قراءة في القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، والقانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. نكتب من أجل وطننا، من أجل مواطنينا، وطن تكون فيه الكلمة للشعب وحكم الشعب للشعب. المشاركة في الانتخابات، بالتصويت أو الترشيح، عملية لها طعم خاص كما يعلم الجميع، وأمانة عرضها الله على السموات والارض، فحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا. مقاطعتها في الظروف الحالية لها ما يبررها، يتحمل فيها الجميع جزء من المسؤولية . من خلال اطلاعنا على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، خاصة القانون التنظيمي لأحداث العمالات والأقاليم والجهات، في ظاهره منح اختصاصات واسعة واستقلالية مالية وتدبيرية قوية للمجالس المنتخبة، لكن في باطنه مقاربة أخرى مازالت تتحكم فيها سلطات الوصاية، ويمكن تبيان ذلك من خلال جرد لبعض اختصاصات الوالي: يتدخل الولاة وعمال الأقاليم في العملية الانتخابية من البداية حتى النهاية، فحسب المادة 15من القانون التنظيمي رقم 59.11 يعين الوالي أو العامل، 48 ساعة على الأقل قبل تاريخ الاقتراع، من بين الموظفين أو الأعوان العاملين بالإدارة العمومية أو الناخبين غير المترشحين الذين يحسنون القراءة و الكتابة، و تتوفر فيهم شروط النزاهة و الحياد، الأشخاص الذين يعهد إليهم برئاسة مكاتب التصويت، وهو نفسه المكتب الذي يتولى فرز الأصوات وإعلان النتائج طبقا للمادة 23 من هذا القانون. 1 رغم ان القانون رقم 111.14 منح لرئيس الجهة اختصاص الامر بالصرف، ورئيس السلطة التنفيذية لمجلس الجهة، وانتخاب أعضاء المجلس لأول مرة بالاقتراع العام المباشر. فإن جميع قرارات المجلس لن تصبح قابلة التنفيذ الا بعد التأشير عليها من طرف والي الجهة. 2 طبقا لمقتضيات الفصل 145 من الدستور يمارس والي الجهة المراقبة الادارية على قرارات رئيس الجهة ومقررات مجلس الجهة، (الباب الثالث، المادة 112). 3 يعقد المجلس دورة استثنائية بحكم القانون في حالة تلقيه طلبا في هذا الشأن من قبل والي الجهة. يبلغ رئيس المجلس جدول أعمال الدورة إلى والي الجهة عشرين يوما على الأقل قبل تاريخ انعقاد الدورة(.المادة 40و41). 4 تدرج، بحكم القانون، في جدول أعمال الدورات النقط الإضافية التي يقترحها والي الجهة، ولا سيما تلك التي تكتسي طابعا استعجاليا.(المادة42). 5 يتعين تبليغ نسخ من محاضر الدورات ومقررات مجلس الجهة وكذا نسخ من قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية إلى والي الجهة داخل أجل لا يتعدى خمسة أيام. (المادة 113). 6 يتعرض والي الجهة على كل نقطة مدرجة في جدول الأعمال لا تدخل في اختصاصات الجهة أو صلاحيات المجلس.(المادة44). وهنا يطرح التساؤل لماذا لا يحق لرئيس الجهة ولمجلسه وهو الذي انتخب بشكل ديمقراطي على الاقل التعرض على قرارات السيد الوالي؟ حتى يكون هناك نوع لتوازن في السلط. 7 في ما يتعلق بعقد الجلسات بالرغم من ان المادة 51 من هذا القانون نصت على أن الجلسات مفتوحة، الا انه إذا تبين أن عقد اجتماع في جلسة مفتوحة للعموم قد يخل بالنظام العام، جاز لوالي الجهة طلب انعقاده بشكل غير مفتوح للعموم. 8 لا تكون مقررات المجلس قابلة للتنفيذ الا بعد التأشير عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية. (المادة115). 