قبل خروجي من السجن المحلي بأيت ملول بأسبوع، بدأت أشعر بألم خفيف في صدري كثيرا ما يتسبب لي بصداع في الرأس، وكنت أظنه نتيجة طبيعية لتناول أغذية السجن التي غالبا ما تكون غير متوفرة على أبسط الشروط الضرورية للتغذية، بالإضافة إلى ظروف السجن المختلفة التي تشبه إلى حد كبير مطرح القمامة في أحد الأحياء الفقيرة، وأنه مع مرور الوقت سيزول. لكن الغريب في الأمر هو أن الألم لم يختف رغم مرور أسبوعين على مغادرتي السجن حتى الآن، وبدلا من ذلك صرت أشعر به يتصاعد أسبوعا بعد آخر، مما يدل على أن الأمر يحمل خطورة كبيرة وأن وراءه نية مبيتة وهذا هو الأخطر، وهو أحد الأهداف التي من أجلها تم اعتقالي وإدخالي للسجن؟!. وكثيرا ما فكرت في إجراء فحص طبي، ولكن لقناعتي الراسخة بأنه لا يوجد في المغرب طبيب يستطيع أن يقول الحقيقة في ملف له علاقة بأبسط موظف في الدولة وبالأحرى بالمؤسسة الملكية — والواقع المعاش خير دليل — عدلت عن الفكرة. إن الأهداف التي من أجلها أعطت المؤسسة الملكية الضوء الأخضر لمخابراتها لاعتقالي والزج بي في السجن ستة أشهر ظلما وعدوانا بواسطة قرار من المحكمة وفي غياب تام للدفاع، هي كالتالي: أولا، فرض الحصار الحقوقي والإعلامي على القضية بطريقة غير مباشرة، فبعد الحملة الإعلامية التي قمت بها عبر الإنترنيت ومختلف وسائل الإعلام العربية والدولية وما نتج عنها من مواقف لصالح القضية، من أطراف عديدة دولية ووطنية وبعد التحركات داخل المغرب كان أخيرها تسليمي الملف إلى اللجنة الأممية الخاصة بالتعذيب أثناء زيارتها لمدينة العيون بالصحراء منتصف غشت 2012، ومنها كنت متوجها إلى الرباط لتسليم نسخة منه كذلك لوفد منظمة العفو الدولية الزائر، وذلك بتاريخ 2/10/2012 ، كل ذلك ساهم في جعل المؤسسة الملكية في دائرة الأضواء الكاشفة ليل نهار، فكانت النتيجة الحتمية الرمي بي إلى السجن. ثانيا، الحصول على الفرصة المناسبة لتدميري صحيا عبر مواد كيميائية خطيرة، تصنع خصيصا لعمليات الإنتقام الأسود ويتم دسها في المواد الغذائية التي أتناولها داخل السجن، ومن طبيعتها أنها تقضي على بعض أعضاء الجسم الأكثر أهمية مثل الكليتين أو الكبد... فتجعل المريض بها يعيش ما تبقى من عمره بين الموت والحياة؟. لكن تلك المواد لا تقوم بالتدمير الفوري لتلك الأجهزة، وإنما بتدميرها تدريجيا وبعد شهور عديدة قد تتجاوز سنة كاملة، مما يفتح باب البراءة أمام الجناة ويشجعهم على المزيد. ثالثا، التعتيم على قضيتنا كأبناء لاجئ سياسي محتجزين كرهائن ونتعرض للاغتيال والتعذيب الممنهجين، وذلك من خلال تصوير القضية للرأي العام على أنها مجرد مطالب حقوقية واجتماعية نطالب بها كما يطالب بها باقي ساكنة سيدي إفني وليست قضية محتجزين كرهائن، والنتيجة الطبيعية لهذا التعتيم هي الاحتفاظ بنا كرهائن لمزيد من الوقت وممارسة المزيد من الاغتيالات والتعذيب مع كامل الأسف الشديد!!.
