون بمجتمع تخيطه "الزيبوقراطية" من كل جوانبه، فما دائما ما يهمشون أو يقام بإقصائهم ولو كانت إمكانيتهم وكفاءتهم مهما كانت. إذا حاولنا التأصيل لهذا التمازج والخلط المفاهيمي العملي سنشير إلى أن المجتمعات التي لا زالت بنيتها اللاواعية ينخرها تراثها الفاسد، لا يمكن أن تتغير ولو تغير وعيها، ما دام أن الأمر لم يتخذ شكلا جذريا في ضرب التراث الموروث من عصر الانحطاط، وللقطع معه يجب أن يكون من جهتي الوعي واللاوعي، من أجل بناء حداثي، تعيش فيه الديمقراطية بكينونتها الحقيقية، وكذا من أجل التصدي لبعض الزيبوقراطيين الذين تجدهم في الكتب والتعليم والصحافة وكل المجالات بداية من الاقتصاد إلى عالم الشياطين :"السياسة"، وفي كل مناحي الحياة، لذا من أجل تأسيس حداثي في استحداث أنظمة تسير نحو الديمواقراطية ألا "زيبوقراطية"، هو أن نقطع التراث الذي يحمله اللاوعي الجماعي للمجتمع المتخلف، عن طريق خلق قطيعة في الأجيال القادمة، وتبيان لمنافذ "الزيبوقراطية" وتطورها، ليقف صدا لها ليعيش أجيال الغد في مجتمع تحكمها المعقولية في الإنتاج والمساواة في الحقوق، والأخذ بزمام التقدم. برغم أننا نجد آثارا "لزيبوقراطية" حتى في المجتمعات التي تعتبر نفسها ديموقراطية. عموما تبقى "الزيبوقراطية" من عالم الإنتاج الرأسمالية، وإنهاءها لن يكون إلا وسيلة من اجل بديل يحد من بطش المتوحشين الزيبوقراطيين.