9 إذا وقع توقيف أو حل مجلس الجهة لأي سبب من الأسباب، وجب تعيين لجنة خاصة بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية يترأسها والي الجهة الذي يمارس بهذه الصفة الصلاحيات المخولة لرئيس مجلس الجهة بموجب أحكام هذا القانون التنظيمي. 10 تمارس الجهة اختصاصات ذاتية، واختصاصات مشتركة مع الدولة، واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة. ويمكن أن تتم ممارسة هذه الاختصاصات المشتركة طبقا لمبدأي التدرج والتمايز عن طريق التعاقد مع الدولة كما يمكن نقل اختصاصات على سبيل التجربة لمدة محددة اما لإحدى الجهات او لبعضها(المادة80). يتحدث القانون هنا كأن الجهات قاصرة غير قادرة على تدبير أمورها. 11 خولت المادة 118 من هذا القانون للمواطنين والمواطنات الحق في تقديم العرائض، الا أنها اشترطت عددا مبالغ فيه (أكثر من 600 ناخب) وأن يكونوا مسجلين في اللوائح الانتخابية، ويمكن أن نتساءل مع المشرع هنا، لماذا أقصي المواطن الغير المشارك في الانتخابات، مع العلم أن الجميع يساهم في التعويضات التي يتلقاها أعضاء المجلس، والميزانيات التي ترصدها الدولة للجهات والجماعات الترابية. أما الجمعيات المقبولة لتقديم العرائض هي التي اشتغلت على الموضوع المرتبط بالعريضة وأن تكون لها أقدمية تزيد عن ثلاث سنوات. كما يمكن اعتبار هذا الحق هو نوع من التحايل على قانون آخر انتظره المغاربة منذ عقود، وهو قانون الاضراب. فكل مواطن أراد أن يمارس حقه في الاضراب سيتعرض للقمع بمبرر وجود حق أريد به باطل وهو الحق في تقديم العرائض. 12 ولأجل تمكين مجالس الجهات من تدبير شؤونها سيتم إحداث الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، والتي سترصد لها الجهة الموارد المالية و تضع رهن اشارتها الموارد البشرية، ويتم تعيين على رأسها مدير، كما تنص المادة 124، يتم التعيين في جميع المناصب بإدارة الجهة بقرار لرئيس مجلس الجهة. غير أن قرارات التعيين المتعلقة بالمناصب العليا بها تخضع لتأشيرة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، ويعتبر المدير الرئيس التسلسلي لمستخدمي الوكالة، ويمكن له، بهذه الصفة، أن يعين ويعفي مستخدميها طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل. 13 يمكن للجهة ومجموعاتها ومجموعات الجماعات الترابية المنصوص عليها أدناه إحداث شركات مساهمة تسمى شركات التنمية الجهوية. المادة 146. 14 أمام كل هذا فاذا كانت الوكالة الجهوية للتنمية هي التي ستتكلف بتدبير أمور الجهة وتنفيذ مشاريعها والتصرف في ميزانيتها، فما الجدوى إذن من هذه الانتخابات، فلندع الامر إذن منذ البداية للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية لتعيين من تراه هي قادر على تسيير الامور وخدمة الصالح العام، بدلا من انفاق أموال الشعب على تلك الحملات الانتخابية لأحزاب تتنابز هنا وهناك لتزكية وجوه بالية أغلبهم لا حول ولا قوة لهم سوى أكل أموال الناس بالباطل. ولكي تمر العملية الانتخابية بسلام وتنظيم محكم، تنص عدة مواد من القانون التنظيمي59.11 على عقوبات مختلفة أشدها الواردة في المادة 58، حيث يعاقب بالسجن من عشر سنوات الى عشرين سنة كل من اقتحم أو حاول اقتحام قاعة التصويت بعنف لمنع الناخبين من اختيار لائحة ترشيح أو مترشح بناء على خطة مدبرة اتفق على تنفيذها إما في جميع أرجاء المملكة أو في دائرة انتخابية. هي إذن فلسفة عميقة تتحكم في صياغة قوانين بلادي، "تمنح لك كل شيء ولن تأخذ أي شيء"، هي نفسها التي تحكمت في صياغة أسمى قانون للدولة.