وهناك هدف رابع سنتحدث عنه لاحقا. إن السبب الذي من أجله تحتجزنا المؤسسة الملكية كرهائن ليس هو كوننا أبناء لاجئ سياسي وحسب، بل بسبب النقد الذي كتبه والدنا بعنوان "هذه حقوق الإنسان بالمملكة المغربية" وانتقد من خلاله الدور الخطير للمؤسسة الملكية في الموضوع - ولاحقا جاء ظهور المقابر الجماعية السرية ومعسكرات التعذيب السرية وما لاحصر له من المختطفين ومجهولي المصير لينصفه التاريخ فيما كتب؟ — داعيا في نفس الوقت إلى إقامة نظام جمهوري كحل بديل ووحيد، ولم تحتجزنا لسبب آخر غيره. كما أنه نفس السبب الذي من أجله تعرض والدنا لمحاولة الاختطاف مرتين سنة 2002 ثم سنة 2007، وحتى بعد ما سحب جنسيته المغربية ولم تعد تربطه أي علاقة بالمغرب كمواطن، تعرض كذلك لمحاولة الاغتيال بواسطة طبيب ببروكسيل بتاريخ 22/4/2008 . إن احتجازنا كرهائن منذ مارس2007 قد أزاح آخر جزء تبقى من القناع عن الوجه الحقيقي لمسرحيات القصر التي يسميها (هيئة الإنصاف والمصالحة) و (المجتمع المدني) و (ديوان المظالم) و
(المجلس الوطني لحقوق الإنسان) و (الدستور الجديد للتاسع من مارس 2011) التي من المؤكد أنها لن تكون آخر مسرحية من مسرحيات المسلسل ما دام الجمهور المتلقي فاقدا لحاسة النقد. لكل الأسباب الآنفة الذكر فإننا: نشجب وندين ونستنكر بأشد العبارات وأقواها، هذه الجريمة السياسية النكراء المتمثلة في اغتيال شقيقتنا بأقراص طبية واحتجازنا كرهائن منذ مارس2007 وممارسة التعذيب الممنهج علينا من طرف عناصر المخابرات والشرطة والبلطجيين, وأخيرا الزج بي في السجن ستة أشهر ظلما وعدوانا، ونحمل المؤسسة الملكية كامل المسئولية عن كل ذلك وعن المواد الكيميائية الخطيرة التي مزجتها المخابرات بما تناولته من غذاء في السجن. كما نناشد كافة الضمائر الحية التدخل العاجل لدى المحافل والمنظمات الدولية وحثهم على تحقيق المطالب التالية:
1 وقف برنامج الاغتيالات والتعذيب وإطلاق سراحنا عاجلا وإلحاقنا بوالدنا ببلجيكا طبقا للمعاهدات والقوانين الدولية الجاري بها العمل.
2 إخراج جثمان الشهيدة حليمة حمودا شقيقتنا من القبر عاجلا للتشريح، في إطار تحقيق شفاف ونزيه وتحت إشراف المجلس الأممي لحقوق الإنسان، يكشف عن السبب الحقيقي للوفاة وعن منفذي جريمة الاغتيال ومنهم طبعا الدكتورة ربيعة الصيفي الطبيبة بعنوان عمارة بنزيان الطابق الأول رقم 13 شارع الحسن الثاني أكادير وعن مصدر القرار بالتنفيذ وتقديمهم للعدالة الدولية أيا كانت مناصبهم مع التعويض عن كافة الأضرار المادية والمعنوية.
3 فتح تحقيق حول برنامج التعذيب الذي تنفذه علينا عناصر من المخابرات والشرطة منهم الشرطي المسمى محمد تيمستيت والبلطجي حسين قجي وعن مصدر القرار بالتنفيذ وتقديمهم للعدالة الدولية أيا كانت مناصبهم.
4 فتح تحقيق حول مؤامرة الاختطاف التي كان القصر يمهد لتنفيذها في حق والدنا كما يشهد بذلك البيان الذي كتبه القصر بقلم المحامي محمود الزهيري بتاريخ 30/9/2010 وتقديم كل من يثبت تورطه الى العدالة الدولية أيا كان منصبه وإلزام المحامي بأن يعيد لنا مبلغ 1000 أورو, ومنعه من مهنة المحاماة نهائيا طبقا للقانون. وما ضاع حق وراءه طالب. التوقيع: محمد حمودا.
المرفقات نسخ من الوثائق التالية: 1 شهادة الإعتراف بأبينا كلاجئ سياسي معترف به رسميا بتاريخ 1/9/1993 تحت رقم 12044 2 وصفة الدواء القاتل الذي نفذت به الدكتورة ربيعة الصيفي جريمة الإغتيال. 3 تقرير الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان الى وزير الداخلية لإخراج جثمان المرحومة من القبر للتشريح وإطلاق سراح الأبناء ليلتحقوا بوالدهم ببلجيكا.